البحث عن عملة دولية

اقتصادية 2020/04/30
...

د. باسم الابراهيمي
 
شهدت الأسواق الصاعدة تدفقات خارجة غير مسبوقة لرؤوس الأموال من حيث الحجم (100 مليار دولار أميركي) والسرعة نتيجة الازمة الصحية العالمية (كورونا) وتجمد نشاط الأسواق فعليا في بعض الحالات، ما أوجد طلبا هائلا على السيولة بالدولار الأميركي بشكل يفوق حجم السيولة المتوفرة.
ولمواجهة هذا التحدي قدمت البنوك المركزية الكبرى خطوطا ثنائية لتبادل العملات في ما بينها ولعدد أكبر من الدول (مقارنة بالأزمة المالية العالمية)، فضلا عن برنامج عمليات إعادة الشراء (الريبو) الذي أنشأه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الذي يتيح السيولة بالدولار لعدد أكبر من البلدان. الا ان ذلك لم يكن قادرا على تلبية الحاجة الى السيولة، وهو ما يكشف عن ثغرة في شبكة العلاقات المالية العالمية تتمثل في مخاطر "التوقف المفاجئ" للتدفقات الرأسمالية.
بدوره استجاب صندوق النقد الدولي لهذا الموضوع بإنشاء تسهيل جديد في منتصف شهر نيسان اطلق عليه اسم "خط السيولة قصيرة الأجل" (SLL)، وهو أول إضافة إلى أدوات الصندوق التمويلية منذ عقد من الزمن تقريبا، وهذا التسهيل يتيح ائتماناً موثوقاً ومتجدداً (بغير شروط لاحقة) للبلدان الأعضاء التي تتميز أساسياتها الاقتصادية وأطر سياساتها بدرجة كبيرة من القوة وهو مصمم لتلبية أي احتياج خاص (احتمالي ومتوسط الحجم وقصير الأجل) في ميزان المدفوعات ينعكس تأثيره في شكل ضغوط على الحساب الرأسمالي عقب الصدمات الخارجية، ويقدر خبراء الصندوق أن يصل الطلب على "خط السيولة قصيرة الأجل" من عدد من الدول خلال هذه الازمة إلى نحو (50) مليار دولار أميركي، وهو يمثل نسبة صغيرة من طاقة الصندوق الإقراضية البالغة تريليون دولار، ويرى الخبراء ان معالجة الاحتياجات التمويلية بشكل مبكر يؤدي إلى تقليص الاحتياجات المستقبلية والتداعيات الارتدادية على البلدان الأخرى. 
ان هذه الازمة تجدد التفكير الدولي بأسس العلاقات النقدية الدولية وإمكانية الدولار والعملات الرئيسة الأخرى على تلبية الحاجة الدولية للسيولة وتغطية المعاملات التجارية، وهل يمكن ان تكون العملات الرقمية حلا بديلا، هذه الأسئلة وغيرها تعيدها جائحة كورونا من جديد الى الواجهة لاسيما ان العالم يعيش مخاضات إعادة رسم خارطة الاقتصاد العالمي على المستوى التجاري والمالي وستكون فيه قضية العملة الدولية حاضرة بقوة.