بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
قدّرَ المجلس الأعلى لمكافحة الفساد قيمة الأموال المنهوبة من العراق بأنّها توازي الموازنات الاستثمارية التي أقرت منذ عام 2003 وحتى الآن، كاشفاً عن استعداد فرنسا والإمارات العربية المتحدة للتعاون في استرداد هذه الأموال.
وفي وقتٍ كشفت فيه هيئة النزاهة عن تفاصيل عمليَّة الضبط التي نفَّذتها بحقِّ النائب (محمود عبد الرضا الملا طلال)، أعلنت إفصاح رئيس مجلس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي عن ذمّته المالية للعام 2020.
وقال العضو المراقب في المجلس سعيد ياسين موسى لـ"الصباح": إنّ المجلس اتخذ عدداً هائلاً من الإجراءات، بعضها يخص السلطة التنفيذية والآخر يتعلق بالتشريعية، لافتاً إلى أنّ الأحداث الأخيرة التي جرت في البلد لم تؤثر في سير قرارات المجلس التي لا تزال قيد المتابعة والتنفيذ.
وأكد موسى تعاون المجلس مع مجلس القضاء وهيئة النزاهة باعتبارهما رأس الحربة في مكافحة الفساد من خلال دائرتي الوقاية والاسترداد، مشيراً إلى أنّ الإجراءات تجري خارج العراق بخصوص ملف الاسترداد، وهناك عدد كبير من القضايا تحتاج إلى تحقيق إداري.
وأضاف موسى أن ملف استرداد الأموال المهرّبة يحتاج إلى نوع من الحنكة والحكمة والصبر، مبيناً أنّ سهولة إيداع الأموال المنهوبة في مصارف خارج العراق تخلق صعوبة كبيرة في استردادها، إذ قد يحتاج بعضها إلى مدّة قد تصل إلى 15 عاماً، ضارباً المثل في دولة الجزائر التي لديها تجربة في استرداد أموالها بعد أنْ صرفت أموالاً على الاستشارات القانونية والسفر تعادل قيمة الأموال المنهوبة منها، إلّا أنّها أرادت فقط ترسيخ سيادة الدولة واحترام الأموال العامة.
وقدّر موسى قيمة الأموال المنهوبة بأنّها توازي مجمل الموازنات الاستثمارية التي أقِرت في العراق منذ 2003 وحتى الآن، منوها بأنّ العراق سبق أنْ شارك بورشة عمل مع سبع دول تخصّ مشكلة غسيل الأموال وتهريبها كونه أحد تلك الدول التي تعاني المشكلتين، وصدر على أثرها قانون مكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي لتلبية المتطلبات الدولية للمصارف والادارة المالية. ولفت العضو المراقب في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الى وجود تعاون اماراتي وفرنسي لاسترداد الاموال المنهوبة من العراق، مضيفا أن لقاء جرى بين مدير عام دائرة الاسترداد ورئيس ديوان المحاسبة الاماراتي في احد المؤتمرات وأبلغ الاخير استعداد بلاده للتعاون في هذا الموضوع.
وتابع موسى أن مسؤولين في وزارة العدل اجتمعوا بنظرائهم من الجناب الاماراتي لبحث هذا الملف، كاشفاً عن خطوات جادة من الادعاء العام الفرنسي الذي ابدى استعداده التام لمساعدة العراق على استعادة امواله المنهوبة.
من جانبه قال عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب صباح طلوبي العكيلي: ان الوضع السياسي القى بظلاله على التواصل مع الجهات المختصة بعملية مكافحة الفساد.
واضاف العكيلي في حديث لـ"الصباح" ان المدة الماضية شهدت ضعفا بالحضور الى اجتماعات اللجنة، مؤكداً ان اللجنة ستقوم خلال المرحلة المقبلة بزيارات ميدانية الى الهيئات المختصة بملف مكافحة الفساد.
وأكد العكيلي أن الواقعين الامني والسياسي في البلد ألقيا بظلالهما على جميع القطاعات ومنها قطاع مكافحة الفساد، مبيناً ان الاوضاع الأمنية والسياسية تسببت بصعوبة التواصل مع الجهات المختصة والدوائر الحكومية للاطلاع عن كثب على كيفية عملها وخططها لمكافحة الفساد.
في غضون ذلك، أفادت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، في بيان تلقته "الصباح" في معرض حديثها عن تفاصيل عمليَّة الضبط التي نفَّذتها بحقِّ النائب (محمود عبد الرضا الملا طلال)، بـ"تلقِّيها بلاغاً من أحد المُشتكين عن مساومة المُدان له (المُشتكي) مقابل امتناع الأول عن أداء أعمال وظيفته والإخلال بها عبر الكفِّ عن عرقلة عقود شركة المُشتكي وشقيقه المُبرمة مع وزارة الصناعة والمعادن، وعدم إدراجها في الاستجواب الذي كان يروم المُدان القيام به بصفته عضواً في مجلس النوَّاب".
وبيَّنت الدائرة أنَّها "قامت بتأليف فريق عملٍ تمكَّن من استحصال أمر قاضي التحقيق بضبط المُتَّهم بالجرم المشهود، وبعد المُراقبة والتحرِّي وجمع المعلومات، تمَّ ضبطه أثناء تسلُّمه جزءاً من مبلغ الرشوة الذي اتُّفِقَ على تسلُّمِهِ".
وتابعت أنَّه "بتاريخ 17 /12 /2019 أصدرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّة قرارها القاضي بسجن المُدان مُدَّة ست سنواتٍ مع غرامةٍ ماليَّةٍ؛ وذلك نتيجة المُتوفِّر لديها من أدلةٍ وإثباتاتٍ تمثَّلت بضبط المُدان مُتلبِّساً بالجرم المشهود من قبل ملاكات الهيئة في مكتبه أثناء تسلُّمه مبلغ الرشوة ومقداره (150,000) دولارٍ أميركيٍّ، فضلاً عن أقوال الشهود، وضبط المبلغ المُثبَّتة أرقامه سلفاً في السيَّارة الحكوميَّة العائدة للمُدان، واعتراف أحد أفراد حمايته بوضعه مبلغ الرشوة في السيَّارة بناءً على أوامر المُدان".
الدائرة أردفت أنَّه "نتيجة التفاصيل المذكورة في قرار المحكمة الصادر بالعدد (1542/ الهيئة الجزائيَّة/2020) في 22 /1 /2020، قرَّرت تصديق القرارات الصادرة بالدعوى كافة؛ استناداً إلى أحكام المادَّة (259/أ/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة، ورد الطعون التمييزيَّة، بينما نوَّهت المحكمة بأنَّ قرار المصادقة قد صدر بالاتِّفاق بتاريخه".
وفي بيان ثان، ذكرت هيئة النزاهة أنها "تلقَّت استمارة كشف الذمَّة الماليَّة للعام الجاري الخاصَّة برئيس مجلس الوزراء السيد ( عادل عبد المهدي حسن المنتفجي)".
وفي شأن آخر أصدرت الهيئة التحقيقية القضائية المختصة بقضايا النزاهة في نينوى أمراً باستقدام المدير العام لتربية نينوى الأسبق؛ عن تهمة التعاقد مع أحد المصارف الأهلية؛ لاستقطاع مبلغ عشرة آلاف دينار من رواتب موظفي مديرية تربية المحافظة من دون وجود سند قانوني.
وأضافت الدائرة في بيان أن "أمر الاستقدام في القضية التي حققت فيها الهيئة وأحالتها على القضاء، صدر وفقا لأحكام المادة (340) من قانون العقوبات العراقي".