قاطرة المشتقات النفطيَّة

اقتصادية 2020/05/16
...

ثامر الهيمص
 
لدغة النفط هذه المرة تجرنا وتدفعنا للعلاج بالتي كانت هي الداء بتصنيع النفط وليس مجرد تصديره خاماً   وهي ليست عابرة كسابقاتها التي جرت في حينها، اذ تتم الان  في ضوء تنازع اطراف متعددة وامام حقائق جديدة وهي النفط الصخري الاميركي والثابت القائم في الافق المنظور وان الصين والهند هما المستوردان الاساسيان للنفط ومشتقاته وسيكون لهما دور اساس في فرض سياسة العرض والطلب لتحديد سعر النفط او الغاز وكذلك المشتقات وبوادر ذلك تراجع اوبك في سياستها السعرية، اذ ان الصين والهند سوقان لما يقارب الثلاثة مليارات من البشر، اما الدب الروسي فقد استعاد دوره بانتاجه كثالث منتج وكما لمسنا دوره في الازمة الحالية.  
ولغرض مواجهة هذه التحديات التي لا يحتويها الرضوخ او فرج من اوبك وبلصاتها، لابد من صناعة نفطية رصينة والخروج من الريعية التي ندفع ثمنها باهظاً الان من ازمة رواتب ومن موازنة استثمارية على الورق.  
فقاطرة المشتقات وابراج التكرير جاهزه كعلاج ووقاية من هزات ولدغات كما في تجربة ايران الان التي تصدر لنا فقط مشتقات بملياري دولار سنوياً، وهكذا فنزويلا الصامدة بفضل مشتقاتها النفطية.
فلدينا خبرة ومصاف عريقة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي والان لدينا مشاريع مصافي جديدة او تعاد للخدمة مثل بيجي وغيره، فالاستثمار هنا اوفر حظا حيث تتشارك الدولة من خلال تجهيزها بالنفط الخام مع الارض، وتكون هذه السنة سنة اساسية للاكتفاء الذاتي في الغاز ومشتقات النفط بحيث يكون لكل محافظة مصفاها كهدف منظور لامتصاص بطالتها حسب الاكثر بطالة.  
لا شك اننا سنواجه متاعب سياسية فقط لان جميع عوامل النجاح متيسرة، كما ان هذه القاطرة والمقطورة للمشتقات ستسهم مباشرة في امتصاص الهزات السعرية، اذ يقدر تكرير البرميل المكرر باربعة اضعاف سعره بعد تكريره، لننتقل مباشرة لتصدير المشتقات بالمقطورات بدلا من تصديره خاماً بانابيب مباشرة من البئر، كما هو الحال مع الاردن اوغيرها، ونخرج من الدورة البالية نصدر خاماً ونشتري مشتقاته انها بائسة وفق اي معايير، لصالح من الغلو في هذا المنزلق التاريخي؟  
لا تفوتنا الاشادة بالتجربة النرويجية اذ باتت صناعتها النفطية اهم اركان الصناعة النفطية وشجعت الصناعة المحلية ووفرت فرص العمل وفاض خيرها لتكون رائدة في انشاء صندوق الاجيال.
فدون صناعة نفطية نبقى نراوح في ساحة الريع التي اوصلتنا لمرحلة لا نحسد عليها، اذن الصناعة النفطية هي ملاذنا وعزتنا، اذ ان القطاعين الزراعي والصناعي لا يمكن تصور ازدهارهما بدون مشتقات وكهرباء بسعر يعزز التنافس وينشط الطلب المحلي المعتمد عليها واسمدة بتروكيمياوية و زراعة مغطاة بالبلاستيك وصناعة مضخات للآبار في صحراء السماوة والانبار، او لسحب المياه من الانهر مباشرة سواء للسقي او للبزل، فمشروعنا الزراعي والحيواني يكف ويردم فجوة الاستيراد المقيتة التي تواصل تجارة منتجات زراعية وحيوانية طالما كانت لها نكهتها اقليميا ومحليا.
في الختام نأمل ان نعجل بثورتنا في صناعتنا النفطية باسرع من سلق جولات التراخيص، اذ بالامكان ان يكونوا مستثمرين في الشراكة باقامة المصافي لتصفية النفط الخام.