ضوء سياسي {أخضر} لمحمد توفيق علاوي
العراق
2020/02/10
+A
-A
بغداد / عمر عبد اللطيف ومهند عبد الوهاب
أعلنت قوى سياسية عدة منح رئيس الوزراء المكلف “ضوءاً أخضرَ” يكفل له حرية اختيار وزرائه باستقلالية ومن دون ضغوط حزبية، بينما رهنت منح حكومته الثقة بتلبية مطالب المتظاهرين وتوجيهات المرجعية الدينية.
عضو مجلس النواب علي العبودي أكد في حديث لـ “الصباح” أن “هناك نوايا سليمة لبعض القوى السياسية في منح رئيس الوزراء المكلف مساحة واسعة من العمل وعدم تبني الثقافات التي فيها نوع من (الشيطنة) كأن يكون الوزير لك والوزارة لنا”.
وأضاف أنّ “هناك اجتماعات متكررة لرئيس الوزراء المكلف مع قادة القوى السياسية والنواب الذين وقعوا له للتوصل الى شخصيات يمكن أن تشكل الكابينة الحكومية”.
وتابع العبودي أنّنا “بالمجمل نحتاج الى حسن النية لمعالجة الملفات، وفاءً لدماء الشهداء الذين سقطوا في ساحات التظاهر والمصابين مما يحتم علينا أن نقف خلف رئيس الوزراء، وألا تتبع الآليات نفسها التي جرى العمل عليها في السابق”.
وأوضح أنّ “جميع الكتل بحثت عن اختيار رئيس وزراء لا يمثل مكونا واحدا فحسب وإنما يستطيع قدر الامكان النهوض بالبلد من خلال باقي الأجنحة التي تمثل المكونات الأخرى”، معرباً عن أمنياته بأن “لا يكون هناك فرض إرادات من قبل باقي المكونات، بينما البعض يتحدث بثقافة (الحصص والامتيازات)، إذ اننا نحتاج في الوقت الحالي الى رجالات دولة وليس الى من يتسبب بتفاقم الأزمة خصوصاً نحن نتحدث عن مرحلة انتقالية”.
ونوه “بأننا نفضل أن تكون ثقافة (نحن) هي السائدة وتغييب ثقافة الـ (أنا) لكي ننطلق بالبلد الى الأمام، ونوصل رسالة الى الجمهور بأن ما حصل من تغيير هو بفضل الضغوط التي فرضتموها على الكتل السياسية، ولنشعرهم بأن تظاهراتهم كانت لها قيمة”.
وألمح بأنه “لا ضير من اختيار أحد الكوادر المهنية ممن يمثلون ساحات التظاهر ضمن التشكيلة الحكومية، لأن مثل هذه الرسائل تشعرهم بنشوة الانتصار، مبيناً أن “الشعب العراقي يستحق أن يتنازل له الجميع، وأن تستثمر موازنة العام الحالي للنهوض بواقع الخدمات”.
ونبه العبودي على ضرورة أن “يأخذ رئيس الوزراء المكلف بعين الاعتبار الوزراء الجيدين والذين عملوا بشكل صحيح في وزاراتهم خلال عام كامل وإمكانية إبقائهم في مناصبهم وذلك أفضل من استبدالهم بشخصيات جديدة يمكن أن يضيعوا سنة كاملة للبدء من جديد بخطة الوزارة وضياع ما أنجزه الوزير الذي سبقه”.
ضوء أخضر
من جانبه رجح النائب عن كتلة الحكمة البرلمانية عباس سروط إكمال رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي أكثر من نصف كابينته الوزارية خلال المدة الدستورية المحددة.
وقال سروط: إن “محمد علاوي لديه حركة باتجاه جميع الكتل السياسية وبعض المستقلين لمناقشة اختيار الوزراء لكابينته والبرنامج الحكومي لها”، لافتا الى “وجود اشكالات مع الكتل السنية والكردية بشأن اختيار وزرائها”.
وأوضح أن “كتل المكون الشيعي أعطت (الضوء الأخضر) لعلاوي بشأن اختيار الوزراء المستقلين من خارج الأحزاب، ولكن بشرط اختيار وزراء من المكونين الكردي والسني بذات الاتجاه، على اعتبار أن اختيار الوزراء السياسيين من المكونين السني والكردي سيسبب خللا في كابينته الوزارية”.
بدوره قال النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ديار برواري لـ “الصباح”: إن “التواصل مستمر بين رئيس الوزراء المكلف ومعظم القوى السياسية والشعبية لتقديم الأفكار والعمل على اختيار كابينة وزارية مهنية ومستقلة بعيداً عن المحاصصة والتهيئة للمستقبل، وتغيير الكثير من المفاصل الإدارية في البلد”.
وأكد أن “رئيس الوزراء المكلف على تواصل مع حكومة إقليم كردستان ومع الجهات السياسية فيه، وهناك اتفاق مشترك على رؤية وبرنامج حكومي خدمي يخدم المواطن وهو أساس التعاون والتنسيق بين الطرفين”.
وبين برواري أنّ “تواصل رئيس الوزراء المكلف مع حكومة الاقليم والقوى السياسية فيه لتشكيل الحكومة والبرنامج الحكومي عبر أكثر من قناة، وبشكل غير مباشر وسري لأهمية المرحلة، والعمل على أن تكون النتيجة لمصلحة الجميع”، مشيراً الى أن “أي حكومة تتشكل من دون تنسيق وتعاون مع القوى السياسية؛ سيكون
مصيرها الفشل”.
وأضاف أن “من يقرأ المشهد السياسي العراقي يتوقع أن يكون تشكيل الحكومة صعبا جداً من خلال المدة القانونية “30 يوماً” مع ازدياد في الحراك الجماهيري، ولكن من ناحية أخرى فإن ذلك أفضل من وجود الدولة في حلقة مفرغة وفي حكومة تسيير الأعمال”، متوقعاً أن “تشكل الحكومة في بداية
الشهر المقبل”.
استقلالية الحكومة
ويرى النائب عن تحالف القوى أحمد المشهداني في حديثه لـ “الصباح” أنّ “ملف تشكيل الحكومة ما زال يأخذ الحيز الأكبر من عمل رئيس الوزراء المكلف، وعليه أن يسمي كابينة وزارية من المستقلين والمهنيين والكفاءات ليستطيع أن يتماشى مع مطالب المتظاهرين المشروعة وتحقيق جزء مهم من التواصل مع الشعب بعيداً عن الضغوطات السياسية”.
وبين المشهداني أنّ “من أهم الأولويات التي يجب أن تكون حاضرة في تسمية الكابينة الوزارية؛ هي الاستقلالية بعيداً عن التحزب والانتماءات، لذلك، فإن النظر الى المطالب الجماهيرية سيكون من الأولويات والنقاط الحساسة التي سيتعامل معها رئيس الوزراء المكلف”.
وأضاف أنّ “المتبقي من المهلة القانونية لرئيس الوزراء في تشكيل الحكومة، سيكون مرحلة مهمة ولها أثر كبير في تغيير المرحلة والعمل على تهدئة الشارع وتنفيذ مطالبه”، مؤكداً أنّ “تشكيل الحكومة يجب أن يرافقه برنامج حكومي يعد طريقا لسير عمل الحكومة خلال فترة عملها، والتهيئة للأرضية المناسبة للانتخابات المبكرة خلال الفترة الانتقالية”.
من جانبه أكد المحلل السياسي إحسان الشمري في حديثه لـ “الصباح” أنّ “أي تحرك نحو القوى السياسية على مستوى المحاصصة؛ سيقلل من فرص الثقة برئيس الوزراء المكلف، لذلك عليه أن يمضي بكابينة وزارية مستقلة تعتمد الاختصاصات لكي يتماهى مع مطالب المتظاهرين”، مبيناً أنّ “على رئيس الوزراء المكلف اتخاذ أولويات من مسارين، في مقدمتها تقديم المتورطين في قتل المتظاهرين ومن ثم التهيئة للانتخابات المبكرة”.
وأشار الشمري إلى أنه “ليس من مصلحة رئيس الوزراء المكلف أن يدفع ببرنامج حكومي اقتصادي برؤية طويلة الأمد، لأن ذلك سيدفع به الى خانة الحكومة التي يمكن أن تمتد لثلاث سنوات، وبالتالي سيفاقم النقمة الشعبية ضد شخصية رئيس الوزراء، لذلك لا بد أن يمضي بالاتجاهين آنفي الذكر، وبعكسه سيواجه عقبات من القوى السياسية والتظاهرات ورفضها لأي أولوية أخرى، أو حتى قد يؤدي الى رفضه بالكامل”.
مواد دستورية
بينما أشار الخبير القانوني علي التميمي لـ “الصباح” الى أن “المادة 76 والفقرات 3و4 و5 تحدثت عن المدد الدستورية لتشكيل الحكومة بعد استقالة عبد المهدي، وأمام رئيس الوزراء المكلف مدة قانونية تحدد بـ 30 يوماً، إضافة الى إنضاج البرنامج الحكومي على ألا يقل ما يقدمه عن نصف الكابينة الوزارية وكذلك تقديم البرنامج الوزاري”.
وبين التميمي أنه “في حال حصل محمد توفيق علاوي على التصويت على حكومته، تمضي الوزارة ويؤدي اليمين وفق المادة 50 من الدستور إلى نهاية المدد المرسومة لها قانوناً في فترة انتقالية والتهيئة للانتخابات المبكرة”، مشيرا الى أنه “في حال لم ينل ثقة البرلمان، فعلى رئيس الجمهورية ترشيح رئيس وزراء جديد خلال 15 يوماً من تاريخ عدم حصول (علاوي) على الثقة”.
حديث الساسة
إلى ذلك كشف تحالف الفتح عن رفض بعض الكتل السياسية (غير الشيعية) التخلي عن استحقاقها الانتخابي في حكومة محمد توفيق علاوي.
وقال رئيس كتلة تحالف الفتح محمد الغبان: إن “كتلة الفتح تدعم علاوي شرط أن يفي بوعوده ويتعامل مع الجميع بمنهج واحد وألَّا يتراجع عن الوعود التي ألزم نفسه بها أمام الشعب”، لافتاً الى أن “علاوي يواجه رفضاً من بعض الكتل (غير الشيعية) التي لم تبدِ استعدادها للتخلي عن استحقاقاتها الانتخابية”.
بدوره قال النائب عن كتلة سائرون سلام الشمري في بيان تلقته “الصباح”: إن “تحالفه لن يصوت على منح الثقة إلا بموافقة الشارع الذي من أولى شعاراته ومواقفه أن يكون العراق حراً مستقلاً بسيادة كاملة ومن دون تدخلات خارجية”، موضحاً أن “قوى المقاومة الوطنية مع الحل السياسي لمسألة خروج القوات الاميركية بشكل خاص، والأمر لن يستمر طويلاً إن شعرت ان هناك مماطلة أو تأجيلا بالامر”.
في السياق نفسه، قال النائب عن تحالف سائرون، سلام هادي: إن “البلد يمر بمنعطف خطير، والمشهد واضح أمام علاوي والكتل السياسية، لذا عليه ألا يخضع لضغوط الكتل السياسية وفرض الارادات الداخلية والخارجية”، وأضاف ان “علاوي مطالب بأن يمضي ويتحدى الجميع، لتشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين”.
عضو مجلس النواب ندى شاكر جودت أكدت أن “محمد علاوي قادر على تلبية مطالب المتظاهرين، والوقوف بوجه فساد بعض الكتل السياسية”، وأوضحت أن “علاوي في حال تعثره بتلبية المطالب، أو تطبيق برنامجه الحكومي الذي سيخدم ابناء الشعب العراقي، سنقف ضده ونطالب بسحب الثقة عنه”.
من جانبها، قالت النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني ديلان غفور: إن “من الخطوات المهمة والإيجابية في الحكومة الجديدة -وحسب المعلومات المتوفرة لدينا- تخصيص 4 الى 5 وزارات للنساء، بالإضافة الى تفعيل وزارة المرأة وهذه أيضا خطوة إيجابية أخرى”.
في غضون ذلك، قال النائب عن كتلة الجماعة الإسلامية الكردستانية أحمد حاجي رشيد: إن “الكتل الكردية عقدت اجتماعاً مع رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي لمعرفة شكل الحكومة المقبلة وتقديم الدعم لها”، مبيناً أن “علاوي أكد خلال الاجتماع أنه سيشكل حكومة تكنوقراط وسيعمل على تعيين وزراء خارج العملية السياسية”.