المجر أنموذجاً

الرياضة 2020/05/31
...

علي الباوي
 
بينما نحن نستمع لهذا وذاك ونختلف في الرأي، فعلتها المجر وفتحت ملاعبها للجمهور محققة سبقاً كبيراً في عودة الرياضة الى حيويتها. وذلك عندما أتاحت دخول المشجعين للملاعب وفق شروط صحيَّة معينة، لتصبح الدولة الأولى في أوروبا التي أتاحت هذا الأمر.
في أزمة كورونا سواء على المستوى الصحي أو السياسي، اعتمد العالم نظريَّة التجربة؛ ومعنى ذلك أنْ نقوم باستخدام الوسيلة التي استخدمتها الدولة الفلانيَّة ونطبقها على أنفسنا، وهذا ما حصل في مسائل الحجر الصحي وفي مسائل استخدام الدواء وفي قضايا أخرى كثيرة.
والرياضة بالطبع لا تشذ عن هذه القاعدة، فتجربة المجر وما ستلحقها من تجربة مماثلة ستقوم بها بولندا فمن الجدير بنا نحن الدول المتناثرة هنا وهناك أنْ نتبعَ هذه التجارب ونعتمدها.
إنَّ قيام المجر بفتح الملاعب ستلحقها باقي الدول الأوروبيَّة تباعاً وأغلب هذه الدول تعاني بشدة من فيروس كورونا ولديها نسبة عالية من الإصابات والوفيات، إلا أنها تعي جيداً مدى أهمية وجود الجماهير بين المدرجات.
العراق بلد تتحكم فيه الروح الرياضيَّة بوصفها جزءاً من الشغف بالحياة، وهنا لا بدَّ أنْ نفكرَ بتجارب العالم ونعتمدها بدلاً من تبديد الوقت بنقاشات لا طائل منها، مثال ذلك ما حصل خلال الاجتماع الأخير والفقير للتطبيعيَّة بخصوص استئناف دورينا من عدمه.
إنَّ قرار إعادة الدوري من عدمه نال الكثير من المشاحنات والمعاكسات، الأمر الذي جعل الموضوع معلقاً لفترة طويلة، وهذا يدلُّ على غياب العقل الرياضي المخطط، فموضوع عودة الدوري هو أبسط مما يحدث الآن، فدول العالم لا تتكلم عن إعادة اللعب وإنما تتكلم عن إعادة الجمهور فهي حسمت مسبقاً قضية العودة الى اللعب وهي تبحث مسألة فتح الملاعب للجمهور، أما نحن فلم نتخذ أي قرار باتجاه إعادة الدوري، وهذا يؤشر مدى الفارق بين تفكير العالم وتفكيرنا.
إنَّ إدارات الأندية مطالبة باتخاذ موقف واضح بشأن المقترحات الأخيرة والتي تتضمن عودة الروح الى ملاعبنا، لأنَّ إخفاقنا في حسم موضوع الدوري يعدُّ سابقة خطيرة في عدم المسؤولية، فهذا التأخير يقتل رياضتنا كلها ويعيدنا الى نقطة الصفر في البناء الرياضي.
إنَّ المرحلة الحالية تتطلب من الجميع وضع الخلافات جانباً والتفكير بجديَّة عن مخرجٍ حقيقي لهذه الأزمة، من خلال تضافر الجهود والوصول الى حلول منطقيَّة.
إنَّ ما يحدث الآن من تردد واسترخاء وتنصل عن المسؤولية يعدُّ فشلاً ذريعاً ليس فقط أمام جمهورنا الرياضي ورياضتنا وإنما أمام العالم أجمع، فالرياضة في أبسط وأدنى مفاهيمها هي شجاعة، فلو أننا فقدنا شجاعتنا فبماذا يمكن أنْ نظهر وكيف يمكن لنا أنْ نلعب.