كربلاء/ سعاد البياتي
الفنون وسيلة المبدعين للتواصل مع الحياة وأداتهم للتشبث بها، ومقاومة الخوف الذي حلَّ في نفوس المصابين بوباء كورونا.. وهذا ما دفع النحات ومدير متحف الإمام الحسين عليه السلام لإقامة نصب تذكاري في مدينة الزائرين الواقعة بين بغداد وكربلاء حينما كان في الحجر الصحي
كلمة «يا حسين»
«الصباح» التقت النحات علاء الدين ضياء الدين الذي تحدث عن مضمون النصب قائلاً: «أثناء عودتي من أميركا بقيت في الحجر الصحي أربعة عشر يوماً في مدينة الزائرين التي كانت محجراً صحياً للوافدين..
استثمرت وجودي هناك ومن شدة الملل وطول الوقت فكرت بعمل نصب تذكاري في حدائق المدينة عبارة عن كلمة «يا حسين» التي نضجت الفكرة فيها من أنها تمنح دعماً معنوياً للمصابين بكورونا وترسم التفاؤل والأمل في نفوسهم، فعمدت الى تخطيط كلمة «يا حسين» ابتداءً» وأنضجت الفكرة وأحضرت جميع المواد التي يحتاجها لأشرع في العمل، فأنجزته بالمدة
المقررة لي بالحجز».
وأضاف ضياء الدين «يبلغ ارتفاع النصب أربعة امتار مطلي بالبرونز ويشبه المنارة وقبة الإمام الحسين عليه السلام، وتحته رمز لشكل وباء (كورونا) وقد أقمته خلال مدة الحجر لرفع معنويات المصابين، إذ إنَّ تحت قبته الشريفة يستحب الدعاء وهذا من معتقدات الناس لتذليل المصاعب والشعور بالراحة النفسية والأمن الصحي».
دواعٍ صحيَّة
ويسترسل بالقول: «في الأيام التي حجرنا فيها شاهدت العديد من المصابين يتذمرون من الوقت والفراغ وكيفيَّة قضاء الأيام، وحينما أنجزنا النصب كانوا جميعاً يتابعون مراحل العمل بشغف ويمضون أوقاتهم في تساؤلات فنيَّة ومعرفة فن التشكيل والنحت، وهذا ما جعل أيامهم وآلامهم تتبدد متناسين هموم المرض والوباء..
وقد خلقت الحماسة بين المصابين ورفعت معنوياتهم حينما نظروا الى النصب وهو يكتمل بكلمة (يا حسين) معتبرينها سلاحاً في الدعاء من الله ومن سبط رسوله للشفاء ومقاومة الأوضاع التي يعيشونها في الحجر الصحي، وقد سمعت أنَّ معظم المتواجدين في مدينة الزائرين كانوا يشعرون بتحسن صحتهم وأنَّ حالتهم النفسية جيدة جداً..
وان الحماس بين المصابين لبيان إبداعاتهم وفنونهم ظهرت في ذات الوقت من الحجر الصحي بكل أشكالها ليكون ذلك من دواعي الفرح والغبطة.. فقد كشف بعضهم عن إمكانياته في الرسم والكتابة
والشعر وغيرها».
ولفن النحت متعة جمالية يتذوقها المشاهد من خلال النظر الى ما أنجز من النصب لإيصال رسالة الى أنَّ المصابين يأملون الشفاء من الله جل وعلا وبوسيلتهم سيد الشهداء وهي رسالة معنويَّة مجدية بعد المناعة والوقاية والعلاج الطبي.
ترجمة التفاؤل
يرى الباحثون المختصون في مجال علم النفس أنَّ الملل هو أحد محفزات الإبداع وطالما كان دافعاً للإنتاج.. وهناك علاقة بين الملل والإبداع للبحث عن شيء يخلص الفرد منه وإفساح المجال لأفكار جديدة ومبتكرة ومترجمة للحياة والتفاؤل.. وهي الأفكار المضيئة التي تخص موضع العمل بجدية وأمل، فضلاً عن الأوقات الطويلة من دون عمل، ما يجعل المبدع يفكر في أشياء تنقذه في عزلته وتولد لديه قدرة فائقة على إنجاز الفكرة بنجاح.