النفط مقابل الإعمار

اقتصادية 2020/11/08
...

ياسر المتولي 
 
خلصت المباحثات (المصرية - العراقية) الى عقد اتفاقيات وبروتوكلات غاية في الاهمية خاصة في جانبها الاقتصادي وتبدو سهلة التنفيذ، ولكن ما التحديات التي تواجهها؟.
من وجهة النظر الاقتصادية البحتة بغض النظر عن التحديات السياسية والامنية فإن النفط مقابل الإعمار وهو استنساخ لتجربة النفط مقابل الغذاء، لكن الفرق يكمن في اهمية الهدف وسهولة تنفيذه، فحينما كان النفط مقابل الغذاء فذلك هدف محدد بحد ذاته مخصص للغذاء، بينما النفط  مقابل الاعمار سيواجه تحديات من نوع آخر، إذ لا بدّ من ان تكون هناك اجابة عن سؤال يتعلق بالنفط الذي سيخصص للمقايضة بالاعمار، هل هو ضمن حصة العراق المقرر تصديرها عبر اتفاقيات اوبك أم من خارج الحصة؟.اذا كان النفط المخصص للاعمار من ضمن الحصة فذاك تحدٍ كبير لايمكن مواجهته في ظل تذبذب أسعار النفط نحو الانحدار، وحتى في حال ثبوته عند هذه المستويات كون الكميات المصدرة لاتساوي حاجة البلد الذي يبحث عن موارد اضافية لسد العجز الكبير في موازنته .
أما اذا كانت الكميات المقرر مقايضتها بالاعمار من خارج حصة العراق المحددة للتصدير، فهنا تتحقق الجدوى الاقتصادية من استثمار النفط مقابل الاعمار، وتبقى الحاجة الى الاجابة عن سؤال مفاده: هل سيسمح للعراق تصدير النفط من خارج حصته المقررة؟، هنا أشك بسهولة الحصول على الموافقة، عليه يتعيّن على الحكومة حسم هذه المسألة الحساسة قبل الشروع بتنفيذ هذا الاتفاق .
أما في حال عدم الحصول على تحييد حصة النفط مقابل الاعمار من حصة التصدير، فهنا يتطلب الامر في حال تنفيذ الاتفاقيات ان يصار الى الشروع بتنفيذ مشاريع سريعة تحقق العوائد المالية لتعويض الفقد عن الموارد المستقطعة من الحصة التصديرية.
هذه المعادلة مطلوب دراستها بحكمة وتضمينها ضمن التفاوض بخصوص المشاريع ذات الاولوية المهمة للبلد .
نعود لأهمية النفط مقابل الاعمار فهي خطوة جريئة ومفيدة وذات جدوى اقتصادية، لكن هناك حاجة لتوضيح هذه المقايضة وتفاصيل لا بد من عرضها بشفافية سنأتي على توضيحها في مقالات لاحقة لأهميتها.
على أنها خطوة جاءت متأخرة للأسف، فلو استثمرت اموال النفط للاعمار منذا البداية لكان اقتصادنا معافى وتأثير الازمات المالية كانت أقل وطأة على البلد. وفي جميع الأحوال بنا حاجة حقيقية لاستثمار مواردنا النفطية لبناء البلد وليس للرواتب فقط كيف ومتى وأين! .
الجواب عند خبراء الاقتصاد الذين بحت أصواتهم لتصحيح ادارة المال العام الى أن وقعنا في فخ الازمات المالية وعواقبها الوخيمة  .
نأمل ان تكون خطواتنا المقبلة مدروسة من كل الجوانب لتجنب التحديات غير المتوقعة التي تواجهنا عقب الاتفاقيات ونقع في مأزق الإحراج والخسائر. نأمل لهذه الاتفاقيات النجاح وسرعة التنفيذ؛ لأن الوقت لايسمح بالانتظار أكثر، وذلك يتطلب فصل المعالجات الاقتصادية عن التناحرات السياسية وإلا فالأمر ينذر بارباك أكبر.... وللموضوع بقية.