حماية المُنتج الوطني تحقق الأمن الغذائي

اقتصادية 2020/02/14
...

بغداد/ حسين ثغب - مصطفى الهاشمي
عقد المجلس الاقتصادي العراقي ندوة نقاشيَّة تحت عنوان (حماية المنتوج الوطني الزراعي والحيواني.. ضرورة أساسيَّة لتحقيق الأمن الغذائي)، تم خلالها بحث سبل تطوير الإنتاج الزراعي والحيواني وما تحقق من إنجازات، الى جانب بحث تذليل المعوقات أمام تحقيق الأمن الغذائي. وحضر الندوة التي أقيمت برعاية لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابيَّة ووزارة الزراعة، عدد من المسؤولين وأصحاب القرار.
وقال رئيس المجلس الاقتصادي العراقي إبراهيم المسعودي البغدادي: "لقد واجه المُنتج الوطني عبر مراحل تطوره العديد من النكسات، فضلاً عن محاولات التحول الاقتصادي من النظام المركزي الى اقتصاد السوق الذي أدى الى انفتاح السوق أمام المنتجات المستوردة".
وأكد أن "ذلك حد من قدرة المنتج الوطني على منافسة المستورد لارتفاع كلفة الإنتاج وعدم استقرار الإيرادات المائيَّة الموسميَّة، وانصراف المزارعين ومربي الثروة الحيوانيَّة الى التجارة اوالخدمات في مراكز
المدن".
وأضاف "أدرك المعنيون أهمية بناء ستراتيجيَّة وطنيَّة تنمويَّة، متمثلة بقانون حماية المنتجات العراقية رقم (11) لسنة 2010 لغرض بناء قطاع زراعي وصناعي متطور، ثم جاءت المبادرة الزراعيَّة لتعطي دعماً إضافياً رغم أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها على الوجه الدقيق".
ورأى البغدادي أنَّ "السياسات التي طبقتها وزارة الزراعة بشأن حماية الإنتاج الوطني بدأت تؤتي أُكلها، وبدأت سياسة دعم المزارعين والفلاحين تجنى ثمارها، وبتنا نرى نتائج الجهود بدأت تظهر في الأسواق المحلية مع وفرة المنتوجات الزراعيَّة والحيوانيَّة بما يتلاءم مع القدرة 
الشرائيَّة للمستهلك".
ودعا الى "تعزيز البيئة الاستثمارية، ليصبح المستثمر في الزراعة والثروة الحيوانية قادراً على التنافس مع المستورد بما من شأنه تحقيق نهضة تنمويَّة مستدامة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانيَّة ستؤدي الى تحقيق الأمن الغذائي".
 
الهويَّة الزراعيَّة
بعد ذلك قال وزير الزراعة الدكتور صالح الحسني: أنَّ "هوية العراق زراعيَّة وستبقى، إذ إنَّ مقومات النهوض بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني متوفرة ، وإنَّ التطور الحقيقي لبلدنا يبدأ بالقطاع الزراعي كونه القاعدة المتينة والراسخة التي تنطلق منها معظم القطاعات التي ستكون فاعلة في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة إجمالي الناتج المحلي كونه المحرك لمعظم النشاطات وخاصة
الصناعيَّة".
وأضاف أنَّ "معظم مخرجات الصناعة هي مدخلات للزراعة ومعظم مخرجات الزراعة مدخلات للصناعة، وانها مسهم أساسي بالأمن الوطني من خلال إيجاد فرص عمل لامتصاص البطالة وتقليص حجم الاستيراد وتحقيق استقرار اجتماعي وأمن صحي لأنَّ معظم أمراض العصر مرتبطة بالغذاء، وتم تحقيق الكثير من الإنجازات خلال الفترة (2018 – 2019) رغم أنَّ التخصيصات المالية عينها ولم تتم زيادتها بين عامي (2018 –
2019)".
 
سياسات الإغراق
ثم تكلم النائب سلام الشمري رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية قائلاً: "لا تخفى أهمية منع الممارسات الضارة في سياسات إغراق الأسواق بالمنتجات 
المستوردة".
وتابع انَّ "لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية عملت على إصدار القرار المرقم (41) في 5 / 5 / 2019 لمنع استيراد الدواجن وبيض المائدة والأسماك الحية والمجمدة والمبردة، فضلاً عن دور مجلس النواب في تشريع قوانين أخرى تهدف الى حماية المنتج الوطني تمثلت بـ(قانون حماية المنتجات العراقية رقم 11 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 10 لسنة 2014) و(قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010)، و(قانون المنافسة ومنع الاحتكار رقم 14 لسنة 2010)، علاوة على (قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010).
وأشار الى أنَّ "هذه القرارات كانت بمثابة اختبار لجدية القطاع الخاص والمستثمرين والمنتجين المحليين للإفادة من هذا القرار والقوانين والدعم الحكومي والحماية الموفرة لهم والمحافظة على روح التنافس الشريف والأسعار المستقرة"، مؤكداً "إذا نجحت التجربة فيمكن إعمام ذلك على منتجات وطنية أخرى، بما يسهم في تحقيق الاستقرار في الأسواق المحليَّة وحماية المستهلك
المحلي".
 
وقف الاستيراد
رئيس اللجنة المالية النيابية النائب هيثم الجبوري قال إنَّ "تحقيق الأمن الغذائي يعدُّ ضرورة ملحة إذا ما علمنا أنَّ العراق استورد موادَّ زراعيَّة غذائيَّة ولحوماً بقيمة (7) مليارات دولار، وأنَّ إيقاف الاستيراد وتعويض هذه المواد من الإنتاج المحلي سيكون له الأثر الكبير والإيجابي على الاقتصاد الوطني".
ولفت الى أنَّ لجنته "وضعت بعد الاتفاق والنقاش مع لجنة الزراعة والمياه والأهوار ومع وزارة الزراعة نصاً لحماية المنتجات الزراعية المحلية في قانون موازنة العام 2019 ووافقنا على تخصيص أكثر من ترليون دينار للمصرف الزراعي لدعم المشاريع الزراعيَّة ضمن المبادرة الزراعيَّة، ولكن تم صرف بعض المبالغ منه على مشاريع وهميَّة وطالبنا من هيئة النزاهة 
التحقيق في الموضوع".
ولفت الى أنَّ "دخول 10 ملايين دونم الى الرقعة الزراعيَّة لتصحيح المسافة المزروعة 16 مليون دونم يعدّ إنجازاً كبيراً بحد ذاته وسيوفر الكثير من فرص العمل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
ودعا الى "تشديد الرقابة على المنافذ الحدوديَّة ليتم تطبيق قرارات منع دخول المنتجات المستوردة بشكل فاعل، إذ إنَّ بعض المنافذ الحدودية غير مسيطر عليها، ونحن 
جاهزون لتوفيرالدعم المطلوب".
 
قرارات الحماية
أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح: "نحن نشجع وندعم الإنتاج الوطني وندعم قرارات الحماية، ولكنْ يجب ألا يؤثر ذلك في موضوع توفير المنتجات للمواطنين وبأسعار معقولة منعاً للاحتكار الذي يُسبب رفع الأسعار وشح المنتجات".
ثم ألقى مستشار وزارة الزراعة الدكتور مهدي القيسي محاضرة عن حماية المنتج المحلي الزراعي والحيواني وعلاقتها بالتنمية المستدامة، شارحاً أهمية تفعيل قرارات الحماية من أجل تطوير الإنتاج الوطني الزراعي ومساهمته في رفد الناتج المحلي الإجمالي وتوفير الآلاف من فرص العمل، مبرزاً أهمية القطاع الزراعي وخصوصياته، ومبيناً حجم التطور في إنتاج الحنطة والشعير وتطوير سلالات الفواكه والخضر وبذور الرتب العليا منها، متطرقاً الى إنجازات وزارة الزراعة في مختلف القطاعات بالجداول والأرقام والتفاصيل.
 
مشكلات وحلول
تحدث رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية حيدر العبادي عن "ضرورة إشراك الجهات القطاعيَّة التشريعيَّة والتنفيذيَّة في التحاور لإيجاد حلول للمشكلات التي يعاني منها القطاع ومن أبرزها (تسويق المحاصيل الرئيسة ونقلها الى سايلوات وزارة التجارة، وتقليص الفجوة السعريَّة بين كلف الإنتاج وسعر البيع)، فمثلاً إنَّ كلفة إنتاج الطماطم تبلغ 500 دينار بينما تباع بسعر1500 دينار وبعد البحث عن أسباب ذلك وجدنا أنَّ وزارة البلديات أحد الأسباب لقيامها بتأجير علاوي بيع الخضراوات بأسعار مرتفعة ما ينعكس سلباً على ارتفاع أسعار المنتجات".
 وطالب العبادي بتفعيل "قانون العلاوي التعاونيَّة التابعة لاتحاد الجمعيات الفلاحيَّة وتطبيق القوانين والتعليمات بمنع استيراد المنتجات وحسب الرزنامة الزراعيَّة للحد من تهريب بعض المنتجات عبر بعض المنافذ الحدودية غير المسيطر 
عليها".
بعدها قال فريد العبيدي (وهو أحد المستثمرين في قطاع الدواجن): "لولا قرار منع الاستيراد للدجاج المجمد والحي والبيض لأفلسنا وبعنا مشاريعنا بسبب عدم قدرتنا على المنافسة ولكنْ بعد تطبيق قرار منع الاستيراد وحماية الإنتاج الوطني وفرنا ما تحتاجه السوق المحليَّة، ولم يحصل إرباكٌ أو ارتفاعٌ كبيرٌ في الأسعار ما يدل على قدرة المنتج الوطني على سد حاجة السوق المحليَّة".
وأكد رئيس جمعيَّة الفرات لمنتجي الأعلاف حيدر السهيل وجود "تهميش لقطاع منتجي الأعلاف بعد فك ارتباط الجمعيَّة من وزارة الزراعة وإلحاقها باتحاد الجمعيات الفلاحيَّة"، كما أوضح السهيل "قدرة المنتج المحلي على سد حاجة السوق المحليَّة من الأعلاف بأنواعها لو توفرت الحماية اللازمة وتم إشراك مصنعي الأعلاف في رسم السياسة الخاصة بتوفير الأعلاف وتوفير الدعم اللازم لهم، إذ إنَّ قطاع تصنيع الأعلاف قطاعٌ رصينٌ ويعمل منذ أكثر من عقدين من الزمن".