الحكومات الحزبية

العراق 2020/04/28
...

محمد عبد الجبار الشبوط
 
منَ الممكنِ تصورُ اربعةِ اشكال للحكومات الحزبية:
الشكل الاول: حكومة الحزب الواحد الوحيد حيث لا يسمح للاحزاب الاخرى بالعمل القانوني العلني. وقد عرف العراق هذا الشكل طيلة فترة حكم حزب البعث، وهي فترة عرفت بالبطش والقسوة والدكتاتورية الى ان وصلت الى عبادة الشخصية.
الشكل الثاني: حكومة الحزب الواحد، المنتخب في نظام ديمقراطي، مقابل وجود حزب او حزبين علنيين معارضين في البرلمان. وهذه هي حالة الحكم في بريطانيا واكثر الدول الديمقراطية.
الشكل الثالث: الحكومة الائتلافية المشكلة من حزبين او اكثر مقابل عدد اخر من الاحزاب العلنية القانونية التي تعمل كمعارضة داخل البرلمان. وهذا هو الشكل المطبق في اغلب الحكومات الاسرائيلية.
الشكل الرابع: الحكومة التي تشترك فيها كل الاحزاب الفائزة بعدد معين من المقاعد النيابية، وعدم وجود معارضة حقيقية في البرلمان.
العراق طبق الشكل الرابع من الحكومات بطريقة المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية،  على مدى السنوات التي اعقبت سقوط نظام صدام الدكتاتوري.
وقد تميزت هذه الحكومة  بما يلي:
اولا، صعوبة تشكيل الحكومة بسبب صعوبة وصول الاحزاب الحاكمة الى اتفاق. وخير دليل على ذلك بقاء البلد بدون حكومة لمدة ٥  اشهر.
ثانيا، عدم قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات حاسمة بسبب عدم قدرة وزرائها على الاتفاق بسبب تباين وجهات نظر الاحزاب الحاكمة.
ثالثا، عدم قدرة رئيس الوزراء على السيطرة على وزرائه لانهم يمثلون احزابهم رغم ان الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية وسلطة اقالة الوزراء، لكن بموافقة مجلس النواب، اي موافقة الاحزاب الحاكمة.
رابعا، وبسبب ما تقدم تدنت كفاءة الحكومة وقدرتها على الانجاز.
خامسا، غياب المعارضة البرلمانية الفعالة التي يمكن ان تعبر عن رغبات الشعب.
سادسا، وبسبب غياب المعارضة البرلمانية الفعالة، اضطر المواطنون المعترضون الى النزول الى الشارع، في تظاهرات احتجاجية ضد الحكومة القائمة، للتعبير عن ارائهم، وهذه حالة غريبة في نظام يفترض انه نظام برلماني ديمقراطي، لانه كان من المفروض ان تعبّر احزاب المعارضة عن هذه الاراء.
ولاسباب لا اعرفها جيدا، مع الحفاظ على حسن الظن، اخطأ المتظاهرون في صياغة شعاراتهم ومطالبهم. لنضع جانبا المطالب الخدمية مثل الحصول على وظائف حكومية، فقد طالب المتظاهرون بما يلي:
اولا، استقالة الحكومة.
ثانيا، تشكيل حكومة مستقلة (يعني رئيس وزراء ووزراء غير حزبيين)
ثالثا، عدم استيزار كل من تولى منصبا في الدولة.
وهذه مطالب غير واقعية، او غير مجدية، اذا اخذنا بنظر الاعتبار طبيعة النظام القائم.
فالمطلب الاول لا يعني شيئا، لان المشكلة ليست بالحكومة، وانما بطريقة تشكيلها، اي النظام السياسي نفسه.
والطلب الثاني غير معقول لان النظام السياسي القائم نظام حزبي، والطلب يعني اقصاء الاحزاب الحاكمة بدون انتخابات. وهذا لا يمكن.
والطلب الثالث غير منطقي، لانه ليس من المعقول  ان كل من تولى منصبا في الدولة فاسد ولا يصلح لخدمة البلد.
يمكن وصف هذه المطالب بانها قصيرة النظر، ولا تعبر عن وعي سياسي عميق بجوهر المشكلة القائمة.
الحل السليم يتلخص بتغيير طريقة تشكيل الحكومة، وهذا يتطلب ما يلي:
اولا، تطبيق المادة 64 من الدستور.
ثانيا، اجراء انتخابات برلمانية مبكرة على اساس الانتخاب الفردي.
ثالثا، تشكيل حكومة اغلبية برلمانية، قد تكون ائتلافية، بمشاركة بعض الاحزاب، وذهاب الاحزاب الاخرى الى صفوف المعارضة. (الشكل الثالث، باعتبار احتمال تعذر فوز حزب واحد بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء البرلمان).
لم يتم الاخذ بهذه الخطوات، الامر الذي اطال عمر الازمة منذ الاول من تشرين الاول من العام الماضي.
الان، يسعى رئيس الوزراء المكلف الى تشكيل حكومة بنفس الاليات السابقة، ليذهب الى نفس البرلمان للحصول على الثقة، بينما  ما زالت الاحزاب الحاكمة تتحكم بالمشهد السياسي!
عمليا، لم يتحقق شيء. وما زال التغيير او الاصلاح بعيد المنال، ما دمنا لم نسلك الطريق الصحيح المؤدي الى التغيير!