التصدي الروسي لفيروس كورونا.. مواضع القوة والضعف

العراق 2020/04/17
...

جودي تويغ* ترجمة: أنيس الصفار   

على مدى الأسبوعين الماضيين، بدأت القيادة الروسية تنظر الى جائحة فيروس كورونا بعين الجد. تفيد التقارير بأن أعداد من أصيبوا بالعدوى في روسيا لغاية 9 نيسان قد بلغت 11917 شخصاً، وذلك على أساس اكثر من مليون فحص أجريت، وهذا العدد مستمر في التضاعف مرتين كل ثلاثة أيام. يتوقع كبار الخبراء المحليين أن تصل العدوى في روسيا ذروتها ما بين 17 و21 نيسان، وبعد ذلك ستثبت الأعداد على مستواها من دون تراجع جدي حتى مطلع شهر حزيران أو منتصفه، ويبدو أن الحكومة الروسية تعد نفسها لمواجهة الأسوأ، إذ يجري حالياً تحضير 20 ألف سرير في المستشفيات العامة والخاصة في موسكو وحدها.
حتى الآن يتمركز الوباء في موسكو والمناطق من حولها، ولكنه آخذ بالزحف خارجاً بسرعة ملحوظة نحو نقاط ساخنة في انحاء أخرى من روسيا. خلال الايام القليلة الماضية تصاعدت اعداد الحالات المثبتة خارج موسكو من 29 بالمئة الى 34 بالمئة من إجمالي الاصابات، مع ملاحظة أن نشاطات الفحص كانت مركزة بشدة على موسكو وقلة من المناطق الاخرى الغنية بالموارد الطبيعية مثل سيبيريا واقصى الشرق، أما انخفاض عدد الحالات المثبتة في سان بطرسبرغ (وهو 408 حالات لغاية 10 نيسان) فقد يكون مرده الى قلة عدد الفحوص التي أجريت هناك، إذ انها لم تتعد 40 ألف فحص لا غير.
عند اخذ الفحوص الواردة في التقارير كأرقام مجردة، وعلى أساس التغطية للفرد الواحد، تبرز روسيا كواحدة من أرفع الدول أداء، ولكن يبقى من غير الواضح مستوى نوعية تلك الفحوص ودرجة تغطيتها. هناك في مختلف أنحاء روسيا 190 مختبراً عمومياً، بالاضافة الى حفنة من العيادات والمختبرات الخاصة، تتولى اجراء الفحوص والاختبارات، ويقال ان هناك اختبارات جديدة تحت التطوير في روسيا سوف تتيح الحصول على نتائج أدق وبسرعة أكبر. هناك أيضاً تقارير عديدة متناقلة تزعم أن بعض الذين يدخلون المستشفيات يعالجون من إصابتهم بالالتهاب الرئوي من دون إجراء فحص الكورونا عليهم للتحقق، برغم أن حالاتهم تشير بوضوح الى احتمال إصابتهم به. وقد خلصت عملية مسح أجراها المعهد العالي للاقتصاد في الفترة من 4-5 نيسان، الى أن نصف الروس يعتقدون بأن الأرقام التي تعلنها السلطات تقل عن عدد الإصابات الحقيقية بالمرض، ولم يبد ثقته بالإحصائيات الرسمية سوى 12 بالمئة من المستطلعة آراؤهم.
لا يكمن السبب هنا في أن الكرملين يتعمد التلاعب بالسجلات بانتظام ودهاء .. يتلقى المعلومات عن الاعداد الحقيقية ولكنه يعد تقارير تتحدث عن أرقام مختلفة. واقع الأمر ينطوي على جوانب أعمق من ذلك، جوانب لها ارتباط بعوامل اخرى، مثل المعايير التي تحدد إجراء الاختبار أو عدمه، كذلك درجة استعداد المستويات الأدنى في المنظومة الطبية لإدراج الأنباء السيئة في تقاريرها. كثير من مدراء المستشفيات يواجهون معضلة الخيار في مواجهة هذا المفترق، فهم من ناحية يحتاجون بشدة الى موارد إضافية تعينهم على التعامل مع زخم الحالات الراهنة أو المرتقبة، بيد انهم من ناحية أخرى لا يريدون أن يصبحوا محطاً للنظرة السلبية. إحدى الطبيبات، وهي من العناصر النشطة في اتحاد الاطباء، التي كانت تنتقد منذ وقت طويل جوانب القصور في النظام الصحي، تعرضت للاحتجاز في الاسبوع الماضي بسبب تذمرها علناً من نقص وسائل الوقاية الشخصية لكوادر المستشفى الذي تعمل فيه.
في موضع بارز على صفحة الموقع الحكومي الرسمي لفيروس كورونا تطالعك لائحة بالمعايير المحددة الصارمة التي توجب إجراء الفحص. هذه اللائحة تشمل كل من تظهر عليه أعراض المرض بعد عودته من رحلة الى الخارج، وكذلك جميع الاشخاص الذين اتصلوا به اتصالا مباشراً أو لمسوه. تشمل اللائحة أيضاً كل من تظهر عليه أعراض المرض اذا كان عمره يتعدى خمسة وستين عاماً (في حين أنها لا تشمل من هم اصغر سناً حتى لو ظهرت عليهم الاعراض، إلاّ اذا كانوا عائدين من رحلة خارجية). ينص الموقع أيضاً على أن “فحصاً واحداً قد لا يكفي للتشخيص”، وهذا معناه أن التأكد من النتيجة قد يتطلب فحصاً ثانياً وربما ثالثاً. يستدل من هذا أن هناك تراكماً محتملاً من الاشخاص المصابين الذين لا يزالون بانتظار نتائج فحصهم الثاني أو الثالث قبل إدخالهم ضمن الإحصائيات الرسمية (علماً أن الاجراءات المختبرية لكل فحص تتطلب عدة أيام)، يؤخذ بالاعتبار أيضاً أن بعض المنتظرين قد يتوفون قبل دخولهم الاحصاء الرسمي. كذلك تتحدث الارقام عن ملايين الفحوص التي تجرى ولكنها لا توضح كم منها هي الفحص الثاني أو الثالث للشخص نفسه.
الوضع العام في روسيا لا يجعلها مميزة كثيراً عن باقي دول العالم، فمن المتوقع أن تأتي الإحصائيات المعلنة ادنى من الارقام الفعلية في معظم البلدان، وذلك بسبب الاخطاء والنواقص في وسائل اجراء الفحوص. الحكومة الروسية تعمل دائبة في كل مكان وعلى جميع المستويات لتأمين تغطية كافية من اجهزة التنفس الاصطناعي ومعدات الوقاية الشخصية. المواطنون العاديون يحملون الطعام الى الكوادر البطلة في المستشفيات، أو يعكفون على تدريس أطفالهم أو يحاولون ابتكار طرق يشغلون بها وقتهم خلال فترة الحجر. بيد أن روسيا لديها بعض الخصائص المميزة، لاسيما جغرافيتها وبناها التحتية ووضع نظامها الصحي حتى قبل الأزمة، بالاضافة الى تركيبتها السكانية. هذه الخصائص تعطي روسيا مزايا فريدة في معركتها ضد الجائحة، ولكنها في الوقت نفسه تسبب لها جوانب ضعف.
الجغرافيا: في روسيا مناطق مأهولة كثيرة فسيحة واسعة المساحات، ولكن كثافاتها السكانية واطئة، وهذا يسهل عليها تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي. كذلك يتسم نظام النقل في روسيا بالمركزية، إذ يتركز ما يقارب نصف اجمالي حركة الطيران في خمس مدن، هي موسكو وسان بطرسبرغ وكراسنودار وسيمفوروبول وسوشي، وهذا ينجم عنه تركز اعداد كبيرة من المسافرين في عدد قليل من الأماكن (جانب سيئ) بيد أنه يسهل على الجهات المعنية التدخل بسرعة لتطويق انتشار المرض (جانب جيد). ثمة قلق ايضاً من أن هذه الميزة الأخيرة ربما تكون أهدرت، لأن المناطق في روسيا تتمتع بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي، وهذا يعطيها حق اتخاذ قراراتها المستقلة بشأن “البقاء في المنزل” وغير ذلك من الاجراءات المقيدة للحركة. بعض هذه المناطق لديها اوضاع خاصة قابلة للارتداد بنتائج عكسية، مثل جعل السكان يحضرون بأنفسهم للوقوف في صفوف مزدحمة لأجل الحصول على عمل أو استصدار إجازة ما أو ترخيص، وهذا يرفع محذور اتساع رقعة انتشار
 الفيروس. 
كثير من اهالي موسكو، الذين قد يكونون حاملين للمرض، فروا من العاصمة الى انحاء اخرى من البلد بسياراتهم الخاصة، متجنبين بذلك اجراءات الاغلاق التي فرضت على وسائط النقل العام. في يوم 6 نيسان فرضت بعض مناطق صربيا ودول الشرق الأقصى حظراً للتجوال أمده اربعة عشر يوماً على كل قادم من موسكو أو سان بطرسبرغ، ولكن قد ينقضي بعض الوقت قبل أن نعلم حقيقة المدى الذي انتشر اليه الفيروس.
البنى التحتية والخبرة في مجال الرعاية الصحية: كان لدى روسيا دائماً عدد كبير جداً من الأطباء والمستشفيات والأسرة قياساً الى تعدادها السكاني. وفرة الامكانيات هذه ليست هي المشكلة، بل نوعيتها. منذ منتصف أعوام ما بعد 2000 كانت هناك مجموعة من البرامج القومية التي درّت على النظام الصحي مئات الملايين من الدولارات. أدى هذا الى حدوث انقلاب كامل في مستويات الرعاية الصحية في كثير من المدن الكبيرة مقارنة بما كانت عليه قبل عقود لا أكثر. ولكن رغم الأموال التي أغدقت بقي كثير من معدات المستشفيات الروسية بالياً ومجرد صورة لا أكثر. كذلك فإن الكوادر الطبية ليست على مستوى موحد من التدريب، ومن المرجح أن يكون هناك نقص في التخصصات المطلوبة (مثل أطباء التخدير والمعالجين في مجال التنفس الاصطناعي وفنيي المختبرات وكوادر التمريض المتخصصة بالعناية المركزة)، هذا النقص يجعلها عاجزة عن سد احتياجات علاج مرضى الكورونا. كذلك فإن الاطباء الروس كبار السن نسبياً، وهذا يثير القلق من أن يصبحوا هم انفسهم عرضة للاصابة بالفيروس (وهو احتمال جدي نظراً لشح معدات الوقاية الشخصية) وكذلك بشأن تلقيهم مستوى التدريب الحديث المطلوب. 
في روسيا لا يتركز الاعتماد على المستشفيات الكبيرة متعددة الاختصاصات كما هي الحال في الولايات المتحدة، فمعظم المستشفيات التي فيها ردهات لرقود المرضى تكون متخصصة في مجال ما، مثل مستشفيات الأمراض المعدية ومستشفيات الولادة ومراكز القلب والأوعية الدموية .. الخ. معظم التحديث والتطوير الذي شهده العقد الأخير انصب في الواقع على الجوانب الأكثر تأثيراً في تلبية المتطلبات السكانية الملحة، وبذلك كانت هناك مؤسسات متخصصة بالتوليد ورعاية حديثي الولادة لأجل رفع معدلات الولادة، ومراكز الأمراض غير الانتقالية (مثل مرض القلب والسكتة الدماغية والسرطان) للتعامل مع مشكلة الوفاة المبكرة بين الرجال الذين لا يزالون في سن العطاء والعمل. لذا قد يكون من الصعب إحداث نقلة في هذه المؤسسات تشمل البنى التحتية والمعدات والتجهيزات من اجل مواجهة الجائحة التي برزت مؤخراً. لا تقل عن ذلك أهمية ضرورة كسر الهيمنة الإدارية والبيروقراطية القائمة بين هذه المؤسسات والقطاعات الفرعية، وإشاعة روح التواصل والتعاون بينها بدلاً من سلوكيات الانغلاق والاستئثار وحماية دوائر النفوذ.
كثير من الاندلاعات المحلية لفيروس كورونا في الولايات المتحدة وأنحاء أخرى من العالم، كانت بؤرها مؤسسات الرعاية طويلة الأمد، مثل دور رعاية المسنين، إذ يكون هناك تجمع من الكبار المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالمرض. في الولايات المتحدة هناك حالياً ما يقارب 1,5 مليون شخص يقيمون في مؤسسات رعاية المسنين، يقابلهم في روسيا نحو 250 ألف مسن موزعين بين 1500 مؤسسة عامة (لغاية العام 2016)، فالروس اكثر ميلاً الى تجنب هذه المؤسسات بسبب ما يذاع عن رداءة الخدمة وضعف الكوادر العاملة فيها. في الظروف الاعتيادية يعتبر الافتقار الى مؤسسات رعاية عالية المستوى من أسباب النقص والضعف، ولكنه في حالة روسيا كان من أسباب القوة في مواجهة الجائحة.
مبعث آخر للأمل: كان مستوى التكنولوجيا المتاحة في أيام الحقبة السوفييتية متردياً، ليس في مجال الرعاية الصحية وحده، بل في الاقتصاد بأكمله، هذا التردي اضطر العلماء والمهندسين والفيزيائيين الروس الى الابتكار والاستعانة بذكائهم من اجل تحقيق النتائج المرادة بما يتيسر لهم من مواد. بهذه البراعة تمكنوا في بعض الاحيان من بلوغ معايير اداء عالية التعقيد باستخدام مواد اولية واطئة التكنولوجيا نسبياً. هذه القدرة على استخدام ابسط الوسائل في حل مشاكل معقدة بقيت لدى الروس، ولعلها ستخدمهم في تمكين مؤسسات الطوارئ والرعاية الصحية من التعامل مع هذه الازمة. ستكون هذه انباء سعيدة لمرضى كورونا الروس إذا ما تمكن الفنيون في مستشفياتهم من محاكاة الابداع الذي رأيناه في ايطاليا، حيث ابتكر الأطباء صماماً خاصاً باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد أحال قناعاً يستخدم في الغطس تحت الماء الى قناع للتنفس الاصطناعي، أو كما في إسبانيا، حيث استخدمت ماسحات زجاجة السيارة الأمامية لتحويل أكياس الإنعاش اليدوية الى أجهزة تنفس اصطناعي ميكانيكية.
الديموغرافيا والأوضاع الصحية: برغم أن الأدلة مستمرة في الظهور، هناك افتراض مقبول على نطاق واسع بأن التقدم في السن يزيد الانسان ضعفاً بمواجهة فيروس كورونا وسلسلة من الامراض الاخرى كذلك. كانت تركيبة الأعمار في روسيا تتجه طيلة العقد الماضي نحو التقدم في السن بوجه عام، ففي 2010 كان المتقاعدون يشكلون ما يقارب 22,3 بالمئة من السكان، في حين انهم الآن يشكلون 25,9 بالمئة. كذلك تشير البيانات الى أن الاصابة بفيروس كورونا اشد وطأة على الرجال مما هي على النساء، وأن نسبة الرجال المصابين بالفيروس ويدخلون مرحلة الخطر تفوق نسبة النساء، بالتالي تكون معدلات الوفاة أعلى إجمالاً بين الرجال. ولما كانت الوفيات المبكرة بين الذكور في روسيا مرتفعة نسبياً على مدى سنوات عديدة، نجد اليوم أن نسبة النساء بين المعمرين الروس أعلى من نسبة الرجال (الذين يموتون وهم اصغر سناً). هذه القلة النسبية للرجال المسنين، الأكثر عرضة للمرض ثم الموت، تعني أن اجمالي الوفيات بين الروس سيبدو منخفضاً أيضاً.
تكشف بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بوضوح عن أن الذين يعانون من الامراض المزمنة المتصاحبة (مثل أمراض القلب والسكر والانسداد الرئوي المزمن) يكونون عادة اكثر حاجة لدخول وحدة العناية المركزة إذا ما أصيبوا بفيروس كورونا. على مدى السنوات الخمس عشرة الأخيرة تحقق تقدم كبير في الحد من عواقب هذا النوع من الحالات، لكن روسيا لا تزال تعاني برغم هذا وطأة غير متناسبة في هذا المجال، لاسيما بين الرجال في منتصف العمر. تعاني روسيا أيضاً من عبء كبير آخر هو كثرة المصابين بحالات صحية مختلفة تهدد أنظمتهم المناعية وتجعل اصابتهم أسهل بفيروس كورونا: مثل نقص المناعة البشري (أتش آي في) والتدرن الرئوي والتهاب الكبد 
الفيروسي.
وجود ضرر قديم أو تلف بالرئة مسألة لها أهمية خاصة في حالة فيروس كورونا، فالفرضيات تفيد بأن كثرة استعمال التبغ كان لها دور مهم في جعل الصين وأمثالها من الأمم المدخّنة اسهل عرضة للأمراض بشكل خاص. أما روسيا فإنها لا تزال بين اعلى الأمم عالمياً من حيث شيوع عادة التدخين، برغم كونها قد تراجعت كثيراً في ذلك بفضل القيود الصارمة التي فرضت على مبيعات التبغ والدعاية له والتدخين بشكل عام خلال العقد الأخير. عمال المناجم اكثر عرضة لهذا الخطر ايضاً بسبب ما يعرف بمرض الرئة السوداء، وهي حالة تنجم عن استنشاق غبار الفحم لسنوات عديدة. في الولايات المتحدة يعاني نحو 10 بالمئة من عمال المناجم الذين يعملون تحت الأرض من مرض الرئة السوداء. هذه الحالة، التي تجمع مرضين مزمنين معاً، من شأنها أن تجعل مناطق استخراج الفحم في روسيا (وهي كوميروفو وساخالين ونوفوسيبرسك وكومي) أعلى احتمالاً بكثير من غيرها لتطور المرض بسرعة وتحوله الى أزمة مؤلمة إذا ما وصل اليها الفيروس وأحكم قبضته. كثرة مرضى الكورونا الذين سيحتاجون الى معالجة عاجلة أو الى العناية المركزة بسبب تلف سابق في رئاتهم، سوف تسلط ضغطاً ثقيلاً على نظام صحي يشكو أساساً من ضعف
 التوازن.
في روسيا أعداد كبيرة من اشخاص يعانون من اوضاع حرجة تجعلهم أسهل إصابة بالأمراض، وهناك شرائح مهمشة لا يزال وضعها مجهولاً في خضم وباء كورونا. السجون مثلاً حاضنات مناسبة لانتشار الفيروس (خذ مثلاً ما حدث في سجن بايكر بنيويورك حيث أصيب بالعدوى مئات المساجين والكوادر العاملة في السجن)، ولكننا لم نر حتى الآن بيانات تتحدث عن اصابات أو أية اجراءات قد اتخذت لمنع العدوى من الانتشار في السجون أو مراكز الاحتجاز الروسية. كذلك هناك ملايين من العمال المهاجرين في روسيا، وهؤلاء يعيشون غالباً في شقق أو اقسام داخلية مزدحمة تفتقر الى الشروط الصحية. هناك يستطيع فيروس كورونا أن ينتشر بكل سهولة، وفي موسكو لا يزال هؤلاء المهاجرون يعملون ويقيمون في مواقع البناء. هؤلاء الاشخاص غير مسجلين رسمياً، ولذلك لن تتاح لهم فرصة الانتفاع بنظام الرعاية الصحية، وبالتالي لا يتوقع لهم أن يتلقوا فحص فيروس كورونا إذا ما مرضوا.
يبدو أن روسيا تتدبر أمرها بنجاح حتى الان في مواجهة هذا الوباء غير المسبوق الذي اكتسح العالم. ميل المنحنى البياني في الاسابيع القليلة المقبلة سيكون حاسماً، فعلى المدى القصير، وإذ تخضع أنظمة موسكو الصحية للاختبار، سيكون لكل خاصية من الخصائص التي ذكرناها عن روسيا، أو كلها مجتمعة، فعل وتأثير في كيفية تعرضها للازمة وأسلوبها في التصدي لها.    
  * عن مجلة «ذي ناشنال إنتريست»