{كورونا} يبطئ الاقتصاد الصيني

اقتصادية 2020/02/16
...

كيث برادشر  ترجمة: خالد قاسم
 
لا يستطيع العمال العودة الى وظائفهم، ما يُعقد خطوط الإمداد ويطيل العطلة الإجباريَّة ويمزق البلاد. والعمال عالقون في بلداتهم، أما المسؤولون فيريدون خططاً صحيَّة مفصلة قبل إعادة افتتاح المكاتب أو المصانع، فخطوط تجميع سيارات جنرال موتورز وهواتف آيفون متوقفة عن العمل.

بعد أسابيع على إغلاق الصين مدينة كبرى لإيقاف تفشي فيروس خطير، لا يزال ثاني أكبر اقتصاد عالمي بحالة خمول وكان من المفترض عودة الحياة الى أجزاءٍ كبيرة من البلاد، لكنَّ الشوارع الفارغة والمصانع الهادئة وجيوش العمال غير الفعالين توحي بمرور أسابيع وربما أشهر قبل عودة أزيز هذا المحرك الحيوي للنمو العالمي.
قد يعاني الاقتصاد العالمي من بقاء الصين لفترة أطول بحالة ركود، ولم يقف بطريقها المرض فحسب ولكن جهود احتوائه أيضا وهي عملية عزلت العمال عن وظائفهم والمصانع عن المواد الخام، والنتيجة تباطؤ تسبب بخفض حركة المرور في خطوط الشحن العالمية الرئيسة وظهور توقعات بهبوط حاد في إنتاج كل شيء مثل السيارات والهواتف الذكية.
يقول يورغ فوتكه رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين: "الأمر شبيه بأوروبا القرون الوسطى، حيث لكل مدينة وسائل سيطرة خاصة بها." وفي اشارة على شعور قادة البلاد بضغط متزايد تجول الرئيس الصيني تشي جينبينغ بأحد أحياء بكين ومستشفى هناك، ووصفت وسائل اعلام محلية ذلك بتفتيش للخط الأمامي لتفشي المرض. وتعرض قادة البلاد لانتقاد حاد على النت رغم الرقابة المشددة بسبب ردة الفعل الأولية البطيئة وقمع التحذيرات المبكرة.
من جهة ثانية، زار فريق من منظمة الصحة العالمية بكين للعمل مع باحثين صينيين يكافحون الفيروس، وقد يؤشر وصولهم الى تغير بموقف زعماء الصين المترددين حيال الزيارة وعملوا منذ فترة طويلة على اظهار عدم حاجتهم للمساعدة الخارجية بمعالجة المشكلة.
ذكر المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس بقلق حالات اصابات بين أشخاص لم يسافروا الى الصين، وقال "بالمختصر، ربما رأينا مجرد قمة جبل الجليد." لكن مسؤولي الصحة الصينيين تشجعوا بسرعة حالات الشفاء التي تفوقت على الوفيات لأكثر من أسبوع، الّا أن معدل العدوى استمر بالصعود مما يظهر أن الأسوأ لم يأت بعد.
من الواضح أن اعادة تشغيل الصين سيكون صعبا حتى اذا حققت البلاد خطوات كبيرة بالأيام المقبلة باتجاه احتواء التفشي. فقد أعلنت شركة نيسان اغلاقها مصنع مدينة كيوشو اليابانية لمدة أربعة أيام "بسبب نقص امداد قطع المركبات من الصين". وحذرت شركتا فيات كرايسلر الايطالية وهيونداي الكورية من أن نقص القطع الصينية قد يجبرها على خفض الانتاج بأسواقها المحلية.
من جهته ذكر منتدى التنمية الصيني وهو تجمع كبير لرجال الأعمال والاقتصاديين أن اجتماعه السنوي المزمع عقده في آذار جرى تأجيله الى اشعار آخر. وأطال مسؤولو الحكومة عطلة السنة القمرية الصينية الجديدة لابقاء الناس داخل منازلهم، أما المدن التجارية المهمة مثل بكين وشنغهاي ومقاطعات غوانغدونغ وشاندونغ فمددت العطلة لأيام اضافية.
قالت شركة دايملر الألمانية للسيارات إنها بدأت تدريجيا بزيادة الانتاج في مصانعها الصينية، لكن شركات كبيرة أخرى ذكرت أن مصانعها بقيت مغلقة أو تعمل أبطأ من المعدل الطبيعي، ومنها شركة فورد التي قالت إنَّ مشروعها المشترك مع إحدى أكبر الشركات الصينية المملوكة للدولة أعاد تشغيل بعض انتاجه. وحذت حذوها شركة جنرال مورتورز التي أعادت افتتاح أول مصانعها الضخمة للتجميع في الصين، وسوف تعيد تدريجيا فتح البقية خلال الأسابيع المقبلة. تتخذ السلطات موقفا متشددا تجاه حركة المرور مما يعني معاناة العمال بالوصول الى وظائفهم، وبدأت عدة مدن وبلدات بفرض أسبوعين من الحجر الصحي الالزامي على سائقي الشاحنات الواصلين ممن جلبوا حمولات في مدن تفشى بها المرض أو قادوا عجلاتهم مرورا بها.
تعاني أحواض السفن حول البلاد من نقص الأيدي العاملة، كما يقول تيم هوكسلي المدير التنفيذي لشركة ماندرين للشحن البحري في هونغ كونغ. أما شركات بناء السفن وترميمها فبدؤوا بذكر ذلك النقص لتنفيذ بنود بعقودهم تسمح لهم بتأخير اكمال مشاريع بسبب أحداث خارجة عن سيطرتهم.
تضع الجهات الرقابية المحلية عوائق اضافية، فقبل اعادة افتتاح مشاريع في مدن صناعية كبرى مثل شنغهاي وشينزهن وسوزهو ونانجينغ يجب عليها تثبيت تاريخ السفر وصحة كل موظف طيلة الفترة الماضية. 
 
صحيفة نيويورك تايمز