كورونا يلحق الضرر بالصحة العقلية لعشرات ملايين الأميركيين

العراق 2020/04/25
...

ترجمة: انيس الصفار   
خلصت عملية مسح نشرت نتائجها يوم 2 نيسان الماضي الى أن ما يقارب نصف سكان الولايات المتحدة يشعرون بأن ازمة فيروس كورونا أخذت تنال من صحتهم العقلية، وهذا برهان على أن جائحة «كوفيد-19» قد ارتقت الى مستوى الإضرار النفسي على نطاق الأمة بأسرها. استطلاع الرأي الاستقصائي هذا
الذي أجرته مؤسسة «عائلة كايزر» خلال الفترة 25 الى 30 آذار، توصل الى أن 45  بالمئة من البالغين يقولون إن الجائحة قد أضرت بصحتهم العقلية، في حين قال 19  بالمئة إنهم باتوا يعانون مما وصفوه «آثار جسيمة» هذه النسب بدت أعلى قليلاً بين النساء ولدى البالغين من اصول اسبانية وكذلك البالغين من 
السود. 
ثمة شيء واضح خلص اليه الاستطلاع، وهو انك اذا كنت تشعر بالتطير والقلق والكآبة، إذا كنت تقضي الليل مناضلاً كي تنال قسطاً من النوم، أو مجرد التشبث بأهدابه، فإنك لست وحدك في هذا.
تقول «كاثي هوغان بروين»، وهي معالجة في طب النفس السريري متخصصة باضطرابات القلق: «هذا الرقم هائل.»
تضيف بروين «بيد انه ليس رقماً مدهشاً إذا ما نظرنا الى باقي الارقام الهائلة التي اقترنت بالجائحة.. عاطلون عن العمل.. متباعدون اجتماعياً، وهو أمر يوازي العزل المجتمعي.. اولئك الذين يموتون.. اولئك الذين يمرضون..  هذه الارقام الكبيرة كلها لها أثرها الصادم المضخم في صحتنا العقلية الجمعية.
يقول المتخصصون في شؤون الصحة العقلية إنه أمر طبيعي أن يشعر الناس بالقلق والغم في خضم وضع طارئ مربك لسائر شؤونهم الى اقصى الحدود تكتنف تفاصيله كلها الشكوك وعدم اليقين.
بعد اطلاعه على الارقام التي انتهى اليها الاستطلاع قال «جوشوا غوردن» مدير المعهد القومي للصحة العقلية: «بحكم الظروف الراهنة يكون الشعور بالقلق جزءاً من رد الفعل الطبيعي ازاء ما يجري حولنا.»
يقترح غوردن العودة الى بعض آليات التأقلم مع الظروف الصعبة، احدى الآليات السهلة لذلك هي تدوين ما نشعر به من مخاوف، أما على ورقة او على جهاز 
الكومبيوتر.
يقول غوردن «مجرد عملية تدوين المشاعر ثم تركها والابتعاد عنها فيه تخفيف كبير، عليك أولاً أن تبلور الاسباب التي تثير قلقك وتحددها بدقة، ومن بعد ذلك تقوم بتدوينها على ورقة او ملف كومبيوتر وتركها هناك.»
يمضي غوردن مبيناً «الطريقة الأخرى بالطبع هي التحدث بها مع شخص آخر يهمه أمرك، فالتنفيس عن مخاوفنا مع آخرين له فوائد عديدة في كثير من الاحيان تكون على علم بأن هذا الشخص الذي يعنيه أمرك لديه هو الآخر نفس المخاوف واسباب القلق.»
تحث هوغان بروين الناس على محاولة الحد من سلوكياتهم السلبية، مثل الافراط في تناول الكحول او الطعام، والتركيز بدلاً من ذلك على بعض المهارات التي كانوا يجيدونها في الماضي.
تقول «حاول التفكير في أمور تجعلك افضل حالاً، في اشياء تساعدك على تحسين وضعك النفسي والعقلي..  فكر في كيفية معالجة وضعك الحالي بالموارد المحدودة المتاحة لك..  فكر في التكافل الاجتماعي..  كيف تستطيع المحافظة على الصلة بينك وبين الاصدقاء والأسر عبر الشبكة، كيف تتواصل مع الاخرين وتحاول بناء علاقات اجتماعية جديدة، إن لم تكن قد حاولت هذا من قبل، فكر في ممارسة التمارين 
الرياضية.»
يردد «جوشوا مورغانشتاين» رئيس لجنة الابعاد النفسية للكوارث التابعة للاتحاد النفسي الأميركي وجهة نظر غوردن بأنه أمر مفهوم ان يستولي الاحساس بالتوتر والقلق على الناس.
يقول مورغانشتاين «من المهم ايضاً ان نتذكر بأن الغالبية العظمى من الناس، بمن فيهم نحن الذين صادفنا المصاعب على طول الطريق، سوف تتمكن من النجاة في نهاية المطاف، لذلك فإن المشاركة بوضع حلول خلاقة للمشكلات التي يواجهها الاخرون، والاعتناء بأنفسنا وأسرنا على افضل ما نتمكن، والبقاء على تواصل مع بعضنا سوف يذكرنا بأننا في هذه المحنة معاً ويعيننا على تجاوز هذا الزمن الصعب».
يقول غوردن إن استطلاع الرأي ليس وسيلة تشخيص من خلال اجراء مسح لحالة الصحة العقلية، ولكن الشعور بالقلق يصبح خاضعاً لمعايير الاضطراب النفسي، حين يبدأ بالتداخل مع الوظائف الطبيعية، مثلاً عندما يشل قدرة الناس على الخروج الى المحال عند الضرورة لشراء الخضار والفاكهة او تنظيف منازلهم او تسلم البريد او قضاء احتياجاتهم المعتادة.»
وجدت مؤسسة «عائلة كايزر» أن 57 بالمئة من البالغين يقولون إنهم قلقون من التعرض للفيروس بسبب اضطرارهم للخروج والعمل من اجل تأمين معيشتهم وعدم إمكانية بقائهم في المنزل، هذه النسبة ارتفعت عن 35 بالمئة التي كانت عليها قبل اسبوعين.
انخفض الخوف من العدوى بعض الشيء، فقبل اسبوعين قال 62 بالمئة من المشاركين في المسح إنهم يعيشون في قلق مستمر من أن يصاب أحد افراد الأسرة بالفيروس، إلا ان الرقم انخفض الان الى 53 بالمئة وقد تكون هذه دلالة على ان الناس صاروا يلمسون ان جهود التباعد الاجتماعي على مستوى الأمة قد أدت بالفعل الى تراجع احتمالات الخطر على افراد أسرهم.     
جويل آخنباخ / عن صحيفة واشنطن بوست