ما حدث في العاشر من حزيران

الصفحة الاخيرة 2020/06/12
...

علي حسن الفواز
 
ذكرى " سقوط " الموصل بأيدي العصابات الداعشية ذكرى يومٍ فارق في تاريخ العراق، وحدثٌ من الصعب تجاوز تداعياته النفسية والسياسية والاجتماعية، إذ كشفت هذه الفاجعة عن واقعٍ مختل، وعن صراعاتٍ، وأخطار تخصّ هوية الارهاب وجماعاته وأهدافه، مثلما تخصّ البيئة التي يمكن أن تساعد على نشوء صور هذا الارهاب واكراهاته، وهذا ما جعل يوم العاشر من حزيران عام 2014 يكتسب هذه الخطورة في اللاوعي الجمعي، وفي طبيعة مقاربة الظاهرة الداعشية، والتي تشبه في تاريخها ظواهر الغزو والقتل التي عانت منها الشعوب في التاريخ، فما جرى كان تعبيراً عن هوية الارهاب، وعن علاقته بالصراعات السياسية التي تعيشها المنطقة، إذ لعبت قوى اقليمية ودولية دوراً خطيراً في صناعة داعش، وفي دعمها لوجستياً وسياسياً وتسليحياً، والأخطر من ذلك دعمها اعلامياً، فالخطاب الاعلامي الذي سوّقته الجماعة الارهابية تحوّل الى خطاب في تضخيم نزعات الغلو والخوف والرعب، والى تهويله وكأنه قوة قادرة على احتلال الارض والعقل والمدن، فضلاً عن تسويغ تمرير أنماط مرجعياته الفقهية والثقافية، وبالاتجاه الذي بدا وكأنه تمثيل لنمط من التفكير والحكم، مثلما هو مجال لخطاب له مريدوه وله بيئته السياسية والدينية.. 
ما حدث في حزيران، ليس سوى جريمة، لعبت في صياغة احداثها ظروف وجماعات، وسياسات، وأخطاء داخلية، وممارسات سياسية اقليمية، راهن بعضها على افشال مشروع الدولة العراقية، مثلما راهن البعض الآخر على تحويل العراق الى بيئة مفتوحة للصراعات الأثنية والطائفية، وعلى وفق قاعدة " حكم القوة" التي اراد بها أصحابها ضرب الاستقرار الاقليمي والدولي، وايجاد معادلة سياسية مضطربة، ومحكومة بتوجهات عدائية، لها مزاج طائفي، ونزعات تدفع باتجاه الكراهية والتكفير، وتغويل صناعة العدو بعيداً عن أية قيمة اخلاقية، أو انسانية، وعن أية مسؤولية تخصّ قيم التعايش والتواصل والقبول بالآخر..