المصباح السحري

الصفحة الاخيرة 2020/09/22
...

حسن العاني 

استأثر مصباح علاء الدين ومارده العفريت القادر على تحقيق الطلبات المستحيلة باهتمام حياتي كبير حتى أصبح من التراث العالمي الذي تعاطفت معه الشعوب جميعها بدون استثناء، فهو أمنية المراهقين والمراهقات للوصول إلى أحلامهم العقيمة، وقبل ذلك فهو مفردة عالية الشأن في الموروث الإنساني وحكاياه ولذلك لن نستغرب اذا ما سلطت السينما خاصة العربية والهندية المزيد من الأضواء عليه، لانه المنقذ وحلال العقد ورأس مال المفلسين ! 
لا أغالي أبداً ولا أبالغ اذا قلت ان هذا المصباح العجيب لم يترك زاوية الا ونفذ إليها، مؤكداً حضوره في الامثال وحوارات الناس والطرائف والنكات، وأنا شخصياً أحفظ اكثر من نكتة يتولى بطولتها المارد، وكنت أتمنى رواية بعضها لولا ضيق المساحة، على أن أطرف أو اغرب مجال اقتحمه المصباح السحري هو مجال السياسة، اذ وظفه العقل الشعبي العراقي سلاحاً سلمياً من أسلحة المعارضة ولكنه سلاح مؤثر حقاً. 
فهناك طرفة قديمة تقول : ان العراقيين ضاقوا ذرعاً من النظام السابق وظلمه ودكتاتوريته، وان مجموعة منهم حصلت على المصباح وقامت بدعكه، فظهر المارد الشبحي وهو يردد عبارته المعروفة ( شبيك لبيك) فطلبوا منه تخليصهم من الظلم والدكتاتورية ولم يخيب رجاءهم.. غير إنه طلب منهم عشر دقائق فقط لانجاز المهمة، ولكن الذي حدث هو ان الشبح اختفى عشر سنوات، ولم يظهر الا بعد العفو الذي اصدره المقبور صدام عن السجناء في ايامه الاخيرة، حيث تبين انه كان مع المعتقلين! 
وفي هذا الاطار نفسه، يروى بان مجموعة من العراقيين – وهذه الرواية بعد سقوط النظام – طلبت منه بناء جسر ذي طابقين يربط بين بغداد وبكين، فاعتذر المارد لان مثل هذا المشروع صعب.. وصعب جداً! وسألهم أن يطلبوا شيئاً ممكناً او معقولاً ولن يتردد عن تنفيذه، وهنا طلبوا منه تخليص البلد من الفساد المالي والإداري وكشف (الحرامية) الذي يسرقون من وراء الستار وبأغطية قانونية، وعرضهم على المواطنين عبر الفضائيات لكي يشعروا بالسعادة ولو لمرة واحدة في حياتهم، فسكت المارد الشبحي قليلاً وهو ( يفرك) يداً بيد، وتأمل الطلب على مهل وداوره في رأسه قبل أن يرد عليهم، يا اخوان هل تريدون الجسر بطبقتين أو بثلاث طبقات ؟
ملاحظة: اعتذر للقارئ الكريم، فانا لست متأكداً ان كان الجماعة قد طلبوا منه تخليص البلد من الفساد المالي أم من المحاصصة!