إن المصارف الحكوميَّة والخاصة استطاعت أن تسهمَ في الاستقرار المالي والنقدي وتسيير الأعمال المصرفيَّة في ظروف التظاهرات والحراك الشعبي السلمي الذي انطلق منذ الأول من تشرين الأول للعام الماضي بالمقارنة مع ارتباك العمل المصرفي في دولٍ أخرى سبق أن مرَّت بالظروف ذاتها أو ما زالت تمرُّ بظروفٍ مشابهة.
وهذا يؤكد سلامة السياسات والإجراءات المرسومة من قبل البنك المركزي في تطبيق السياسة النقديَّة والتنفيذ الدقيق من قبل المصارف في تطبيق ما ورد في ستراتيجيته للسنوات (2016 ‐ 2020) والتطورات الهيكليَّة والبنيويَّة والتقنيَّة التي أسهمتْ في ظهور ملامح بارزة لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي،
وهذا عزز من الدعم الذي قدمه البنك المركزي والمصارف للاقتصاد الوطني أثناء الأزمات الاقتصاديَّة والماليَّة وهي نقطة مضيئة وتجربة نجاح في بلدٍ يمرُّ بظروف قاسية ومعقدة وبمرحلة تاريخيَّة هي الأصعب في مواجهة التحديات
الاقتصاديَّة.
إنَّ الجهود والسياسات الحكيمة وتطبيقات السياسة النقديَّة الرشيدة والإجراءات التطويريَّة للقطاع المصرفي في تحفيز النمو الاقتصادي والشمول المالي والبناء الهيكلي والمؤسسي والاستثمار الأمثل في الرأسمال البشري أدت الى إنجازات مهمة أبرزها: المحافظة على التصخم بنسبه لا تزيد على 2 % وعلى مستوى من الاحتياطات الأجنبيَّة ضمن معدلات أعلى من النسب المقبولة وفق المعايير الدوليَّة، إذ بلغت الاحتياطيات النقديَّة الأجنبيَّة للعراق بحدود أكثر من 80 مليار
دولار.
وبناء القطاع المصرفي تنظيمياً وإشرافياً ورقابياً وتأسيس وحدات جديدة ضمن الهياكل التنظيميَّة للمصارف كالامتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإدارة المخاطر الإئتمانيَّة والتشغيليَّة وإصدار قانون غسل الأموال 39 لسنة 2015 وتشكيل مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتطوير أنظمة المدفوعات وتطبيق جميع عمليات الدفع بالتجزئة وبواسطة الهاتف النقال وإنشاء المقسم الوطني والعمل على تطبيق المعايير الدوليَّة في التقارير الماليَّة انسجاماً مع مبدأ الشفافيَّة والإفصاح وتشكيل مجلس المدفوعات
العراقي، تضاف الى ذلك الجهود المبذولة يومياً في تحفيز عمليات الشمول المالي وتشكيل اللجنة العليا للشمول المالي والعمل على رسم ستراتيجيَّة وطنيَّة للشمول المالي والتركيز على مشروع توطين رواتب الموظفين لغرض رفع نسبة الشمول المالي للسكان الذين ليس لديهم حسابات في الجهاز المصرفي ولغرض إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، كذلك تأسيس شركة ضمان الودائع بهدف رفع نسبة الادخار لدى المصارف وتقليل نسبة الاكتناز في البيوت وبالتالي تنشيط الاقتصاد من خلال تفعيل الاستثمار والتمويل المصرفي واتخاذ الإجراءات التنظيميَّة والهيكليَّة واستحداث مركز الإيداع في سوق العراق للأوراق الماليَّة وتأسيس مركز وطني للاستعلام
الإئتماني.
إنَّ الجوانب الإيجابيَّة أعلاه في مصارفنا تؤكد أنها ما زالت بحاجة إلى الدعم الحكومي بتنفيذ جميع القرارات الصادرة سابقاً من مجلس الوزراء ولجنة الشؤون الاقتصاديَّة والتي مع الأسف لم
يتم تفعيلها من الجهات المعنيَّة.
كما أني أعتقد أنَّ على المصارف أنْ تتولى تجاوز الإخفاقات ومعوقات العمل الذاتيَّة والتي أدت إلى ضعف ثقة الزبائن في تعاملاتها المصرفيَّة؛ والقصد هنا المصارف المتعثرة والمشخصة من قبل البنك المركزي ورابطة المصارف الخاصة العراقيَّة والمواطنين.