إرباك السياسة النقديَّة

اقتصادية 2020/06/27
...

ياسر المتولي 
 

ان انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية ادى الى ادخال البلاد بمشكلات لا تعد ولا تحصى، وفقدت الدولة سيطرتها بسبب ارباك السياسة النقدية الحصينة فيها وبما لا يمكن اعادة توازنها .
اسوق هذه التجربة الحية التي امامنا الان في وقت يشهد البلد ضغوطاً باتجاه تخفيض سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار والتي ستسهم  بحدوث  تضخم غير مسبوق يفقد العملة الوطنية هيبتها ، وهاكم لبنان تجربة كما اسلفت والمنطق الاقتصادي يؤكد ان المتضرر الكبير والوحيد من سياسة تخفيض سعر الصرف هم شريحة الفقراء ومتوسطو الدخل الذين يشكلون النسبة العظمى من المجتمع .
فلندع السياسة النقدية الصحيحة والسليمة  للبنك المركزي في المحافظة على استقرار سعر الصرف واستقرار السوق كنتيجة لنجاحها ولنذهب الى الحلول  الاخرى لسد العجز في الموازنة .
اما الحديث عن دعم المنتج الوطني فكلنا ندعو ونتمنى ذلك .ولكن لنجلس ونتحاسب عبر سؤال نوجهه الى الوزارات المعنية، الصناعة،و التخطيط والتجارة، عن عدد المنتجات الوطنية وحجمها في السوق ونسبة توفرها بما يحقق الاكتفاء الذاتي .
الجواب لدينا نحن المهتمين بالشأن الاقتصادي وهو لا توجد احصاءات دقيقة ونعرف جيداً ان الانتاج المحلي محصور ببعض الصناعات، وكذلك ببعض المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية أليس كذلك ؟
الان ولاجل المحافظة على هذا المنتج وديمومته وتشجيعه نحتاج الى دعمه كيف ؟
ليس بخفض سعر الصرف انما بحمايته من المنتجات المستوردة بمنعها او فرض تعرفة  جمركية تحد من استيرادها وبذلك نستطيع دعم المنتج المحلي، وتشجيعه والاجواء مناسبة الآن بعد الدعوات لمقاطعة المستورد من كل الدول ..
بقيت امامنا  بضائع مهمة للبناء والاعمار ممن لا يتوفر انتاجها في الوقت الحالي والسلع الكمالية، وهنا لابد من وضع برنامج استيرادي مخطط له وقبله اصلاح السياسة التجارية الفاشلة، وفرض الرسوم العالية على السلع الكمالية او منع استيرادها لثلاث سنوات على اقل تقدير وبذلك نشجع الانتاج الوطني ونحميه .
عند ذلك فالتعرفة الجمركية الرصينة ستساعد في امتصاص السيولة المكتنزة من الشريحة المترفة والمتمكنة لمن يقاوم ارتفاع اسعار السلع الكمالية التي هي اصلاً ليست بمتناول الفقراء ودون المساس بسعر الصرف وبذلك نعوض العجز في الموازنة وذلك لان الشرائح الاخرى لا حاجة لها بها وهنا لابد من الاشارة الى ضرورة اصلاح الادارة المالية ومعالجة الثغرات التي تسمح بالفساد . عود على ذي بدء ندعو ممن ليس لديه علم او خبرة بالسياسة النقدية ان لا يزج نفسه بما يؤدي الى ارباك السياسة النقدية فيزيد الطين بلة واقصد بالارباك التشويش على السوق وحرق الاسعار واعتقد متيقناً ان الفريق الحكومي الجديد والذي يبدو متخصصاً لاول وهلة يدرك اهمية عدم التدخل في شأن السياسة النقدية الا في امور تنسيقية وتوحيد وجهات النظر بين السياستين المالية والنقدية والا فمصير البلد مصير شقيقتنا او شقيقنا لبنان يهوي وندخل دوامة مشكلات نحن في غنى عنها.