اللجنة المالية: لن تلجأ الدولة لاصدار نقدي جديد

العراق 2020/03/31
...

بغداد / هدى العزاوي
استبعد خبراء في المجال المالي والاقتصادي، ان تلجأ الحكومة الى طبع عملات جديدة خارج رصيد البنك المركزي العراقي، منوهين في الوقت نفسه الى وجود بدائل يمكن ان تسهم في حل الازمة، منها امكانية الاقتراض الداخلي من المصارف والبنوك وكذلك القطاع الخاص، اضافة الى فائض موازنة 2019. وتداولت اوساط سياسية مؤخراً انباء تفيد بوجود نية لاصدار طبعات ورقية لتغطية النفقات التشغيلية وسد العجز الحاصل في الموازنة بسبب انخفاض اسعار النفط الذي رافق انتشار فيروس كورونا.
واوضح مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب، الدكتور احمد الصفار، ان هناك فرقاً بين طبع العملة وعملية الاصدار النقدي الجديد، مضيفاً في تصريح لـ"الصباح" ان "طبع العملة عملية مستمرة من البنك المركزي لتعويض العملة التالفة، اما عملية خلق عملة جديدة، فهي اخر الحلول في حال نفاد الاصدار النقدي، محذراً من ان هذا الاجراء يعني حدوث تضخم وارتفاع في الاسعار مقابل انخفاض القدرة الشرائية للعملة.
واستبعد الصفار لجوء الدولة الى مثل هذا الاجراء، في ظل وجود بدائل يمكن ان تسهم في حل الازمة، منها امكانية الاقتراض الداخلي من المصارف والبنوك وكذلك القطاع الخاص، اضافة الى ان هناك فائضاً مالياً من موازنة 2019، يمكن استثماره في حال ضغط الانفاق والبحث في مواد اخرى غير نفطية لتعزيز الرصيد المالي بما يمكن الحكومة من تأمين رواتب الموظفين وادارة الازمة في هذه المرحلة.
واكد مقرر اللجنة النيابية ان الازمة الحالية مؤقتة وناتجة عن انخفاض اسعار النفط، الذي تزامن مع تفشي مرض كورونا، وفشل منظمة اوبك بالاتفاق مع الدول المصدرة كالسعودية وروسيا على خفض الانتاج والعمل على استقرار الاسعار، لكنه نوه بان هذا الانخفاض لا يصب في صالح المنتجين، ومن المرجح ان يعودوا الى طاولة المفاوضات من جديد لتحديد كميات الانتاج والمعروض بما يسهم في عودة الاسعار الى سابق عهدها. 
ولفت الصفار الى ان بيع برميل النفط بسعر يتراوح بين 30 – 35 دولاراً، سيمكن العراق من تغطية رواتب الموظفين ويبعد خطر انهيار اقتصاده.
وبين الصفار انه في حال الاقدام على اصدار عملة جديدة، فان محدودي الدخل واصحاب الرواتب سيكونون المتضرر الاكبر، جراء ما يسببه ذلك من انخفاض في قيمة الدينار.
وعلى العكس، يقول الصفار، فان ضخ عملة جديدة سيعود بالفائدة على اصحاب الدخول المرنة من مالكي الشركات، والتجار وغيرهم، محذراً من ان هذه العملية تشكل خطورة على الوضع الاقتصادي لبلد مثل العراق.
وكان البنك المركزي قد اصدر توضيحاً بشأن ما يتداوله بعض المسؤولين عن امكانية طبع عُملة عراقية لتلافي المشكلات الاقتصادية، مبيناً "إن طبع الأوراق النقدية العراقية إجراء روتيني فني يمارسه البنك المركزي وفق متطلبات التداول النقدي، وإن طبع الأوراق النقدية عملية منفصلة تماماً عن عملية الإصدار النقدي".
وشدد على ان "أية جهة لا تستطيع سحب الأوراق النقدية من البنك المركزي ما لم تكن في حساباتها أرصدة تغطي المبلغ المطلوب"، مضيفاً ان " القول  بطبع الدينار لا يعني أي معنى سوى تعزيز خزائن البنك المركزي وفقاً لسياسة إدارة النقد، وليس لأي معنى أو غرض آخر".
كما اكد البنك المركزي ان "قانون البنك، والسياسة النقدية لا يسمحان بإصدار النقد لصالح حساب بدون رصيد".
في غضون ذلك، اوضح المستشار في رئاسة الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح ان "الركون الى فكرة الاصدار النقدي كوسيلة تمويل بديلة للايرادات  الحقيقية، لتغطية العجز المالي الحكومي يقتضي قراراً خطيراً يتخذه مجلسا الوزراء والنواب وبقناعة السلطة النقدية".
واضاف في تصريح لـ"الصباح" ان هذا الاجراء "يقتضي ايضاً تعديل المادة 26 من قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004 التي تنص صراحة على حظر اقراض الحكومة، لما يترتب من تدهور في قيمة العملة، لاسيما عند الافراط في تمويل المصروفات الحكومية عبر هذه  الطريقة النقدية السهلة سواء في تمويل عجز الايرادات او عجز النفقات  الحكومية".
وتوقع صالح تحسن الوضع الاقتصادي بعد انتهاء ازمة كورونا، وقد يستغرق ذلك حتى نهاية الصيف الحالي، منوهاً الى ان ادارة الازمة المالية في هذه المرحلة لا تخلو من صعوبات، وعلى الحكومة وضع هذا التحدي ضمن اولوياتها من خلال اعداد معايير للصرف وتأمين الرواتب بشكل معقول.
بدوره، شدد الاستاذ في النظرية النقدية بالجامعة المستنصرية الدكتور فالح الزبيدي، على اهمية ان يكون امام اصدار عملة نقدية، غطاء في البنك المركزي من العملات الصعبة من الدولار او اليورو او الين، او مايسمى سحب الحقوق الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي.
واضاف في تصريح لـ"الصباح" ان هناك امكانية ان تلجأ الحكومة الى الاستدانة من البنك المركزي بسندات، وبخلاف ذلك سيسبب طبع عملة جديدة، زيادة كمية العملة في السوق، وبالتالي يؤدي الى حدوث تضخم، وارتفاع الاسعار. 
وبين الزبيدي ان مستوى المعيشة سينخفض في حال اصدار عملة جديدة، وسيؤثر ذلك بشكل مباشر في اصحاب الدخل الثابت كما يؤثر في الاستيرادات والخدمات الخارجية.
كما ان اصدار عملة جديدة خارج رصيد البنك المركزي سيزيد نسبة الفقر في العراق، وفقاً للمتحدث الدكتور فالح الزبيدي.
وكان النائب الاول لرئيس البنك الدولي الدكتور محمود محيي الدين، قد اعلن، الاحد، ان العالم دخل في مرحلة ركود اقتصادي. واضاف محيي الدين، وهو المبعوث الخاص بالأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، إن الركود الحالي يشبه الأزمة العالمية في 2008، وان هذه الازمة قد تتفاقم اكثر إذا لم يأخذ العالم التدابير الوقائية، مشيرا الى ان الرهان على الخروج من حالة الركود هو التعافي من كورونا.