الإصدار النقدي

اقتصادية 2020/04/11
...

د.مظهر محمد صالح
 

عندما تلجأ الحكومة او المالية العامة في النهاية الى البنك المركزي كبنك اصدار العملة، بغية تمويل عجز مصروفات الموازنة بالاداة التضخمية النقدية، فان ذلك يأتي  بالغالب عبر آلية قبول البنك المركزي لحوالات الخزينة كاداة لتمويل الدين العام الداخلي لقاء النقد المصدر، وسيستمر الحال اذا ما استسهل الأمر حتى يتهالك الاحتياطي الاجنبي للبنك المركزي بسبب تعاظم الطلب بالدينار الجديد على الدولار القديم (اي الاحتياطيات الاجنبية المتراكمة) والذي يمثل بالوقت نفسه طلباً مشتقاً على سلع وخدمات ومنافع اجنبية لاسيما عندما تكون دوال الطاقات الانتاجية المحلية ضعيفة 
المرونة.
عندها ستدخل البلاد في دوامات التوقعات التضخمية واضطراب دوال الطلب نفسه وتحولها الى مستويات فائقة جراء حصول فائض طلب سلعي مرتفع امام شحة العرض او اخفاقه في تلبية الطلب او الانفاق الكلي خصوصاً عند نفاد المخزونات السلعية ونقص تعويضها بمرور 
الوقت.
ويحدث ذلك على غرار ما حصل بعد عام 1990 حتى لو جزئياً من ظواهر تضخمية حادة تمثلت في  تدهور قيمة العملة الى ثلاث مراتب عشرية وتدني مستوى المعيشة 
معاً.
لذا فان الركون الى فكرة الاصدار النقدي كوسيلة تمويل بديلة للايرادات الحقيقية النفطية لتغطية العجز  المالي الحكومي يقتضي قراراً خطيراً يتخذه مجلسا الوزراء والنواب وبقناعة السلطة النقدية ابتداءً لكونه يقتضي تعديل المادة 26 من قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004 التي تنص صراحة على حظر اقراض الحكومة، ذلك لما يترتب كما ذكرنا من تدهور في قيمة العملة، لاسيما عند الافراط في تمويل المصروفات الحكومية عبر هذه الطريقة النقودية السهلة سواء في تمويل عجز الايرادات او عجز النفقات
 الحكومية.