إدارة البناء

اقتصادية 2020/02/21
...

ثامر الهيمص
 
شماعة عدم الاستقرار المالي، ما زالت شاخصة في الشأن العمراني، ما ترتب في ضوئه وبذريعته، تضخم وترهل كمي مع تنوع الجهات وتعددها، إذ باتت المركزية التقليدية خزانا لقوانين معتقة تنهل منها اجهزة الدولة، ليتسيّد عوق الانجاز بفساد شرس. 
ففي قطاع البناء وبحسب منظمة اليونسكو في تقريرها للسنة 2019 الصادر باسم (تقييم سوق العمل وتحليل المهارات/العراق واقليم كردستان العراق)، ان الجهات المعنية الرئيسة من القطاع العام في العراق المدار مركزيا هي: وزارات التخطيط والمالية وشؤون المحافظات والبلديات والاشغال والاسكان والاعمار (تشمل هيئة الدولة للاسكان، هيئة الدولة للبناء، هيئة الدولة للطرق والجسور) وأخيرا الهيئة الوطنية للاستثمار بفروعها في المحافظات، اما اقليم كردستان فتديره ثلاث وزارات ومجلس الاستثمار 
الوطني. 
هل من الوارد ان يكون إنجاز هذا الجهاز الضخم يساوي خلال الاشهر التسعة الاولى للعام 2019 ما يعادل 17 بالمئة من الموازنة الاستثمارية بموجب تقرير هيئة الرقابة المالية؟.
لا يسع لأحد أن يدعي أيضا أن هذا الانجاز المتواضع جدا هو انجاز مباشر من الاجهزه التنفيذية للدولة بل هو من عمل القطاع الخاص ليصل نسبته 98 بالمئة وذلك حسب الجهاز المركزي للاحصاء الوارد في تقرير اليونسكو اما الـ 2 بالمئة فهي - حسب التقرير - تقدير هائل لنشاط المنشآت الحكومية، لأنّها تتعاقد فرعيا على معظم قيمة اعمالها للمقاولين من القطاع الخاص، والمقاولين الفرعيين، ما يفسّر السبب وراء قيام القطاع الخاص في النهاية بجميع أعمال البناء تقريبا.
في الواقع، وكما يشير التقرير، فإنّ (الخط الفاصل بين منشآت المقاولات والمقاولين غير واضح)، فهل هذا التشويه يأتي تطبيقا لنهج اقتصاد السوق، إذ يتضخم جهاز الدولة وينجز عمله القطاع الخاص؟.
ان هذه لا تعد شراكة تكاملية بين القطاعين العام والخاص بكل الاحوال، بقدر ماهي علاقة لشبكات مصالح كما أثبتها الانجاز العام لـسنة 2019 الذي لم يصرف من المخصص للاستثمار أكثر من ربع المخصص. لكن لفت انتباهنا ان صروحا تقام للبنك المركزي وهيئة الاستثمار، وربما كان الصرحان من ضمن الانجازات الاستثمارية، في الوقت ذاته لا نجد مسوغا موضوعيا للاهمال الذي طال مشروع قناة الجيش بشأن تدوير التخصيصات الهائلة للاستثمار للخزينة وكذلك ارض معسكر الرشيد  ومشاريع متلكئة أخرى. هنا تسقط ذريعة المخصص المالي، خصوصا واننا نتحدث عن مناطق آمنة سواء في الاستثمار او الاعمار، ففضلا عن الجهات المعنية هناك اجهزة رقابية قضائية ومالية وتشريعية، لذا فإنه ليس مجرد تقصير اداري بل انه انحراف بنيوي ينبغي ان تغلقه الوزارة الجديدة، اذ لا تنفع الترقيعات والترضيات قصيرة النظر والتأجيل لان التفاقم سيكون حصيلة لما تقدم .