صحراء الانبار... و {الصفقة}

العراق 2020/02/01
...

سالم مشكور
 
منذ الكشف عن وثائق ويكيلكس وحتى اليوم، تردد كثيراً أن صحراء الانبار تشكل جزءاً مما يسمى صفقة القرن. ليس من شيء رسمي معلن حتى الان لكن بعض التحركات ربما تؤكد ما يتردد. غاز المنطقة الغربية ممنوع من الاستثمار، تحركات بعض سياسيي المنطقة نحو إقامة الإقليم السني، تدريب مجاميع كبيرة من أبناء عشار المنطقة وتسليحهم على يد القوات الأميركية، تركيز الجهد على شيطنة الحشد تمهيدا لسحبه من المنطقة، الحديث عن تعهد دول خليجية بإعمار تلك المنطقة، تحركات خارجية لاظهار زعامات سنيّة جديدة تنافس التقليدية منها، وأخيراً ما تردد عن إمكانية أن تكون الانبار مكاناً لإسكان لاجئين فلسطينيين.
الحديث المتداول حاليا حول إقليم سنّي يسعى اليه بعض سياسيي السنة بالتعاون مع دول خليجية، لا يبتعد عن موضوع “صفقة القرن” وحصة الانبار منها. هكذا إقليم لن يكون أقل من إقليم كردستان، ابتعاداً عن بغداد وتفرداً بمهام ليست من صلاحيات الإقليم بما يجعله كياناً مستقلاً يتمتع بامتيازات الفيدرالية والاستقلال على السواء. فإقليم كردستان حالياً يتصرف بثرواته بشكل مستقل عن بغداد، خلافا للدستور الاتحادي الذي ينص على أن الثروات الطبيعية لكل العراقيين وهي شأن اتحادي. الأمن في الإقليم مستقل والتسلح مباشر ومستقل، وحرس الإقليم يتسلم رواتبه من بغداد لكنه لا يأتمر بأمر أية جهة اتحادية بل بسلطة الإقليم. ولا وجود لقوات اتحادية في الإقليم، والجيش الاتحادي ممنوع من الوصول الى حدود العراق بجهة كردستان، ومؤسسات اتحادية مثل ديوان الرقابة المالية ممنوعة من العمل في الإقليم. لو تشكل الإقليم السنّي بهذه الطريقة فانه سيحرّك احتجاجات لدى الجزء المتبقي من العراق ورفضا لهكذا وضع وسيحفز المطالبات بإقليم البصرة أو ربما يتحول ما تبقى من العراق الى إقليم أيضا بهوية شيعية. بهذا الشكل سيتقسم العراق عملياً وقد يتحول الى مجرد دولة كونفدرالية في أحسن الأحوال.
عندما تحرك إقليم كردستان نحو الاستقلال عبر الاستفتاء، لقي تشجيعاً صريحاً من إسرائيل، بينما تحفظ الجانب الأميركي عندما رأى ان الوقت لم يحن لهذه الخطوة، فصفقة القرن كانت في طور الاعداد، وكذا الحال مع مطالبات بعض سياسيي الغربية. اليوم فإن المطالبات بخروج القوات الأميركية ستدفع واشنطن باتجاه دعم مشروع الإقليم السنّي فضلا عن تمهيد ظروف تنفيذ الجانب المتعلق بهذه المنطقة في ما يسمى بصفقة القرن.