تعد المياه العامل الأساس في وجود الحياة الى جانب عوامل رئيسة أخرى، فهذا المورد المهم هو الأساس في النشاطات الإنسانية والحياتية والاقتصادية والصناعية وغيرها من النشاطات الأخرى. وفي ظل شح الموارد المائية في العراق وتناقصها بسبب مجموعة عوامل فمن المفترض بالجهات المختصة بإدارة الموارد المائية في البلد العمل على وضع خطة من اجل استثمار الموارد المائية المتاحة استثماراً اقتصادياً مثالياً بحيث يعمل على تسيير المتطلبات اليومية في المجالات البشرية والزراعية وغيرها وتقليل التأثيرات السلبية، الناتجة عن نقص هذا المورد المهم، في هذه المجالات.
والنقص الحاصل بموارد المياه معضلة تواجه العديد من دول العالم بفعل التقلبات المناخية الناتجة عن التلوث البيئي واختلال طبقة الاوزون وما تسبب به من اضطرابات في شح الامطار وقلة تساقط الثلوج، وبلدنا واحد من بين الكثير من البلدان التي تواجه هذه المعضلة.
الامر الذي يتطلب العمل على وضع الحلول المناسبة من أجل تجاوزها والتقليل من تأثيراتها السلبية الواسعة وذلك يتم عن طريق التقليل من الهدر الحاصل في استعمالات هذه الثروة المصيرية ووضع الأولويات في استعمالها والعمل على إقامة مشاريع لمعالجة المياه المستعملة عن طريق إعادة تدويرها، وهي مشاريع معمول بها في كثير من دول العالم.
فهي ضمانة بعدم هدر هذا المورد المهم عن طريق تخليصه من الشوائب والنفايات والمواد العالقة معه بما يؤدي في النهاية الى إعادة الحصول على مياه صالحة للاستعمالات البشرية والزراعية والصناعية المختلفة وبما يؤدي الى تدويرها من جديد وضمان استمرارية تدفقها وتوافرها.
كما ان العمل على حفر الآبار الارتوازية هو اختيار غاية في الأهمية، إذ يمكن العمل على حفر هذه الآبار بعد إجراء دراسات جيولوجية تقدم معلومات مؤكدة عن الكميات المتوافرة من المياه في هذه المناطق حتى تكون عملية حفر الآبار ذات جدوى اقتصادية تعود بالنفع المرجو منها ولا يتم هدر الإمكانات المالية على حفرها من دون الحصول على العائد المجزي من المياه.
ان إجراء الدراسات الجيولوجية تمكن من وضع خارطة لأماكن وجود المياه حتى يصار الى العمل على حفر هذه الآبار حسب حاجة كل منطقة في العراق وحسب المعلومات المؤكدة عن العائد المقدر منها حتى يتم حساب كميات المياه المستحصلة منها بطريقة دقيقة وتخطيط المشاريع المستقبلية في ضوئها؛ فضلا عن ان طريقة تحلية مياه البحر هي اختيار مهم في هذا المجال، إذا ما أخذنا في نظر الاعتبار نجاح هذه الطريقة في الدول الخليجية.
إذ يمكن العمل على انشاء محطات لتحلية المياه في محافظة البصرة في داخل المناطق المشرفة على الخليج العربي والتي يمكنها ان توفر كميات كبيرة من المياه بهذه الطريقة ويمكن اعتماد التكنولوجيا الحديثة والقائمة على استخدام مصادر الطاقة النظيفة وغير الملوثة للبيئة وبما يحافظ على نظافة المنطقة واجوائها من مصادر التلوث التي قد تنبعث من الاعتماد على مصادر الطاقة الاحفورية. ويمكن التوسع بطريقة تحلية مياه الخليج بزيادة هذه الكميات تباعاً واستثمارها في الاستخدامات البشرية والزراعية بزيادة محطات التحلية مستقبلاً وتجهيز المحافظات القريبة الأخرى بهذه المياه في حال التوسع الكبير في استغلال هذه المحطات.
كما انه يمكن العمل على استثمار مياه السيول التي تكثر في فصل الشتاء والعمل على خزنها في احواض معدة لذلك والبدء بإجراء عمليات التصفية لهذه المياه بحيث تكون صالحة للاستعمالات المتعددة سواء كانت بشرية ام زراعية او صناعية او غيرها من الاستعمالات الضرورية الى جانب كل هذه الخطوات فإن تنظيم حملات لتوعية المواطنين بترشيد الاستهلاك هي ضرورية للغاية من اجل الحفاظ على ديمومة التزود بهذا المورد المهم.
العمل على حسن استثمار مصادر المياه المتاحة في بلدنا وإيجاد مصادر أخرى هو ستراتيجية غاية في الأهمية بل هي اختيار مصيري لما للمياه من أهمية حيوية في وجود الانسان وديمومة الثروات الزراعية والصناعية وغيرها من الثروات الاقتصادية، فالاقتصاد في أي بلد يعتمد اعتماداً كلياً على هذا المورد المهم.
وفي ظل وجود الازمة التي بدأنا نعاني منها وهي شح مياه نهري دجلة والفرات فإنه يستوجب من الجهات المختصة في بلدنا العمل على وضع الخطط الكفيلة باستثمار الموارد المائية استثماراً يصب في ادامة النشاطات البشرية في مجتمعنا وادامة المصادر الاقتصادية مثل الزراعة والصناعة وما تحتاجه من كميات من المياه اللازمة لاستمراريتها ويمكن الاستعانة بالخبرات المحلية والأجنبية التي لها تجارب ناجحة في هذا المجال؛ من اجل وضع هذه الخطط بالشكل الذي يضمن ادامة النشاطات الاقتصادية في البلد ولا يعرضها لخطر التوقف وبالشكل الذي يسهم في نجاح وتقدم الاقتصاد العراقي.