متطلبات نهوض الصناعة

اقتصادية 2020/01/15
...

د. باسم الإبراهيمي
 
شهد العراق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حملة شعبيَّة واسعة لدعم المنتج المحلي وقد لاقت هذه الحملة تأييداً واسعاً من قبل جميع شرائح المجتمع، وهذا الأمر بالتأكيد سيسهمُ في إنعاش القطاع الصناعي الذي تراجعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 3 بالمئة في السنوات الأخيرة، فضلاً عن مساهمته في توفير العديد من فرص العمل وتقليل تسرب العملة الصعبة والاستفادة منها بمشاريع أخرى داخليَّة.
ولكنْ يبقى السؤال هل أنَّ ما حصل كفيلٌ بالنهوض بالصناعة الوطنيَّة وانقاذها مما هي عليه الآن؟
الجواب قطعاً يكون بالنفي وانَّ ما حصل ليس سوى بداية بسيطة بحاجة الى العديد من المتطلبات الأخرى للنهوض بواقع الصناعة وهي تقع على عاتق الحكومة بشكل رئيس وما ينبغي عليها وضعه من سياسات كفيلة بذلك، إذ إنَّ غياب الرؤية الكلية لدى متخذي القرار تعدُّ أبرز إشكالية ينبغي التوقف عندها.
إنَّ موضوع إعادة الروح إلى الصناعة الوطنية من منظار اقتصادي بحت يتطلب مناقشته بصورة متكاملة من زاويتين الأولى جزئية، وهي تشمل مجموعة المعوقات التي تواجه عمل الصناعيين سواء في الجوانب التشريعية أو التمويلية أو الدعم المطلوب وكذلك ما مطلوب من الصناعيين أنفسهم لتسويق منتجاتهم واستدامتها.
أما الزاوية الثانية فهي الزاوية الكلية وهي تشمل عدداً من القضايا تأتي في مقدمتها آليات تعزيز القدرة التنافسية للمنتج المحلي بما فيها تحديد المنتجات التي نمتلك فيها ميزة نسبيَّة يمكن تطويرها ومواجهة حالة الإغراق التي تتعرض لها السوق العراقيَّة وضرورة تشجيع المشاركة مع المستثمرين الأجانب، فضلاً عن ذلك ينبغي الالتفات إلى أهمية تطوير إنتاجيَّة العامل العراقي التي تراجعت بشكلٍ كبير، وللمقارنة تشير بعض الإحصاءات الدولية إلى أنَّ إنتاجيَّة العامل الكوري الجنوبي في الساعة على سبيل المثال صعب أنْ تقارن مع العامل العراقي لوجود فارقٍ كبير، كيف إذن يمكننا أنْ ننافس؟!.
في سياق دراسة هذا الموضوع يجب ألا ننسى أهمية تحقيق عملية التوازن المطلوب بين مصلحة المنتج من جهة والمستهلك من جهة أخرى من دون ترجيح إحداهما على الأخرى، كما أود الإشارة إلى ضرورة نقل العديد من المصانع الحكوميَّة إلى القطاع الخاص وتنفيذ ما تضمنه قانون الإصلاح الاقتصادي والذي يعد خطوة مهمة للنهوض بالصناعة المحليَّة.