دول الخليج تعيد النظر بالعمالة الوافدة

اقتصادية 2020/06/27
...

 
 
فيفيان يي  ترجمة: خالد قاسم
 
 
 
تعتمد البلدان الثرية في الشرق الأوسط على الأجانب لأداء وظائف لا يقبل بها مواطنوها، لكن فيروس كورونا أعاق هذا النشاط وجذب الاهتمام نحو عدم المساواة. وتعتمد ماكينة الحياة اليومية بتلك الدول على العمال المهاجرين من آسيا وأفريقيا ودول عربية فقيرة، اذ يعمل الملايين بمجالات خدمة المطاعم والمنازل والطب والبناء وخدمات التوصيل والطهي وجمع النفايات والحراسة والحلاقة والفنادق وغيرها.
لكن مع تراجع ايرادات النفط تحولت مساكن العمال المهاجرين الى بؤرة للفيروس ومطالبة المواطنين حكوماتهم بتوفير الحماية أولاً، ما أثار اعادة النظر بالوضع الراهن. وتزداد حدة العداء تجاه الأجانب اضافة الى أسئلة عن كيفية وضع مواطنين مكان المهاجرين ومطالبات باصلاح طريقة استيراد ومعاملة العمالة الأجنبية. تعد تداعيات الفيروس قاتمة بصورة مباشرة لكثير من العمال الأجانب بالدول العربية والذين أرسلوا أكثر من 124 مليار دولار الى دولهم الأم عام 2017. وفقد عشرات الآلاف وظائفهم خلال اجراءات الاغلاق الحكومية، ما تركهم يعتمدون على امدادات الحصص الغذائية الضئيلة بينما تعاني اسرهم بدون حوالاتهم. وأصيب آخرون بالفيروس اذ اخترق كورونا سكنهم المكتظ والصغير.
يعتقد البنك الدولي أن الحوالات ستهبط بنسبة الخمس تقريبا هذا العام على مستوى العالم من 714 مليار دولار في 2019 الى 572 مليار دولار. ومع هبوط أسعار النفط وانتهاء السياحة فدول الخليج المستضيفة والتي تعادل أكثر من عشر مهاجري العالم قد تراجع علاقتها مع العمال الأجانب. حتى قطر والامارات الثريتين جدا حيث تعمل جيوش من الأجانب لخدمة المواطنين القليلين وبناء مشاريع حكومية عملاقة مثل ملاعب كأس العالم في قطر، فمن المرجح أن تتخليا عن عمال الضيافة والبناء بسبب تبخر السياحة وتباطؤ التنمية.  الدول المعتمدة على النفط ذات طبقة متوسطة أو فقيرة واسعة مثل السعودية والبحرين وسلطنة عمان لم تعد تضمن مستويات المعيشة العالية والاعانات الكبيرة التي ينعم بها مواطنوها. ويقول محللون أن خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد بلاده بواسطة السياحة والحفلات الموسيقية ستتقلص لأن وزير المالية السعودي حذر من تخفيضات نفقات «مؤلمة».
تنفق دول الخليج معظم أموالها على تشغيل مواطنيها بوظائف القطاع العام المستقرة ذات الراتب الجيد وهو ما يعادل ضعف شبكة الحماية الاجتماعية. ويعمل ثلثا مواطني دول الخليج بوظائف حكومية رغم جهود الدول لدفعهم الى القطاع الخاص عبر دفع بدلات للشركات مقابل تعيين المواطنين وفرض ضرائب اضافية على الوافدين. جدير بالذكر أن السعوديين بدؤوا يعملون بمجالات استقبال نزلاء الفنادق وبيع العطور في مولات الرياض والترحيب بضيوف المطاعم، وهي مهن هيمن عليها الأجانب قبل سنوات قليلة. أما في عمان فينتشر سائقو سيارات الأجرة من المواطنين، وقد يسرع كورونا هذا الاتجاه. مع ذلك يشكك محللون بأن المواطنين سيتولون أعمالا واطئة الأجر والمكانة مثل تنظيف المنازل. أيا كانت عواقبه بعيدة المدى فالفيروس سلط الضوء على الطريقة غير المتوازنة التي تعمل بها تلك المجتمعات، اذ لا يمتلك العمال وسائل حماية كثيرة ويعملون ساعات طويلة مقابل أجر زهيد وغالبا تحت الشمس الحارقة. ويستطيع أصحاب العمل التأخير أو الامتناع عن سداد الأجور بدون عقاب.
يرغب بعض العمال الأجانب بالعودة الى بلدانهم ووافقت بعض دول الخليج على دفع تذاكر تلك الرحلات، لكن ديونهم للكفلاء تقف بطريقهم، اضافة الى أن دولا قليلة تعارض استقبالهم بسبب نقص موارد الرعاية والحجر الطبيين باستثناء الهند التي نظمت عملية اخلاء كبيرة لاعادة مئات آلاف الهنود وخصوصا من الخليج.
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية