لقمة وأوكسجين

الصفحة الاخيرة 2020/06/29
...

عبدالهادي مهودر
 
ستة أشهر مضت من عام الرعب والخوف2020  ودخلنا الشوط الثاني بنصف مليون وفاة ونحو عشرة ملايين إصابة بفيروس كورونا في العالم خلال النصف الأول من العام الحالي، وليس للبشرية من أمنية غير الخروج من البيوت والتنفس الطبيعي والنجاة بالروح العزيزة.
عالم ما بعد كورونا طال انتظاره مع محاولات خائفة ومحدودة للعودة الى الحياة الطبيعية وفتح الاقتصاد والسياحة، وبينما تعلن دول تجاوزها للأزمة تتزايد أعداد المصابين والوفيات في دول أخرى منها العراق من دون معرفة الأسباب، وفي وقت تتسابق الدول على اكتشاف علاج او لقاح تعاني مراكزنا الصحيَّة من مشكلات عديدة ألقت بظلالها القاتمة على الوضع النفسي والصحي للمواطن، ومع دخول النصف الثاني من العام يستمر السير نحو المجهول وفقدان بارقة الأمل بعالمٍ خالٍ من كورونا، ولم يعد الإنسان يحلم بغير تأمين لقمة العيش واستنشاق الأوكسجين، حتى الدول الكبرى انكفأت على نفسها وانشغلت عن طموحات النفوذ والتمدد واكتفت بالبحث عن الأمن الغذائي والصحي، النعمتان المفقودتان الصحة والأمان، والتحدي الأكبر المقبل هو تأمين العيش لملايين البشر وتأمين أجواء الوقاية من أجل التعايش مع الفيروس كأمرٍ واقع أي العيش مع العدو في خندقٍ واحد.
لن يكون النصف الآخر من عام 2020 سهلاً في ظل تفاقم البطالة وفقدان الملايين لسبل العيش ومصادر الرزق تحت ضغط الأزمة الماليَّة العالمية وتراجع الطلب على نفطنا الرخيص، ولا بدَّ من مواجهة هذا التحدي المقبل بترتيب جدول الأولويات وأنْ يكون الوضع الصحي في المقدمة ولا ينافسه أو يأخذ من إمكانات مواجهته أي تحدٍ آخر، وفي بلد كالعراق معقد أمنياً واجتماعياً ستكون المهمة أصعب، لكن لا بدَّ من المواجهة والمكاشفة، فليس لدينا وقت لنضيعه ولا أموال لنبددها وعلى الجميع حكومةً وقوى سياسيَّة ومجتمعيَّة أنْ تتفق على تقليل الكلام لصالح العمل الحقيقي وتركيز الجهود نحو هدف أعلى وأسمى هو ضمان نجاة الوطن والمواطن وتأمين لقمة عيشه وصحته وسلامته، لا بدَّ من غلق كل منافذ تبديد المال العام، فنحن بحاجة الى كل دينار لإنفاقه على المراكز الصحية وإيجاد مواقع حجر ملائمة وتأمين الأدوية ووصول الأوكسجين للمصابين، ولا وقت للجدل فقد بلغت القلوب الحناجر.
أميركا نفسها، المتصدرة بعدد الإصابات والوفيات، التي كان (لديها حلم) أعلنته في خطاب رئيسها مارتن لوثر كينغ عام 1963 لرؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة، أجبرت اليوم على الاكتفاء بحلم التنفس والبقاء على قيد الحياة الذي نطق به في العام 2020 مواطن أميركي أسود آخر هو جوروج فلويد، والعالم كله بشرقه وغربه فقد البسمة وغطى ابتسامة هوليوود بالكمامات الخانقة ولا يستطيع اليوم أنْ يتنفس بشكل طبيعي ولا أولويَّة تتقدم على لقمة العيش والأوكسجين.