باريس تشعر بالصدمة من المماطلة في لبنان

الرياضة 2020/10/19
...


 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 

وحده وليد جنبلاط يمثل اليوم اللحظة اللبنانية الفارقة بصخب تقلباتها، ودوي ارتداداتها، في ظل وضع سياسي واقتصادي معقد ومأزوم، فالرجل كما عرف عنه، لا يتردد عن تغيير تموضعه السياسي في التحالفات والتفاهمات حيثما يجد ذلك ضرورياً، على وفق البوصلة البراغماتية المعروفة بـ(المصلحة) السياسية.
 
جنبلاط الذي كان من أبرز معارضي عودة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري للسرايا الحكومي، والذي سبق أن صرح مراراً بأنه ضد تسمية الحريري، وأنه نصحه بعدم الترشح، عاد ليقلب الطاولة على معارضي عودة الحريري، مؤيداً ترشيح الأخير، ويصبح الضلع الدرزي في مربع “الاتفاق الرباعي”،  بنسخته لعام 2020.
الآن اختلطت الأوراق وأصبح التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون في وضع لا يحسد عليه، فالتيار الذي استفاق الأربعاء الماضي؛ على اتفاق بتشكيل حكومي يرأسه الحريري، ومدعوم بأصوات شيعية، وسنية، ودرزية تؤمن بمنسوبها الـ (70) تمرير تسميته، وتكليفه في الاستشارات الملزمة، الأمر الذي جعل زعيمه عون يلجأ لصلاحياته الرئاسية، ويضع الاستشارات في الثلاجة حتى الخميس المقبل.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها “الصباح” كان لتأجيل الاستشارات النيابيّة، صدى شديد الامتعاض من قبل أوساط أوروبيّة، إذ أفادت مصادر لبنانية التقطت إشارات فرنسية بـ “أنّ قصر الأليزيه يشعر بالغضب، والصدمة من عرقلة تكليف رئيس الحكومة”، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حسب المصادر ذاتها، “عَبّر عن استياء بالغ من المماطلة السائدة في لبنان، وعدم إثبات بعض المسؤولين اللبنانيين جِدّيتهم في سلوك خريطة طريق الانقاذ للبنان”.
وأكّد المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، الذي يزور واشنطن أنه لا يحمل رسالة سياسيّة أميركيّة الى المسؤولين اللبنانيّين، وأنه لمس كل حرص على استقرار لبنان، وعلى الإسراع في تشكيل الحكومة، وأضاف “غير أنّني لم ألمس أي رأي أميركيّ بأي شخصيّة لترؤس الحكومة اللبنانية، ولم يتمّ التطرّق الى موضوع حزب الله خلال زيارتي الى واشنطن، والعنوان الأساس هو الإسراع في تشكيل الحكومة”.
الى ذلك يبدو أن الاتصالات بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، والسعودية عادت للانقطاع في ضوء استياء الرياض مما تعده “إصرار الحريري على التقرب من حزب الله”، وفي ضوء ما رشح أخيراً من اتفاق رباعي ضلعاه الرئيسان هما (الثنائي الشيعي)، حيث أكد القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش أن “الاتصالات بين الحريري والرياض حالياً متوقفة، وهو يتواصل مع السعودية من خلال الرئيس ماكرون، لكنهم في المقابل يشترطون على الحريري لعودة العلاقة معه؛ تشكيل حكومة من دون حزب الله”، وأضاف علوش في تصريحات صحفية: “فلنذهب إلى الاستشارات يوم الخميس فإما ان يكلَّف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، أو يشكلوا الحكومة التي يريدون”.
في خط موازٍ أفادت جهة إعلامية مقربة من بيت الوسط لـ “الصباح” بأن “باريس تواصل اتصالاتها مع الرياض من أجل ضخ الحرارة في الخطوط المقطوعة بينها، وبين الحريري، كما أنها حاولت إقناع الحريري بالتواصل مع باسيل، مثلما اتصل برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكان رد الحريري أنه اتصل بجنبلاط شاكراً موقفه بعد قرار اللقاء الديمقراطي بتسميته، بينما يصر باسيل على موقفه قبل وبعد تأجيل الاستشارات”.
هذا وعادت التظاهرات الى شوارع بيروت، بعد إحياء ذكرى احتجاجات 17 تشرين، حيث اندلعت مواجهات بين متظاهرين، والقوى الأمنية أمام مجلس النواب في بيروت. وبدأ المتظاهرون بإلقاء الحجارة، والمفقرعات باتجاه مكافحة الشغب في محيط بلدية بيروت، وعلى أثر ذلك ردت القوى الأمنية على الرشقات بالقنابل المسيلة للدموع، كما جرت تظاهرات وعمليات قطع للشوارع في طرابلس والبقاع ومناطق أخرى احتجاجاً على سوء الاوضاع، وانسداد 
الأفق الحكومي.