النظام الصحي في العراق يتصدى لتحدي كورونا

العراق 2020/04/28
...

لجين البلداوي 
ترجمة: انيس الصفار
مع انحسارِ أعدادِ المصابينَ بفايروس «كوفيد- 19»  في العراق يتهيأ هذا البلد لتخفيف قيود الحظر التي سبق فرضها رغم استمرار التحديات التي يواجهها النظام الصحي والاجراءات التي ينبغي اتخاذها في ما يخص التشخيص والحجر والمعالجة ودفن جثث المتوفين بالمرض.
بلغ عدد الحالات المثبتة 1677 حالة لغاية 24 نيسان، من بينها 83 حالة وفاة، بيد أن الارقام تشير الى أن أعداد الاصابات مستمرة بالتراجع للاسبوع الثالث على التوالي. كذلك تماثل للشفاء من المرض حتى الان 1171 مصاباً بينما يبقى 423 راقدين في وحدات العناية المركزة، وهذه الارقام تشهد ايضاً على ارتفاع نسبة التعافي بين الحالات المثبتة حديثاً.
يقول حسن خالاتي، وهو عضو في خلية الازمة المنبثقة من البرلمان العراقي، أن العراق يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بما سجله من نسب شفاء بلغت 60 بالمئة، مضيفاً أن حالات الاصابة مستمرة في الانحدار في حين تستمر نسب الشفاء بالارتفاع مقارنة بسعة انتشار العدوى.
في 22 نيسان اعلنت وزارة الصحة عدم تسجيل أي حالة وفاة جديدة في العراق لليوم الثاني على التوالي، وهذه شهادة واضحة على تحسن الوضع الوبائي.
على أساس ذلك خفضت السلطات عدد ساعات حظر التجول. ففي 19 نيسان صرحت «اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية»، وهي الجهة المكلفة بالتصدي لجائحة «كوفيد- 19»، ان حظر التجول سوف يرفع جزئياً خلال شهر رمضان من الساعة 6,00 صباحاً حتى الساعة 7,00 مساء.
في اقليم كردستان تحاول السلطات العودة بالحياة الى طبيعتها السابقة بعد إغلاق دام اكثر من شهر. الوضع عموماً آخذ بالتحسن رغم وجود شح في امكانيات الفحص والمعدات الطبية المطلوبة، وقد ساهم عدد من الدول والمنظمات ايضاً من خلال إرسال المساعدات الى نظام الرعاية الصحية في العراق وذلك بتوفير الاجهزة والمعدات واللوازم. 
الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية كان لهما دور في تقديم المساعدات للعراق بهذا الصدد. كما ارسلت الصين الى العراق خبراء ومعدات حديثة من بينها جهاز تصوير الرئة باشعة أكس للمساعدة في التشخيص المبكر لحالات الاصابة بفايروس 
«كوفيد- 19» الى جانب التجهيزات المختبرية. وصلت هذه الأجهزة والمعدات على دفعات كانت احدثها في 21 نيسان.
أعدت وزارة الصحة مواقع الاختبار الموضعي لتقليل احتمالات انتشار العدوى في بغداد والمحافظات الاخرى. وقد لاحظ مراسلو موقعنا ان تلك الاختبارات كانت تجرى على اساس العينة العشوائية.
تحدثت الدكتورة حلا قحطان، المتخصصة بطب الأسرة في المركز الطبي في البياع، مع مراسل موقعنا قائلة: ان تجاوب المستشفى مع الحالات المشتبه بها سريع جداً. فهم يطلبون من المراجع أخذ فحصين خلال مدة 48 ساعة للتأكد من مدى الحاجة لوضعه في العزل. جميع الاجراءات التي تتخذ هنا منسجمة مع معايير منظمة الصحة العالمية، كما تضيف الدكتورة حلا.
يشير الدكتور حسن الى أن العراق في طريقه لتحقيق حالة التعافي الكامل وفق الاجراءات التي ذكرناها. يقول: «أعداد الأسرّة المشغولة عندنا لم تتعد نسبة 20 بالمئة من السعة الكلية المتاحة، وهذا معناه اننا لا نزال مسيطرين على الوضع. رغم هذا نحاول التمسك بالاحترازات الاضافية من اجل استمرار امتلاكنا القدرة للسيطرة إذا ما وقع ظرف طارئ.»
في تعليق على اجراءات العزل الصحي يقول الدكتور مسلم طالب التميمي من مستشفى ابن الخطيب، حيث يتم عزل مرضى «كوفيد- 19» ومعالجتهم، ان لدى المستشفى عدداً كافياً من غرف الفحص للحالات الوافدة حديثاً. كذلك خصصت مدينة الطب احدى بناياتها لمعالجة مرضى «كوفيد- 19» بالاضافة الى استئجارها فندقين، بضمنهما فندق بغداد، لحجر الاشخاص الذين كانوا في حالة تقارب او تماس مع حالات ثبتت اصابتها بالفايروس.
علمت «المونيتور» ايضاً من تحسين البلداوي، وهو المسؤول الأمني في مطار بغداد، ان جميع المواطنين العراقيين الذين يعودون الى الوطن من الخارج يجري فحصهم، ومن تثبت اصابته بالمرض يؤخذ الى مركز العزل.
يقول الدكتور مسلم ان اجراءات العلاج تمضي كلها وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية وان هناك دوريات مستمرة مهمتها متابعة اولئك الموضوعين رهن العزل الصحي المنزلي او الذين يتلقون العلاج في المستشفيات. يقول الدكتور مستدركاً ان الاطباء يقدمون العلاج لمن تظهر عليهم أعراض «كوفيد- 19» على قدر المستطاع نظراً لعدم توفر علاج او لقاح لهذا المرض حتى الان.
في تعليق على التعامل مع جثث المتوفين تشير الدكتورة حلا قحطان الى ان هذه الجثث تعامل بالمطهرات اولاً ثم توضع داخل ثلاثة اكياس ومن بعد ذلك داخل صناديق حديدية قبل دفنها على عمق مترين من سطح التربة.
تسهم العتبة العباسية ايضاً في اجراءات دفن الجثث والتثبت من ان يكون الدفن آمناً. خصصت العتبة منطقة في مقبرة وادي السلام بالنجف لدفن ضحايا «كوفيد- 19»، وقد منعت السلطات التجمعات الكبيرة خلال الدفن والسماح لاعضاء اسرة المتوفى المباشرين فقط بالحضور.
على ضوء هذا الذي ذكرناه يمكن القول ان العراق يمسك بزمام السيطرة على الوباء بأقل عدد من الوفيات واكثر عدد من حالات الشفاء خلال الاسابيع الثلاثة الماضية. رغم هذا تحذر الكوادر الطبية من ان الحالات قد تعود الى التصاعد ثانية إذا لم يتقيد العراقيون باجراءات العزل وحظر التجول.
القضاء على مرض «كوفيد- 19» في العراق سوف يمثل سابقة مهمة في المنطقة وانجازاً تاريخياً، لاسيما في ظل المصاعب والضائقة الاقتصادية وشح اللوازم الطبية التي يمر بها البلد. 
 
عن موقع «المونيتور» الاخباري