طالب القره غولي منح الأغنية مديات جماليَّة في التعبير

الصفحة الاخيرة 2020/06/24
...

أحمد صاحب
 
في مثل هذه الأيام من العام 2013، رحل الملحن الكبير طالب القره غولي، لتظل ألحانه تنث شذاها عابقة في فضاء الذاكرة العراقية، إذ أعطى أبو شوقي إنجازاً موسيقياً وغنائياً ثراً، ويعدُّ مدرسة في اللحنيَّة العراقيَّة والعربيَّة، وعندما نذكر الأغنية العراقيَّة لا بدَّ أنْ يأتي ذكر هذا الملحن الكبير، 
الذي لم يكتف بإبداعه المميز إنما كانت ألحانه محفزة للملحنين الآخرين للتنافس على ما هو أجمل وأكثر إبداعاً.
القره غولي الذي ولد في ناحية النصر التابعة لمحافظة الناصرية، عشقه للموسيقى والغناء دفعه نحو تعلم الموسيقى والعزف على آلة العود بشكل ذاتي، يحمل في داخله أحلاماً وطموحات كان يستكثرها زملاؤه عليه.. حتى حققها ووصل الى العاصمة بغداد ودخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ولحن لأهم الأصوات العراقيَّة والعربيَّة منها: مائدة نزهت وحسين نعمة وياس خضر وحميد منصور وقحطان العطار وسعدون جابر وفؤاد سالم.. وعلى المستوى العربي لحن لوردة الجزائريَّة ووديع الصافي وسوزان عطية وسميرة سعيد.
امتازت ألحان القره غولي بصياغاتها المتنوعة بين مقطع وآخر وكأنه لحنٌ يتسق بالمقطع الآخر بشكلٍ ذوقي وجمالي فيضاعف من ثرائه النغمي والتحولات الإيقاعيَّة في جو الأغنية، وقد منح الأغنية العراقيَّة فضاءً شفافاً بالتعبير عن العاطفة الإنسانيَّة ولم يخف تأثره بالمدرسة المصريَّة وبالأخص بالملحن بليغ حمدي والموجي وعبد الوهاب والسنباطي. وانعكس هذا التأثر لصالح الأغنية العراقية التي أخذت مديات واسعة بالتعبير الموسيقي.
تولى القره غولي مسؤولية قسم الموسيقى في الإذاعة والتلفزيون، وكان من أكثر الملحنين العراقيين خصوبة وعطاءً في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وشكل مع الشاعر المبدع زامل سعيد فتاح ثنائياً إبداعياً، نتجت عن هذه الشراكة أعمالٌ كبيرة منها (اعزاز، حاسبينك، جذاب) وغيرها، فضلاً عن أعمال القره غولي الأخرى ولعل أبرزها: (ليل البنفسج وروحي واتنا اتنا، وتعال لحبك انا اشتاق وحسبالي)، وأول لحن دخل به الإذاعة والتلفزيون هو «ياخوخ يادرزالي».
بعد رحلة طويلة من النجومية والمغامرات والإبداع جاب فيها دولاً وعواصم عربيَّة وعالميَّة عاد مجدداً الى مسقط رأسه ناحية النصر في الناصرية بخفي حنين، الى بيته الأول وزوجته الأولى أم شوقي ليودع الحياة.
توفي الفنان طالب القره غولي قبل ظهر يوم الخميس الموافق 16 أيار 2013 في مستشفى الحسين بمدينة الناصرية بعد صراع طويل مع مرض السكري وأقيم له عزاءٌ في مدينته الأم ناحية النصر الذي حضره الكثير من أبناء جيله وأصدقائه منهم حسين نعمة وياس خضر وغيرهم من فناني الناصرية وعشاق فنه، وظلت أغانيه وألحانه حيَّة في الذاكرة الجمعيَّة ويسترجعها العراقيون بحنين وهي تلامس مشاعرهم بأعذب وأصدق تعبير.