سارع الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، إلى الكشف عن إرسال عساكر أتراك إلى ليبيا، لدعم حليفه فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية، في صراعه مع اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، عقب رفض حفتر التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، خلال محادثات في موسكو، عقدت، الأسبوع الماضي، برعاية كل من روسيا
وتركيا.
وتستضيف العاصمة الألمانية برلين، غدا الأحد، مؤتمرا بشأن ليبيا يضم طرفي الصراع فيها، وحلفاءهما، وبينهم تركيا، فضلا عن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، على أمل أن يتلافى المؤتمر إخفاق محادثات موسكو، ويجتاز وقف إطلاق النار إلى خارطة طريق لإنهاء الصراع في البلد الإفريقي الغني بالنفط.
الدفاع عن تركيا
وقال اردوغان في اجتماع تقييم أداء حكومته خلال العام المنصرم «للحفاظ على الحكومة الشرعية وضمان الاستقرار في ليبيا؛ نرسل عساكرنا لهذه الدولة»، مضيفا «ومع إدراك أن أمن تركيا يبدأ من خارج حدودها، ولتحقيق الاستقرار في جنوب جغرافيتنا؛ سنواصل تعبئة جهودنا السياسية والتجارية والإنسانية والدبلوماسية والمنشآت العسكرية».
إنهاء «لعبة»
وانتقد الرئيس التركي الدول المناهضة للسياسات التركية في حوض المتوسط.
وأفاد بهذا الشأن مواصلا الحديث عن أهداف الإرسالية العسكرية إلى ليبيا «لقد حاولوا تنفيذ سيناريو لسجن بلدنا في البحر الأبيض المتوسط. لقد أنهينا هذه اللعبة بالاتفاقيات أولا مع جمهورية شمال قبرص التركية، ثم مع ليبيا».
ووقعت الحكومة التركية، في تشرين الثاني، مع حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، مذكرتي تفاهم إحداهما للتعاون الأمني والعسكري، والأخرى لتحديد مناطق النفوذ والمناطق الاقتصادية الخالصة التركية – الليبية في البحر المتوسط.
وذكر اردوغان «لم يعد ممكنا من الناحية القانونية إجراء أنشطة التنقيب (عن النفط والغاز) والحفر، أو مد خط أنابيب في المنطقة البحرية الواقعة بين تركيا وليبيا، من دون الحصول على موافقة البلدين»، مردفا «في 2020 سنصدر تراخيص بأسرع طريقة، لنباشر أنشطة الاستكشاف والحفر. ستقوم سفينة أوروج رئيس بإجراء دراسات زلزالية في المنطقة».
تحركات الأضداد
وتواصل تركيا، وكذلك الدول المعارضة لسياساتها في ليبيا، تحركاتها، لكسب الدعم والتأييد قبيل انعقاد مؤتمر برلين.
وأعلنت الرئاسة التركية، في بيان، أن إبراهيم كالن، المتحدث باسمها، اتفق مع روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأميركي، على حث الأطراف الليبية على تنفيذ وقف إطلاق النار، في إطار مكالمة هاتفية تناولت مستجدات الأزمة الليبية، ومؤتمر برلين الخاص بها.
وتقود مصر واليونان وفرنسا والإمارات ودول أخرى حملة ضد وجود تركيا وسياساتها في ليبيا.
وعلقت وزارة الخارجية المصرية على إعلان اردوغان إرسال قوات إلى ليبيا، في بيان صدر بعدما أجرى الوزير سامح شكري مع نظيريه اليوناني والإيطالي اتصالين هاتفيين، بأن إعلان الرئيس التركي «سيؤثر سلبيا في مؤتمر برلين والوضع داخل ليبيا».
وعبّرت الخارجية المصرية عن «القلق الشديد من أن يؤدي مثل هذا الإعلان إلى إهدار الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي والدول الحريصة على مصالح ليبيا واستقرارها، والتي تتضافر في ما بينها للتوصل إلى تسوية شاملة تتضمن التعامل مع جميع أوجه الأزمة الليبية»، متابعة «كان هناك توافق على أهمية دعم العملية السياسية في برلين، ومنحها كل فرص النجاح بدلا من المغامرة مجددا بوضع الجهود الدولية في المسألة الليبية موضع الخطر».
حكومة الوفاق
في المقابل طالبت حكومة الوفاق الليبية بدعوة تونس وقطر إلى مؤتمر برلين في شأن ليبيا الذي يعقد غدا الاحد.
جاء ذلك في رسالة وجهتها وزارة الخارجية في حكومة الوفاق، إلى السفارة الألمانية لدى طرابلس، واعتبرت الخارجية في رسالتها، أن تونس تمثل أهمية قصوى كونها جارة حدودية آوت آلاف النازحين الليبيين، وأمنها من أمن ليبيا، مشيرة إلى أن أهمية مشاركة قطر، كونها أهم الدول الداعمة لثورة السابع عشر من فبراير، التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011.
وشددت الخارجية على أن مشاركة تونس وقطر، تدعم محادثات السلام وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في ليبيا.
الوثائق الختامية
بدوره أعلن وزير الخارجية الروسي في حكومة تصريف الأعمال، سيرغي لافروف، أنه تم الاتفاق على الوثائق الختامية لمؤتمر برلين بشأن ليبيا.
وقال لافروف في المؤتمر الصحفي حول نتائج الدبلوماسية الروسية في عام 2019: « أعتقد أن الوثائق الختامية جاهزة تقريبا، إنها تتوافق تماما مع القرارات التي اتخذها مجلس الأمن بشأن التسوية الليبية، ولا تتضمن أي أحكام تتعارض مع قرارات مجلس الأمن».
وقال لافروف بشأن الوضع الليبي: «الهدنة في ليبيا لا تزال قيد الاحترام وموسكو تأمل أن تستمر».
وتضمنت مسودة مؤتمر برلين بنودا تدعم هدنة شاملة في ليبيا، ودعوة الجهات الدولية لوقف التدخلات في ليبيا ودعم جهود الحل السياسي، إضافة إلى فرض عقوبات دولية على من يهدد وقف إطلاق النار.
وأضاف أحد بنود المسودة «نلتزم بالامتناع عن التدخل في النزاع المسلح أو في الشؤون الداخلية الليبية ونحث جميع الجهات الدولية الفاعلة على أن تحذو هذا الحذو»، كما أشار بند آخر إلى الدعوة إلى «خطوات موثوثقة ويمكن التحقق منها لوقف إطلاق النار منها بدء هدنة تنفذها جميع الأطراف المعنية وتؤدي إلى وقف شامل ودائم لجميع الأعمال العدائية بما في ذلك العمليات الجوية فوق أراضي ليبيا».
ودعت المسودة إلى اتخاذ تدابير لبناء الثقة مثل تبادل الأسرى وجثامين الموتى.
كما دعت المسودة إلى «تسريع ونزع سلاح الجماعات المسلحة في ليبيا وإدماج مناسب للأفراد المناسبين في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية».
وشددت مسودة المؤتمر على الالتزام الكامل لقرار حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، والى ضرورة دعم الاتفاق السياسي الليبي كإطار عملي للحل السياسي في ليبيا، ودعت إلى إنشاء مجلس رئاسي فاعل وتشكيل حكومة ليبية واحدة موحدة وشاملة وفعالة معتمدة من مجلس النواب.