لماذا تخطأ تقديرات استطلاعات الرأي في الانتخابات الأميركية ؟

الرياضة 2020/10/21
...

محمد صالح صدقيان 
 

لم تسعفنا استطلاعات الرأي خلال السباقات الانتخابية الاميركية السابقة في التعرف على صاحب الحظ السعيد الفائز في تلك الانتخابات. 
اسباب متعددة تقف وراء وجوب عدم الاعتماد على صحة نتائج استطلاعات الرأي التي تقوم بها مؤسسات اميركية جادة ومهنية ومن المفترض ان تكون دقيقة في نتائجها. من هذه الاسباب؛ طبيعة مسار الانتخابات في ظل وجود آلية المجمع الانتخابي «Electoral College » الذي يعتبر هيئة انتخابية مهمتها انتخاب الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة الاميركية ونائبه؛ وهي الدولة الوحيدة التي بها هذا النوع من الاقتراع غير المباشر وهي مدونة في دستورها. فبدلا من التصويت المباشر لصالح الرئيس من قِبل المنتخبين يتم التصويت لصالح ناخبي هذا المجمع وهذا الأخير هو الذي يختار من سيحكم البلاد. واستنادا لهذه الالية الفريدة من نوعها في المجتمع الدولي فان العديد من الرؤساء الاميركيين فاز في الانتخابات استنادا على هذه الآلية. وكمثال على ذلك فوز المرشح جورج دبيلو بوش عام 2000 رغم انه خسر التصويت الشعبي لصالح المرشح الديمقراطي ال جور، وفي العام 2016 فاز المرشح الرئاسي دونالد ترامب باصوات المجمع الانتخابي على الرغم من خسارته التصويت الشعبي لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. ومن الاسباب الاخرى التي لاتقل اهمية وهي في اكثر الاحيان “غير مرئية” موقف “الغرف المظلمة” والتي يشار لها ب”الدولة العميقة” التي تؤثر في المسار السياسي للولايات المتحدة الاميركية. هذه الدولة تتشكل من اصحاب معامل السلاح الذين يمتلكون قدرة اقتصادية هائلة ومخيفة؛ وهم في اكثر الاحيان يتحملون مسؤولية الحرب والسلام ليس في الواقع الاميركي فحسب وانما على المستوى العالمي ايضا . وثاني اركان هذه الدولة هي المؤسسات المالية والبنكية “وول ستريت” او شارع المال الذي يملك هو الاخر قدرة مالية هائلة ويؤثر في الانتخابات الاميركية بشكل مباشر من خلال التفاهم الذي يجريه مع المرشحين من اجل تنفيذ قراءته للواقع الاقتصادي الاميركي وكذلك للواقع الاقتصادي العالمي. اما ثالت هذه الاركان فهي شركات النفط التي تسيطر ليس على الواقع الاميركي النفطي فحسب وانما على الواقع النفطي العالمي واسواق النفط كشركات عملاقة متعددة الجنسيات في التنقيب والاستخراج والتصدير والاستيراد، الركن الرابع شركات الادوية التي اظهرت براعتها وهيمنتها على سوق الدواء؛ خصوصا في “جائحة كورونا” التي اضحت متهمة من العديد من الدوائر لسيطرتها وقدرتها على انتاج ليس المصال واللقاحات فقط وانما انتاج الفيروسات التي تصيب المجتمع الدولي بما يحقق المصالح الاميركية والنظام الراسمالي العالمي.  وهناك سبب ثالث يرتبط بشكل غير مباشر بالسبب الثاني وهو اللوبي الصهيوني الذي يعمل لابتزاز مواقف المرشحين، وهي لعبة اعتاد عليها وبرع بها هذا اللوبي من اجل الحصول على المزيد من المكاسب. ولذلك سعى جميع المرشحين في الكثير من الاحيان للتملق لهذا اللوبي من اجل الحصول على مساعدته في تفعيل آليات يمتلكها داخل مفاصل “الدولة العميقة” من اجل العمل للتأثير في توجهات الرأي العام الاميركي الداخلي وبذلك يسهم في اخراج و”هندسة الانتخابات” بما يحقق مصالحه التي يراها في هذا المرشح او ذاك. هذه الاسباب وغيرها في مجتمع سياسي معقد كالذي هو في الولايات المتحدة الاميركية تجعل من الصعوبة بمكان معرفة الفائز قبل موعد السباق الذي يجري هذا العام في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.  هذه الانتخابات تفرز ظواهر ربما كنا نجهلها، فعملية التزوير يبدو انها حقيقة في العملية الانتخابية وممكن حدوثها في الولايات المتحدة، فالمرشحان  الديمقراطي جو بايدن والجمهوري دونالد ترامب تبادلا الاتهامات بالتزوير، فالاول اتهم الثاني بسعيه لتزوير الانتخابات اذا ما جرت في المقرات الانتخابية؛ بينما اتهم ترامب منافسه بايدن بانه يسعى الى التزوير في حال اجرائها عبر المنافذ البريدية كما يطالب بها.