حسين الصدر
في مبادرة حقيقية جريئة أقدم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم على اسناد حقيبة وزارية مهمة للدكتورة نزيهة الدليمي في اواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وبهذا كان (العراق) في طليعة الدول العربية التي جعلت المرأة عضواً في
مجلس وزرائها. واليوم وبعد أكثر من نصف قرن لا تضم الوزارة العراقية (المستقيلة) في صفوفها أية امرأة ..!!
والملاحظ العزوف عن اشراك المرأة العراقية في الوزارات العراقية المتعاقبة حتى ليمكن القول بأن ذلك شكل ظاهرةً بارزةً إنْ دلت على شيء فانما تدل على الخلل في الحسابات السياسية والحضارية فضلاً عن غمط حقوق المرأة
العراقية.
وقد لا حظنا صعود أسهم المرأة في التشكيلة الوزارية اللبنانية الجديدة حتى أنها احتلت ولاول مرة موقع نائب رئيس الوزراء وحقيبة وزارة سيادية مهمة كوزارة الدفاع، ناهيك عن اسناد حقائب وزارية اخرى الى خمس نساء أخريات ...
إنّ مشاركة المرأة العراقية في مجلس النواب العراقي وبنسبة الربع من مجموع أعضاء مجلس النواب لم يُماثِلْها تمثيلٌ مُشابِهٌ للمرأة في كل التشكيلات الوزارية في
(العراق الجديد). وهذا ما يجب أنْ يُتلافى في التشكيلات المقبلة.
وحيث ان الوزارة الخالية هي وزارة تصريف أعمال، فإنّ الوزارة العراقية المرتقبة – حسب ما نظن – ستتأثر بالصيغة اللبنانية، ومن ثمّ فإنّها ستضم بعض العناصر
النسائيّة. إنّ مشاركة المرأة العراقية في الوزارة تعني - في جملة ما تعني – الاعتراف بالدور الفاعل للمرأة العراقية في الحياة السياسية العامة للبلاد، وتعني أيضا أنّ عصر الظلم والاستهانة بالجنس الآخر قد انتهى الى غير رجعة.
ومن نافلة القول ان نؤكد: إنّ المطلوب هو ليس صرف المشاركة من جانب المرأة، لأنّ هذا قد يدفع باتجاه وصول بعض العناصر النسوية غير المؤهلة وغير الكفوءة لتسنم المنصب الوزاري الخطير، وهذا مما يُضر بالعملية السياسية، وتكون له مردوداته السلبية على البلاد والعباد. إنّ المطلوب هو اللجوء الى تحكيم المعايير الموضوعية المتمثلة بالنزاهة والكفاءة والوطنية والاخلاص والقدرة على النهوض بالمسؤولية، وفي ذلك يستوي الرجال والنساء من دون تمييز وبلا فوارق. إننا نتطلع بشغف بالغ الى أنْ ينعم العراق قريباً بوزارة جديدة تكون على مستوى المرحلة الخطيرة التي يعيشها، تُحقِقُ للجماهير العراقية مطالبها المشروعة، وتقف فيها المرأة العراقية الى جانب اخوتها الوزراء العراقيين في مسار مخلص من أجل اخراج العراق من عنق الزجاجة واسدال الستار على مشكلاته ومعاناته.