صدرت على مدى الثلاثين عاما الماضية العشرات من الموسوعات والكتب التي تتناول سير وحياة الادباء والشعراء والصحفيين العراقيين، وكل منها كان له وقعه واثره في الاوساط الادبية والصحفية، ان كان في طريقة التناول والاعداد والتغطية، وكانت ببلوغرافيا جميلة وجامعة ومعطاء من حيث السيرة والانجاز والعطاء للشخصية التي اهتمت بها.
وغالبا اختصت اما بفترة زمنية محددة او لفئة عمرية معينة او اعتمدت الانجاز المميز خلال المسيرة او من خلال الحضور والشهرة واغفلت او اهملت شخصيات واسماء اخرى تلتقي في الابداع والاختصاص الا انها لم تأخذ حيزها من الشهرة الكافية التي تتيح لها الدخول لنادي النخبة، او قد يكون لمعان الشخصية كافيا لاعطائه الاولوية او استجابة للعلاقات المتنوعة بغض النظر عن عطائه وانجازه وابداعه وتميزه في القصيدة والرواية او اي لون من الالوان الصحفية، وخلاصة القول هناك معيارية معتمدة في اية واحدة من تلك الموسوعات والببلوغرافيات التي صدرت سابقا.
وفي هذا العام وبعد جهد ومثابرة على مدى سنوات ظهرت الى النور اضخم موسوعة صحفية اعدها وحررها الكاتب والصحفي المخضرم صادق التميمي الذي حرص ان ينجز ببلوغرافيا مميزة تعرف وتوثق حياة الصحفيين والاعلاميين العراقيين وبمختلف اجيالهم متجاوزا النخبوية وغيرها، مستعينا بطريقة ذكية لتجنب الاحراج وهي طريقة الحروف الهجائية، ولأجل ان يشعر الجميع بأهميتهم ودورهم وماقدموه وخاضوه خلال حياتهم الصحفية وفرش موسوعته على اكثر من الصفحة حملت سير واثار مميزة لرجال القلم والعدسة والصوت الصحفي الاخباري ليقدمها للجمهور العراقي الذي يجهل ادوار الكثير منهم في الصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذلك للجمهور العربي الذي هو الاخر لايعرف الكثير عن اهل المهنة من بلادنا سوى ماعرف من معلومات قليلة عن بعضهم، رادا على احد الوزراء العراقيين الذي قلل من انجاز الصحفيين والاعلاميين العراقيين وتحداه بهذا المنجز الموسوعي الضخم قائلا له: يوجد الكثير من الكتاب والصحفيين العراقيين ممن هم بمستوى الراحل محمد حسنين هيكل مثلا.
واشار له ان هناك الكثير من الاقلام والاعلام العراقيين تعدت كتبهم ومؤلفاتهم العراق وصولا الى الفضاءين العربي الاجنبي، وانزعج الوزير حينها منه، واهدى هذا العمل الكبير المميز الى حملة القلم من صحفيين واعلاميين مهنيين من الجيلين اجادوا فنون المهنة والفوا وكتبوا، والى كل من اشعل شمعة في دروب المهنة، والى كل من وقف على منابر العلم واعطى من حصيلة فكره لينير دروبنا، وطوبى لكم ولعراق لايحيا إلّا بأقلامكم، ان المؤلف الزميل قد امضى سنوات في عمله التوثيقي المهم وقد واكبت دأبه في الاتصال وملاحقة الصحفيين والمهنيين العراقيين وافخر انه استعان بي للاتصال ببعض الزميلات لابداء رغبتهن من عدمها في ان تظهر سيرهن وجوانب من ابداعهن وعطائهن وحياتهن الصحفية وقد تجاوبن وحصلن على موقعهن في الموسوعة التي تحرص الان الكثير من المؤسسات والمكتبات العالمية للحصول عليها واعتبارها كاحد اهم المرجعيات عن الصحافة والصحفيين العراقيين لتضمنها ادوارا وتجارب مهمة واساسية عن تاريخ الصحافة العراقية والصفحات المجهولة فيها والاسرار والخفايا التي ارتبطت بها عبر هذه الخلاصات المتوهجة لهذا الكم الواسع في الجزء الاول من هذه الموسوعة للصحفيين عبر حقب متعددة ومرحلتين مفصليتين يفصلهما عام 2003 حيث التغيير الذي حل في البلاد وانطلقت الصحافة والاعلام العراقي انطلاقة جديدة وتنفست الحرية كاملة بعد ان افتقدتها قرابة ستين عاما، وظهر الانجاز والعطاء المتميز للاقلام والكفاءات العراقية ان كان بكم الصحف والمجلات التي صدرت وبلغ الالاف، او بالقنوات الفضائية والمحطات التلفزيونية والاذاعية الكثيرة، فضلا عن المواقع الالكترونية والوكالات الاخبارية على وسائل الميديا، ومن الجميل ان تشمل تغطية الباحث التميمي هذا الكم الهائل من رجال الاعلام والصحافة الذي كان وراء هذه المؤسسات والعناوين، في موسوعته التي تفرّدت باستعانتها بآراء وتعليقات اصدقاء المحتفى به والتي نشرت بالفيسبوك لتأتي غنية ثرية باراء متعددة ومختلفة ليغدو المشهد اكثر بهاءً وجمالا.