الإنعاش من السكتة النفطيَّة

اقتصادية 2020/04/23
...

 د. باسم الابراهيمي
 
أسعار النفط تهبط في لحظات الى مستويات غير مسبوقة، ولأول مرة تسجل أسعارا سالبة لعقود النفط الأميركي الآجلة، وما تلبث أن تعود في اليوم الثاني الى مستويات دون العشرين دولارا، وهذا التخبّط في السلعة الأكثر جدلا وتداخلا بين الاقتصاد والسياسة يختصر المشهد الاقتصادي العالمي الذي يعيش حالة من الصراع في أكثر من وجه، فمن صراع القطبية بين الولايات المتحدة والصين الى صراع العالم مع فيروس كورونا وما خلّفه من ركود عالمي يتوقع صندوق النقد الدول استمراره الى نهاية العالم الحالي، مرورا بصراعات المديونية التي خلّفها الركود على بعض الدول، كل ذلك جعل العالم يترنّح أمام مشهد دراماتيكي غريب جدا وصفه البعض بأنه أسوأ من أزمة الكساد الكبير الذي شهده العالم ابان ثلاثينيات القرن 
الماضي.
العراق وحده يمثل قصة أخرى مختلفة فهو يعيش حالة من المخاض السياسي والاقتصادي ففي كلا الجانبين نحن نقف في ظل وضع يمكن ان نسميه "غرفة الإنعاش"، فالاقتصاد سقط بسكتة نفطية خفضت الإيرادات المتوقعة الى اكثر من (60%) مما كان متوقعا لها سابقا بعد تراجع الأسعار الى منتصف العشرينيات، وأصبحت النفقات التشغيلية بل حتى الرواتب والأجور مهدده بعدم التغطية، ونحن معاشر الاقتصاديين على الرغم من الدراسات العديدة والنصائح الكثيرة ما زلنا حتى هذه اللحظة نقدم ما يمكن ان ينعش "مريضنا" ولو جزئيا من دون ان نفقد الامل بالإدارة العليا المسؤولة عن القرار الاقتصادي في ان تتخذ هذه المرة القرار الصائب بما يقلل الضرر على 
المواطن.
لم يعد لدينا الكثير لقوله وكل المقترحات الممكنة قدمناها، ومن اجل الخروج من غرفة الانعاش يجب على الحكومة ان تتحلى بالجرأة اذا ارادت ان تنجح فتخفيض رواتب ومخصصات الدرجات الخاصة والمسؤولين بما لا يقل عن (30 %) وتقليل عدد المستشارين وترشيق الجهاز الإداري وتخفيض كل النفقات غير الضرورية وبيع بعض أملاك الدومين العام ومعالجة الخلل في المنافذ الحدودية ومعالجة معوقات الاستثمار الأجنبي ومحاربة الفساد والفاسدين والاتفاق مع الإقليم بخصوص الموارد المالية وتكييف سعر الصرف والابتعاد عن المحاصصة، كلها إجراءات مهمة يمكن أن تغني عن الاستدانة في ظل الوضع
 الحالي. 
إنّها عملية فوق الكبرى نعم إلّا أنّ صحة الاقتصاد لم تعد تحتمل 
التأجيل.