هل ينجح التعداد المقبل؟!

اقتصادية 2020/02/15
...

ياسر المتولي
 
يعقد خبراء الاقتصاد والباحثون والمهتمون والمعنيون آمالا كبيرة على الإحصاء السكاني (التعداد العام للسكان) المزمع تنظيمه نهاية العام الحالي، كي يتمكنوا من وضع الأطر الصحيحة للإصلاح البنيوي للاقتصاد الذي يعاني من تشوهات متجذرة يصعب معها حل التحديات الأساسيَّة.
السؤال الأبرز هنا هل ينجح التعداد العام للسكان؟
من المعلوم إنَّ الأرقام القريبة من الواقع أكثر فائدة إيجابيَّة لرسم الخطط والسياسات السليمة وتهيئة الأرضية الخصبة لصاحب القرار وللمشرع إنتهاج الطريقة الأسلم في معالجة التحديات.
إنَّ عمق المشكلة أمام اتخاذ قرارات واضحة وغير فوضويَّة في الاعتماد على أرقامٍ افتراضيَّة غير دقيقة وقديمة أكل الدهر عليها وشرب وغير محدثة، خصوصاً وقد مرَّتْ البلاد بأحداثٍ عديدة أدت الى متغيرات طرأت على الواقع العام للبلد، فتجد أغلب القرارات فاشلة ولا تفي بالغرض وظلت التحديات عالقة دونما حلولٍ دقيقة.
لقد أثار إعجابي شابان يافعان فاجآني في حوار صدفة جمعني بهما في استراحة أحد المؤتمرات الإحصائية التي عقدت مؤخراً.
أقول حوار صدفة لأنَّ طريقة تجاذبهما الحديث معي من دون سابق معرفة فوجها لي سؤالاً عن رأيي بالنتائج المحتملة للمؤتمر وكان فعلاً سؤالاً حصيفاً، قلت لهما لا يمكن التكهن بنتائج المؤتمر وأثره في نجاح أهدافه، ذلك لأنَّ الجلسة كانت قد اقتصرت على كلمات ترحيبيَّة واستعراضيَّة وبرتوكوليَّة، لكنْ دعونا نتابع وقائع الجلسات النقاشيَّة لأبرز البحوث المشاركة الى هنا انتهى الحديث.
وما انْ بدأت جلسات المناقشة فقد كانت بحق بحوثاً رصينة ومعتمدة ومنتقاة بطريقة سليمة وضمت بين معديها ومقدميها خبرات دوليَّة وعربيَّة، علاوة على الخبرات الأكاديميَّة العراقيَّة.
أين تكمن العبرة؟ 
علينا التأكد من الآن وما دمنا في مرحلة التحضيرات المبكرة لتنظيم التعداد العام السكاني المزمع عقده أواخر العام الحالي من إمكانيَّة الاستفادة من نتائج البحوث والتوصيات التي خرج بها ذلك المؤتمر خصوصاً وقد تمازجت في توصياته بالاستناد الى تجارب دوليَّة ناجحة في هذا المضمار.
ثم لا بدَّ من البحث في سُبل تهيئة البيئة الإيجابيَّة لتنظيم هذا التعداد كي نحصل على إحصاءات دقيقة يمكن في ضوئها وضع الحلول الناجعة والتخطيط السليم ووضع الخطط السنويَّة والمتوسطة المدى والبعيدة الأجل. ولا بدَّ من توفير المتطلبات الأساسيَّة والمتضمنة الإمكانات الماديَّة والبشريَّة اللازمة وزج العدادين في دورات تدريبيَّة مركزة. والأهم حسم الخلافات في العديد من الحدود الجغرافيَّة بين المحافظات ومشكلة المناطق المختلف عليها من أجل أنْ تكون الإحصاءات حقيقيَّة ودقيقة لضمان إيجاد حلولٍ ناجحة لكل التحديات التي يواجهها اقتصادنا من نسب فقر وبطالة وحل مشكلات الخدمات والسكن والطرق أمام هذه التحديات برز سؤالنا في مقدمة المقال (هل ينجح التعداد؟).
يبقى الأمل معقوداً بالإرادة الوطنيَّة وصدق النوايا من أجل إعادة بناء العراق الجديد الذي يرقى الى مستوى خيراته وموارده البشريَّة والماديَّة.