بدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس الأحد جولة أفريقية تشمل زيارة الجزائر وغامبيا والسنغال، لتعزيز العلاقات الثنائية من جهة، ولبحث الملفات المشتركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى رأسها ملف ليبيا.
وتأتي الجولة في أعقاب اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا في الجزائر، ورفضهم أي تدخل أجنبي في ليبيا، وفي ظل حركة دبلوماسية تركية قوية تريد تثبيت مقعد أنقرة عند كل طاولة تبحث الشأن الليبي وتهتم به، مع الوجود التركي، الذي أصبح أمرا واقعا، داخل المياه والأراضي الليبية، بفعل توقيع الحكومة التركية وحكومة الوفاق الليبية مذكرتي تفاهم إحداهما للتعاون الأمني والعسكري تتيح لتركيا نشر قوات عسكرية في ليبيا لدعم حكومة الوفاق في طرابلس أمام هجمات قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، والأخرى لتحديد مناطق النفوذ والمناطق الاقتصادية الخالصة التركية – الليبية في البحر المتوسط، والتي تتيح لتركيا التنقيب عن النفط والغاز في المياه الممتدة بين تركيا وليبيا.
امتداد لمسار برلين
وشارك كل من اردوغان ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في قمة برلين قبل نحو أسبوع.
وقال اردوغان، في مؤتمر صحفي عقده في اسطنبول، قبيل توجهه إلى الجزائر في مستهل جولته: “لقد التقينا السيد تبون في قمة برلين، كما عقدنا اجتماعات ثنائية هناك. وستتاح لنا أيضا الفرصة لمناقشة علاقاتنا الثنائية بالتفصيل مع الرئيس والمسؤولين الآخرين. سننظم منتدى للأعمال أيضا، وسنتبادل الأفكار حول التطورات الحالية في منطقتنا، وليبيا خاصة”. واستضاف الرئيس التركي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الجمعة في اسطنبول، حيث واصلا بحث المسألة الليبية، ومراجعة مسار برلين.
مهاجمة حفتر مجددا
وكشف اردوغان عن جانب من الحديث مع ميركل بشأن ليبيا، مركزا في مهاجمة حفتر: “قبل كل شيء حفتر انقلابي. قلت للمستشارة ميركل، فلماذا تدعمونه. قلت انظري أنتم تتملقونه فيعتد بنفسه. لسوء الحظ هذا الرجل الانقلابي يسبب انقساما وانتهاكات مستمرة لوقف إطلاق النار في ليبيا”.
ويواصل اردوغان مهاجمة حفتر لعدم توقيعه اتفاقا لوقف إطلاق نار دائم في ليبيا، على الرغم من حضوره إلى برلين، وهو القرار الثاني من نوعه الذي يتخذه اللواء عقب رفضه التوقيع على اتفاق للهدنة، خلال محادثات في موسكو، عقدت، قبل نحو أسبوعين، برعاية روسيا وتركيا معا، على أساس دعوة وجهها كل من اردوغان ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عند اجتماعهما في اسطنبول يوم 8 من كانون الثاني الحالي. وكشف اردوغان، أيضا، عن مضمون مشابه لحديثه مع ميركل، ولكنه دار مع بوتين: “قال السيد بوتين إن حفتر لم يدعم عملية موسكو حتى الآن، ولكني سأهتم بحفتر، وستهتم أنت بالسراج. فقلت له شكرا لك، السيد السراج لم يكسر طلبنا. التزم في موسكو وبرلين، ولكن حفتر لم يلتزم فيهما. هرب من موسكو، واختبأ داخل الفندق في برلين”. ووصف اردوغان حفتر بأنه “خان قياداته في الماضي”، وأنه “من غير الممكن أن نتوقع منه الامتثال لوقف إطلاق النار”. وعزا ذلك إلى الدعم الدولي الذي يتلقاه حفتر، ومنه دعم روسي، موضحا أنه “يجب على المجتمع الدولي أن يعرف ذلك جيدا. هناك فاغنر (شركة خدمات أمنية روسية) بجانبه. بالطبع، ونظرا للدعم الذي تلقاه من فاغنر وثقته بهم، يواصل هجماته بكل أنواع الإمكانات”.
العلاقة مع روسيا في ليبيا
ويواصل كبار المسؤولين الأتراك التنسيق مع نظرائهم الروس في ليبيا، على غرار سوريا، بالرغم من دعم أنقرة وموسكو للطرفين المتقابلين في الصراع داخل الدولتين.
ودافع مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، عن العلاقة التركية – الروسية، مؤكدا عدم تأثيرها في التزامات تركيا الدفاعية داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) بوصفها عضوا فيه، وذلك في جلسة لمناقشة مستقبل حلف الناتو في إطار منتدى دافوس، بحضور الأمين العام للحلف ومسؤولين آخرين.
وقال جاووش أوغلو: “لدينا أيضا مخاوف مشروعة. نحن نقاتل في الوقت نفسه العديد من التنظيمات الإرهابية المختلفة. ولم أر، للأسف، هذا التضامن من الناتو أو أعضاء الناتو. الإرهابي إرهابي، والحليف حليف. يجب أن يكون هذا فهم المبدأ الذي كنا نشاركه مع روسيا في سوريا وتمكنا، حتى الأمس، من وقف إطلاق النار في ليبيا مع روسيا، ولكن ليس لدينا أي ارتباط عسكري مع روسيا”. وأضاف الوزير التركي “نحن نعمل على التجارة. نشتري 50 بالمئة من الغاز الموجود لدينا. أعتقد أن ألمانيا تشتري 80 بالمئة من الغاز من روسيا، وكذلك العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أو الدول الأعضاء في الناتو. لكن لا أحد يستطيع أن يشكك بإسهاماتنا في الناتو”.
وتابع “يمكن للأمين العام أن يوافق على أننا من أكبر 5 مسهمين في مهام الناتو وعملياته. ونحن من أكبر 8 مسهمين في ميزانية الناتو العالمية. وقد استضفنا العديد من مهام الناتو في تركيا”.
رفض اعتراضات الحلفاء
ورفض خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، اعتراضات دول شريكة لتركيا في حلف الناتو، وفي مقدمتها اليونان، على الوجود التركي في ليبيا، بوصفه شرعيا يستند إلى مذكرتين موقعتين طبقا للقانون الدولي.
وقال أكار: إن “تركيا تجمعها مع ليبيا 500 عام من الصداقة والأخوة والتاريخ المشترك والثقافة، والجهود المبذولة لتحديد مناطق النفوذ البحري التي وصلت إلى مرحلة التوقيع في عام 2010 توقفت بسبب التطورات المعروفة (الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي)، وتم توقيع المذكرة في وقت لاحق (في تشرين الثاني الماضي)”.
مضيفا أن “هذا (التوقيع) لم يكن مخالفا للقانون، وأن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا تم الاعتراف بها من جانب الأمم
المتحدة”.