حسن العاني
الناس تستغل أوقات فراغها في أشياء ممتعة ، تزور صديقاً، تسافر تتنزه، تطلق وتتزوج ، تشبع هواية محببة إلى نفسها، لا أنا اصرف أوقات فراغي بأسئلة عبثية ، لاتغني ولاتسمن ولاتجدي نفعاً، من ذلك على سبيل المثال ، كنت قبل يومين اطرح على نفسي السؤال التالي [كم عدد المواطنين العرب – من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر – الذين سمعوا بطه باقر أو فائق حسن أو عبد الجبار عبدالله أو وحيدة خليل أو كوكب حمزة أو خليل شوقي أو كمال السامرائي أو الحبوبي أو محمد خضير أو جمولي أو عبد المحسن السعدون ، وإذا طرقت هذه الأسماء العراقية من اعلامنا (وغيرهم كثير) أسماعهم، فما هي معلوماتهم عنها ، وكنت دائما أجيب إجابة سلبية ، ويتولاني اليقين ، إن من سمع بهم مصادقة أو عرضاً ، لايميز الرياضي منهم عن الفنان عن العالم عن السياسي في حين نعرف نحن في العراق ، صغيرنا وكبيرنا، مثقفنا وجاهلنا، من هو العقاد والحكيم وطه حسين وابو تريكة وبو شناق ولطيفة وفاتن حمامة ونجيب محفوظ ونانسي عجرم والصافي والرحابنة وجبران واحمد عرابي وشعراوي ووردة ودريد لحام وسميرة توفيق وعبد الصبور وشوقي والف مبدع في شتى المجالات، ثم أسأل كذلك هل نحن شعب لايحسن تقديم اعلامه والتعريف بنجومه؟!، بل هل نحن شعب يدمر رموزه واعلامه ونجومه؟، وحارب أو يحارب الجواهري والصائغ والسياب وحسين سعيد والبياتي وسعد الوتري وفاضل الجمالي ونوري السعيد وهؤلاء ليسوا أول ولا آخر ضحايا الإهمال مرة، والتنكيل مرة أخرى!
المهندسة العراقية وجدان ميخائيل سالم ، حصلت من الحكومة الايطالية على الجائزة الدولية (بريمو بلساريو) للعام (2010) تقديراً لجهودها في مجال عملها ، وهذه الجائزة تقدم للنساء اللواتي يتميزن بالعمل في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعد (الوزيرة) وجدان اول عراقية تمنح هذه الجائزة ، فماذا عملنا وكيف تعاملنا مع هذه الجائزة الدولية على المستوى الرسمي والاعلامي والشعبي؟ لاشيء بالمرة!!، زها محمد حديد، وابداعاتها وتصاميمها المذهلة خارج العراق وجوائزها ، كيف تعاملنا معها ، كم فضائية وكم جريدة تابعتها وسافرت اليها والتقتها وحاورتها ، وكم ندوة وكم مؤتمراً اقمنا للتعريف بها وبمنجزها ؟ ، ماهي الكراسات التعريفية التي طبعناها للمهندسة زها ، وللمهندسة (الوزيرة) وجدان بشتى اللغات وحاولنا توزيعها في بلدان العالم عبر سفاراتنا وملحقياتنا الثقافية والصحفية؟، أين المعلم الثقافي الذي حمل اسم يوسف العاني أو جواد سليم أو منير بشير أو محمد القبانجي؟ كيف احتضنا (التميمي) الفتى العراقي الذي توصل إلى حل لغز رياضي عجز علماء الرياضيات وعباقرتها عن حله طيلة (300سنة)؟، مبدعونا وانجازاتهم العظيمة مجرد خبر على هامش الاخبار يضيع وسط ضجيج الساسة وأصواتهم التي طغت على أصوات العراقيين التي ترسم صورة الوطن الحقيقي، لم تحتضن أحداً، ولم تصنع نجوماً، ولم نحتف باعلامنا، ولم نحرك ساكناً، لانحسن شيئاً بالمرة ، بما في ذلك الأشياء البسيطة والمألوفة والمعروفة، حتى أصبحنا البلد الوحيد في العالم الذي لايستطيع إنجاب حكومة الا بعملية قيصريَّة!