"زيارة اون لاين".. بديل لتأدية العراقيين لشعائرهم

الصفحة الاخيرة 2020/05/16
...

النجف/ أ ف ب
 
يرفع ماهر الربيعي يداً نحو السماء ويتلو الأدعية، وفي اليد الأخرى هاتفه النقال، مؤدياً زيارة مرقد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في مدينة النجف المقدسة، بعدما باتت هذه الطريقة السبيل الوحيد لتأدية الشعائر جراء تفشي وباء 
(كوفيد – 19).

فبعدما كان الزوار يطوفون المقامات ويلمسون جدرانه لنيل البركات، باتوا اليوم بسبب فيروس كورونا المستجد، مرغمين على تأدية الزيارة افتراضياً، على غرار الربيعي الذي لا يبعد منزله إلا مئات الأمتار عن مرقد الامام علي عليه السلام.
وسجل العراق أول إصابة بهذا المرض قبل نحو ثلاثة أشهر، وكانت في مدينة النجف جنوب بغداد.
يردد الربيعي وهو يغطي وجهه بيديه "أزورك يا أمير المؤمنين"، مضيفاً إليها هذه المرة عبارة "عن بعد"، التي أوصى بها علماء الدين عند القيام بالزيارة البديلة عن التواجد في المرقد. يؤكد الشيخ علي العتابي، وهو إمام أحد المساجد القريبة من مرقد الإمام علي (ع): "في ظل الظروف الحالية، والحجر الصحي الذي تفرضه الحكومات في العالم، زيارة مراقد الأئمة مقبولة سواء كانت عن قرب أو بعد".
يبدو المشهد غير اعتيادي داخل المرقد الذي يكتظ عادة بالزوار، خصوصاً في الأيام الأواخر من شهر رمضان تزامناً مع استشهاد علي بن أبي طالب عليه السلام. فقد اختفوا هذا العام مع حظر التجول ووقف الطيران ومنع دخول غير المقيمين إلى محافظة النجف.
في الشوارع التي كانت تعج بزوار عراقيين وخليجيين وإيرانيين وباكستانيين وأوروبيين، لم يعد يسمع سوى صوت العصافير في الشوارع المحيطة، التي تتخذ أعشاشاً لها من أغطية أكشاك الباعة المكسوة غباراً بعدما هجرت منذ أسابيع.
يتحسر نعمان السعدي الذي لم يستطع هذا العام وللمرة الأولى أداء مراسم الزيارة، بالقول: "أحلم بزيارته لأننا نزوره مساء كل يوم من أيام شهر رمضان، اليوم لا يمكنني رؤيته إلا من بعيد عبر هاتفي".
وبالإضافة الى البث المباشر عبر بعض القنوات التلفزيونية  على مدار الساعة، والتطبيقات التي تؤمن عرض صور الضريح، وفرت السلطات الدينية المسؤولة عن المراقد رقم هاتف مجانياً لجميع العراقيين كي تتسنى لهم الزيارة. ويستمع المتصل بالهاتف إلى عبارة مسجلة بصوت رجل يقول "السلام عليكم، أهلاً وسهلاً في زيارة الإمام علي"، ليمنح بعدها المتصل دقيقة تقريبا لأداء الشعيرة التي تردد عادة عند مدخل المرقد.
في غضون ذلك، تستمر ملاكات مسؤولة عن تأمين ومواصلة خدمة الاتصال والانترنت أو عمل كاميرات متعددة في المرقد، في عملها في غرفة خوادم الاتصالات.
ويساعد هؤلاء على توفير فرص لكثير من المسلمين ، خصوصا خلال شهر رمضان، أداء واجباتهم ومستحباتهم الدينية دون التعرض لخطر فيروس كورونا، الذي أصاب نحو ثلاثة آلاف عراقي وأودى بحياة أكثر من 110 أشخاص، وفقاً لإحصاءات وزارة 
الصحة.
ويواصل المسؤولون عن هذه الزيارة الافتراضيَّة، العمل بجهود كبيرة، إذ إنَّ السلطات العراقية لا تنوي حالياً إعادة فتح أبواب المراقد الدينية، في سابقة لم تشهدها البلاد حتى في أيام الحروب الشرسة التي مرت على
البلاد.