كيف سترد إيران على اغتيال عالمها النووي؟

الرياضة 2020/12/01
...

محمد صالح صدقيان 
 
يجمع المشهد الايراني على أن اختراقا امنيا كان وراء اغتيال العالم الايراني محسن فخري زاده، هذا الاختراق كشف وجود "ثغرة امنية" واضحة داخل المنظومة الامنية الايرانية التي نجحت في تتبع "الهدف" على بعد مئة وثلاثين كيلومتر عندما كان في زيارة لمحافظة مازندران شمال ايران وعودته الى منطقة "ابسرد" التي تبعد 70 كيلومتر شرق العاصمة طهران حيث وقع الحادث. "الثغرة الامنية" تتبعت ايضا البرنامج الذي كان يعمل به "الهدف" وهو رئيس مركز الابحاث والتطوير في وزارة الدفاع الايرانية اضافة الى عمله استاذا لمادة الفيزياء النووية في جامعة الامام الحسين التابعة للحرس الثوري.
لا أريد تبسيط الحادث، الا انه عندما تكون هناك "حرب استخباراتية" مفتوحة بين ايران واسرائيل فهذا يعني ان جميع الاحتمالات مفتوحة. يجب التذكير بأن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، والشرطة، أعلنا في يونيو حزيران 2018 عن اعتقال وزير إسرائيلي سابق، بتهمة التخابر مع إيران، وقال الجهازان الأمنيان في بيان مشترك، نشره الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنه تم اعتقال الوزير السابق "جونين سيغيف"، بتهمة "التجسس والتخابر لصالح ايران، وخدمة العدو ضد إسرائيل وانه كان يعمل على تجنيد عناصر للعمل مع المخابرات الايرانية". 
منذ وقوع الحادث يوم الجمعة الفائت، وإيران تتوعد بالرد بعدما اتهمت إسرائيل وتحديداً جهاز الموساد الاسرائيلي بالضلوع في الحادث في "عملية معقدة استخدمت فيها أجهزة الكترونية" كما نقل أمين مجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني؛ لكن السؤال الذي لايزال جوابه غائباً؛ كيف سيكون الرد؟ ومتى؟ واين؟. لم يتحدث الايرانيون عن هذا الجواب بوضوح؛ لكن الرد الايراني على عمليات الاغتيال الست التي حدثت خلال السنوات العشرالماضية لعلماء يعملون في الجانب النووي لم يكن بالمثل؛ بمعنى لم يكن "الاغتيال مقابل الاغتيال" لكنهم يقولون ان المستهدف ليس الضحايا بذاتهم وإنما المشاريع التي يعملون بها؛ وبذلك فهي ردت على ذلك بمسارين، الاول بدعم الحركات والاحزاب التي تواجه الكيان الاسرائيلي بالسلاح والمال سواء داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة او خارجها؛ أما المسار الثاني فهو بتعميق وتعزيز قدراتها في المجال النووي ورفع كفاءة برنامجها النووي بما يحقق مصالحها الوطنية والقومية .
بعض الاوساط المتشددة في الداخل الايراني رأت أن السكوت من دون رد مباشر سوف يشجع الاسرائيلي على القيام بعمليات اخرى ولذلك، فهي طالبت بقصف مدينة حيفا باعتبارها تحتضن المشروع النووي الاسرائيلي وهي تمثل "العمق الستراتيجي" لاسرائيل خصوصا ان ايران قادرة على القيام بمثل هذه العملية بما تملك من منظومة صاروخية وطائرات مسيرة تصل الى هذه الاهداف بشكل أو بآخر؛ لكن الاوساط السياسية والامنية والعسكرية التي تدرس "تقدير الموقف" تعتقد ان مثل هذه الخطوة ستحقق الهدف الذي تسعى له اسرائيل عندما اختارت التوقيت ليكون بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية. 
الاوساط السياسية الايرانية تعتقد ان اسرائيل وحلفاءها في المنطقة لا يريدون تقديم منطقة الشرق الاوسط على طبق من ذهب للإدارة الأميركية الجديدة التي قال رئيسها جو بايدن بانه سوف يعود للاتفاق النووي ويدعم الحوار مع جميع الاطراف من اجل حل مشكلات المنطقة المستعصية؛ انهم يحاولون "بعثرة الاوراق" و"تأزيم الملفات" لارباك فريق الرئيس الاميركي المنتخب والعمل على "توتر الاوضاع" في المنطقة للحيلولة دون عدول الرئيس المنتخب عن السياسات التي انتهجها الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
واستنادا على هذه المعطيات فإن الايرانيين يقولون انهم لا يريدون دخول حرب تحدد ظروفها اسرائيل وانما يتعاملون مع الظروف والتطورات مع ماتمليه مصالحهم الوطنية .