استحقاق نوفمبر

الرياضة 2020/07/05
...

محمد صالح صدقيان 
 

ثلاثُ حوادث وقعت في ايران خلال عشرة ايام استدعت الكثير من التفسيرات ولا سيما ان هذه الحوادث تزامنت مع استحقاقات دولية ومحلية .
الحادثة الاولى حريق قريب من منشأة بارجين للتصنيع العسكري بالقرب من العاصمة طهران، سببه كما قالت السلطات الايرانية تسرب غاز في مخازن قريبة من المنشأة، وبعد ذلك باسبوع حريق في الضاحية الشمالية لطهران سببه تسرب غاز في مركز طبي راح ضحيته 19 شخصاً، بينما كان حريق ثالث في منشأة نطنز التي تعمل على تخصيب اليورانيوم. 
تزامنت هذه الحوادث مع عقد مجلس الامن الدولي اجتماعاً لمناقشة امكانية تمديد حظر التسليح الايراني الذي ينتهي في شهر اكتوبر المقبل، في الوقت الذي قام فيه مندوب وزارة الخارجية الاميركية للشؤون الايرانية برايان هوك بجولة اقليمية استهدفت التصعيد مع ايران .
وسائل اعلام «اسرائيلية» غير رسمية ادعت ان «اسرائيل» كانت وراء هذه الحوادث. ومع ايماننا الكامل بكذب وعدم مصداقية ما يقوله «الاسرائيليون»،  لكن ينبغي ألا نمرّ على مثل هذه الادعاءات مرور الكرام. 
يُجمع المراقبون على أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب مهووس بالانتخابات ويسعى لكسبها مهما بلغت الاثمان، ليس من الان وانما منذ ان دخل البيت الابيض عام 2017، وهو يمهد الطريق للفوز بولاية ثانية. 
مذكرات مستشاره للامن القومي السابق جون بولتون تعطي كثيراً من المعلومات بشأن هذه الحقيقة. ومن المرجح ان تصبح انتخابات 2020 حدثاً كبيراً ليس في تاريخ الولايات المتحدة وانما في تاريخ النظام العالمي. كما ان من المرجح ان يجد العالم نفسه خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني المقبل في وضع اكثر تزعزعاً من أي وقت مضى منذ نهاية الاربعينيات. فالعلاقات السياسية بين الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين الرئيسين مؤذية منذ حرب العراق عام 2003. وفي منطقة اسيا – المحيط الهادي تتمزق التحالفات مع كوريا الجنوبية والفليبين وكذلك يتداعى نظام التجارة العالمي جراء الهجوم الهادئ، لكنه فعال من جانب ادارة ترامب ضد منظمة التجارة العالمية. وفي حال هزيمته او فوزه، فان الرئيس ترامب سيجد نفسه امام استحقاقات جديدة على صعيد التحالفات الهشة التي ربما لا تنهار لكنها تزداد خواء. الى جانب ذلك، فان «التنين الصيني» لم يعد حيواناً أليفاً وهو يلعب في المجال الحيوي الاميركي. فهو لا يريد أن يأخذ مكانه في الشرق الاوسط والعالم فحسب بعد «أميركا أولاً» ، وإنما يُريد أن يُعطي نموذجاً جديداً للعلاقات الدولية، وللقطبية المتعددة في العالم التي تقوم على أساس الاقتصاد وليس الأمن.  
في مثل هذه الظروف، تريد ايران أن تستفيد من استحقاق اكتوبر لشراء الاسلحة وتحديداً الطائرات المقاتلة من روسيا، وهذا خط أحمر وضعته «اسرائيل» ومنظمة «ايباك» اليهودية الاميركية امام الرئيس الاميركي ترامب الذي «يفهم» و«يُدرك» و«يستوعب» اهمية هذه المنظمة ودورها في الانتخابات الاميركية. 
الادارة الاميركية التي يُدير سياستها الخارجية الوزير مايك بومبيو مع مندوبه في الملف الايراني برايان هوك، اخذت على عاتقها وضع بيئة مناسبة لمواجهة جميع الاحتمالات في مجلس الامن الدولي. لكن اجتماع يوم الثلاثاء الماضي كان مخيباً لآمال بومبيو بسبب اتفاق جميع الاعضاء على ضرورة صمود الاتفاق النووي مع ايران، اضافة الى وجود اشكالات قانونية بطرح الملف الايراني على مجلس الامن. 
المعلومات تشير الى مساعٍ جديدة تُبذل بعدة اتجاهات، للتأثير في الموقف الايراني. مسعى يحاول جرَّ الاوروبيين للعب دور ناشط قبل «استحقاق اكتوبر» لحاجة ترامب الى هذه الورقة في «استحقاق نوفمبر» . مسعى آخر يعمل مع «اسرائيل» لجر ايران الى المنازلة في الوقت الذي تحدده «اسرائيل» . مسعى ثالث يحاول ربط ايران بالصواريخ الحوثية التي تستهدف مواقع في السعودية . ورابع يُريد إشعال فتنة في الداخل الايراني وعودة الاحتجاجات على الاوضاع الاقتصادية وانخفاض العملة الايرانية مدعوم من بعض الجماعات المنشقة للقيام بعمليات إيذائية في مناطق حدودية ككردستان وسيستان وبلوجستان ولربما خوزستان ايضا. 
بالمحصلة؛ هناك حدث غير طبيعي سيحدث في نوفمبر . ويقع في دولة كبرى على مستوى الولايات المتحدة . تسونامي سياسي سيؤثر في مناسيب العلاقات الدولية . الاخرون في الشرق والغرب يشترون الوقت كلا حسب حجمه وحسب امكانياته وحسب رأسماله السياسي والأمني والاقتصادي من اجل مواجهة الاستحقاق الذي لن يكون سهلاً على حلفاء الولايات المتحدة او اعدائها أو أولئك الذين يتربصون بها الدوائر.