التسنيد الجزئي للرواتب

اقتصادية 2020/03/11
...

د. باسم الإبراهيمي
 
لم نصل حتى الآن الى ما يمكن أنْ نسميه «عين الأزمة»، إذ ما زلنا على مشارفها، ولكنْ من الحكمة أنْ نتدارك 
الوضع وأنْ نخطط لأسوأ الاحتمالات، الأزمة في العراق تختلفُ عن باقي الدول، فهي ذات أبعاد ثلاثة، سياسي 
(أزمة تشكيل الحكومة)، صحي (أزمة وباء كورونا)، اقتصادي (تهاوي أسعار النفط)، وفي الحقيقة يمكن النظر الى الأبعاد الثلاثة من زاوية البعد الاقتصادي لما لها من تأثير واضح في مفاصل الاقتصاد العراقي، 
فالأزمة السياسيَّة انعكست على تأخر الموازنة وانسيابيَّة حركة التجارة والنقل، وبدوره فإنَّ فايروس كورونا سبب ضرراً اقتصادياً على العلاقات العراقيَّة الخارجيَّة، لا سيما مع الصين التي كان يعول البعض على قدرتها في تفعيل محركات النمو الاقتصادي في العراق من خلال الاتفاقيَّة التي وقعت معها، لتأتي أخيراً صدمة أسعار النفط في وقتٍ هو الأصعب على العراق خلال المرحلة الجديدة.
السوق النفطيَّة لا تزال غير مستقرة والأسعار تترنحُ حول الخمسة والثلاثين دولاراً، 
والأزمة الثلاثيَّة في العراق انعكست على مستوى الطلب واتجاهاته على السلع والعملة الأجنبيَّة من جهة قطاع الأفراد وعن توجهٍ لمراجعة الموازنة العامة من جهة القطاع الحكومي، إذ إنَّ المعطيات الحالية تؤشر اختلالاً كبيراً في الموازنة بصيغتها التي أعدت قبل الأزمة، وفي ضوء ما يحدث انبرى العديد من الأخوة الباحثين لطرح العديد من الأفكار والحلول لعبور الأزمة وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها لم ترَ النور حتى الآن، وهذا ما يزيدُ من ضبابيَّة المشهد ويفسحُ المجال للمضاربين للصيد في الماء 
العكر.
هذه الأزمة المركبة تحتاجُ الى حلولٍ حقيقيَّة لتجاوزها والبعض منها سيكون مراً وربما 
لا يحبذه الكثير فتقليل الرواتب أو الادخار الإجباري أصبح «شراً لا بدَّ منه» لتقليل النفقات لأنَّ فقرة الأجور والرواتب تشكل أكثر من (70 بالمئة) من النفقات التشغيليَّة، 
أما في جانب الإيرادات فنعتقد بأهمية إصدار سندات دولارية موجهة للجمهور بفوائد عالية بهدف جذب المدخرات وتوجيهها حصراً الى قطاع السكن وبعض القطاعات الإنتاجيَّة لتحريك الاقتصاد الذي سيدخلُ في حالة الركود ما لم يتم إنعاشه بجرعات من الإنفاق الاستثماري.
ختاماً يمكن جمع المقترحين أعلاه في مقترحٍ واحدٍ يمكن أنْ نسميه «تسنيد الرواتب الجزئي» فضلاً عن العديد من الأفكار الأخرى التي سنأتي عليها لاحقاً.