رياضتنا وعيد الصحافة

اقتصادية 2020/06/16
...

خالد جاسم
 
احتفت الأسرة الصحفية العراقية يوم الخامس عشر من الشهر الحالي بالذكرى الحادية والخمسين بعد المئة لعيد الصحافة العراقية والتي توافق ذكرى صدور أول جريدة عراقية وهي  - الزوراء - وذلك في الخامس عشر من حزيران عام 1869, وهنا يحضرني قول لميخائيل نعيمة، المفكر اللبناني الشهير جاء فيه: (لكي يستطيع الكاتب أن يكتب والناشر أن ينشر، فلا بدَّ من أمة تقرأ، ولكي تكون لنا أمةٌ تقرأ لابد من حكام يقرؤون).. فكيف لمن لا يقرأ أن يرعى الأرث الإبداعي لأمته، أو يحافظ على أصحاب الفكر كما يحمي المعالم الوطنية، ويحتفي بميلاد كاتب احتفائه باكتشاف منجم، أو ثروة طبيعية؟).
 كان ستالين، والنازيون على أبواب موسكو، ينادي الشعب الروسي عبر المذياع للمقاومة، صائحا لشحذ الهمم: (دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي), ذلك أن الأوطان تنسب لكتابها كما تنسب لقادتها، فرنسا بلد فيكتور هيغو كما هي بلد نابليون، وبريطانيا بلد شكسبير، وروسيا موطن بوشكين، وداغستان ما كان العالم ليسمع بها لولا رسول حمزاتوف ولولا ماركيز ماعرف العالم كولومبيا ، وألمانيا ما فتئت تحرص على الانتساب لنيتشه وغوته، لتغطي بعبقريتهما على زمن كانت تنسب فيه لهتلر, ذلك أن أمة تنسب للقتلة لا لمبدعيها ، لا مكان لها في وجدان البشرية، ولن يحترمها التاريخ. لست هنا في موضع المنظر أو المتفلسف بقدر هدفي التطرق الى موضوع أراه في غاية الحيوية ولا أقول الأهمية ونحن نستذكر عيد الصحافة العراقية وهو موضوع يتصل بالعلاقة بين المسؤول والكاتب ليس بشخصه بل بنتاجه الصحفي لاسيما اذا كانت الكتابة تبتغي الصالح العام وليس إرضاء المسؤول ودغدغة عواطفه ومحاولة تزلفه لتحقيق غاية ما, والمؤسف أن معظم ولا أقول جميع المسؤولين أو من تنطبق صفة المسؤول عليهم في رياضتنا انهم لايقرؤون .. لا أعني هنا قراءة الكتب والبحوث والدراسات التي تسهم في توسعة آفاقهم وتنور المسالك أمامهم وتضيء دروب عطائهم من أجل تطوير واقع إداء مؤسساتهم الرياضية, مع أن مثل تلك القراءة مهمة ومطلوبة إذا كان المسؤول حريصا فعلا على الكيان الرياضي المسؤول عنه ويبحث عن كل السبل المؤدية الى النهوض والارتقاء بواقع عطاء مؤسسته الرياضية , لكن أعني هنا ماتكتبه الصحافة الرياضية وتحديدا مايكتب من مقالات وتقارير وتحقيقات وغيرها من صنوف الكتابة التي تميط اللثام عن حقائق وممارسات خاطئة أو تكشف عيوبا ومواطن خلل في هذا المفصل أو ذاك وتدخل في نطاق النقد الهادف الذي يبتغي الاصلاح وليس الاستهداف الشخصي أو التسقيط المعلن أو المبطن , ويخطأ المسؤول إذا اعتقد أو صور له من حوله أن يعطي مايكتب أو مايقال الاذن الطرشاء وان ماينشر ليس سوى ( كلام جرايد) لايغني ولايسمن من جوع, هذا التصور للأسف نراه حاضرا بل صار جزءا من فلسفة السلطة وسلوك القيادة لدى معظم العناوين المسؤولة في الواقع الرياضي الذي تتفاقم فيه الأخطاء وتتراجع معدلات الإداء وتتهاوى النتائج , نتيجة غياب الرؤى الصحيحة في العمل وافتقاد بعض أصحاب الكراسي والعناوين الى البوصلة الصادقة التي تؤشر لهم الاتجاهات السليمة, والصحافة وما تتناوله من كتابات هادفة واصلاحية هي الجزء الأكثر حيوية في تلك البوصلة , لكن تبقى مشكلة المسؤول الرياضي عندنا انه لايقرأ ويكتفي أحيانا بما يوصله اليه بعض المنافقين عما يكتب بطريقة منافية لما كتب أصلاً, وهذه أيضا ثيمة سلبية تحسب على المسؤول ذاته مع أن بعضا من طراز المسؤولين أنهم لايقرؤون وإذا صادف أن أحدهم يقرأ فربما لايفهم ماكتب واذا صادف أنه فهم فسوف لن يكتب لما فهمه التنفيذ أو التطبيق على أرض الواقع مع أن معظمهم لا يتردد في التصريح دائما أن الاعلام شريك أساسي في صناعة القرار وطرف مهم في تحقيق الإنجاز, لكنْ يبقى التناقض حاضراً باستمرار بين مايصرح به المسؤول وبين ماهو مجسد من سلوك وتعامل على أرض الواقع.. وهنا تسكب العبرات.