الأندية.. وجع مزمن

الرياضة 2020/05/07
...

خالد جاسم
 
ما يضاعف حجم المعاناة وعمق المأساة في الرياضة العراقية هو غياب السياسات الصحيحة والتخطيط العلمي الحديث، لا سيما في الجوانب التنظيميَّة ومنها تركيبة الهيئات العامة وتوصيفها بالأسلوب الذي يضمن فعلاً حضور السلطة الحقيقيَّة للهيئات العامة وممارسة أدوارها ومهامها الكبيرة في الرقابة والمحاسبة لعمل الهيئات الإداريَّة التي ما كانت ترى النور وتكتسب الشرعية لولا الهيئات العامة نفسها.
ومن خلال مسيرة السنوات السابقة في رياضتنا توضحت أمامنا صور الضعف والهزال في تركيبة الهيئات العامة وهو خللٌ كبيرٌ نجم عن غياب القوانين والتشريعات والنظم التي تحكم المنظومة الرياضية العراقية وتضع الأمور في مساراتها الصحيحة, إذ أدى غياب النظم والقوانين الى إشاعة مبدأ الفوضى في عموم المشهد الرياضي العراقي وترسيخ المفاهيم الخاطئة التي أدت الى اعتلاء المصلحين والانتهازيين وعديمي الكفاءة والخبرة لمواقع المسؤولية في الكثير من المفاصل الرياضية ومنها الاندية, نتيجة انعدام التوصيفات الصحيحة للهيئات العامة وضوابط ومعايير تنظيمها لتكون هيئات حقيقيَّة وفاعلة وليست مجرد هيئات خاصة يتم التحكم بها بطريقة معروفة من أصحاب المصالح الناديوية الذين نسجوا أثواب الهيئات العامة لأنديتهم بموجب مقاسات خاصة تنسجم مع تلك المصالح, إذ لم يعد من الهيئات العامة في معظم الأندية الرياضية إلا التسمية فقط ووسط غياب تام وكامل تقريبا لأي دور أو مسؤولية مهنية أو أخلاقية لتلك الهيئات التي صودرت إراداتها وزيفت تركيبتها فجردت من سلطاتها الرقابية ودورها الحسابي المهم في تقييم مسيرة عمل الهيئات الإداريَّة التي سوف تبقى مسلطة على رقاب أنديتنا التي لم تجن سوى المزيد من التخلف والتراجع والسلب والنهب المنظم لمواردها والتخريب المتعمد لقدراتها نتيجة غياب وتغييب السلطة الاولى المسؤولة وهي الهيئات العامة الحقيقيَّة وليست الهيئات الخاصة التي تحتاج الى إعادة نظر جذرية وشاملة في توصيفها وتركيبتها إذا أردنا إنجاز قانون حقيقي وفاعل للأندية من خلال حزمة من الإجراءات التي تنظم شكل ومضمون العلاقة مع الأندية الرياضية كفيلة بحسم الموقف المتولد عن التداخل في الإجراءات والصيغ التنظيمية في الزمن المنصرم وما نتج عنها من ملابسات بل وتجاوزات صريحة وبضمنها تثبيت الإجازات الرسمية لتأسيس الأندية مع التذكير بالموقف الصريح والثابت من الموالد الانتخابية التي جرت في المدة الماضية خارج السياقات القانونية وبعيداً عن الإشراف والتنظيم المباشر لها من صاحبة الولاية وما يعنيه ذلك من بطلان قانوني صريح لما نتج عن تلك الانتخابات.
وفي ظل تلك الضبابية المزمنة فإنَّ الأندية الرياضية بموجب القانون المنتظر تشريعه ملزمة بالتقيد بمرجعية رسمية ثابتة يمكن اعتبارها مرجعية دستورية ومظلة شرعية لعمل الأندية, كما أنَّ هذه الحقائق المختصرة لا تلغي قناعة وإيمان اللجنة الأولمبية الحاضنة المعترف بها حتى الآن للأندية بضرورة التنسيق والتعاون مع الجهة الحكومية المسؤولة عن الواقع الرياضي الذي صارت العديد من مفرداته المهمة خارج السياق القانوني الصريح والواضح وضوح شمس هذه الأيام في القيظ الرمضاني المبارك.