البنى التحتيَّة للمناطق المحررة في الطريق لاستعادة ألقها

الرياضة 2020/12/09
...

 ملف أعده : محمد عجيل 
 
لم يكن يوم التحرير من براثن داعش الإجرامية الذي حققته القوى الأمنية العراقية مناسبة اعتيادية في ذاكرة العراقيين، ذلك لان المخاطر التي كانت تحيط بالوطن ارادت طمس كل معالمه وحضارته وقيمه الانسانية، وكان للجانب الرياضي الحصة الكبيرة من استهدافات تلك العصابات الارهابية بعد ان حولت الملاعب الى خراب وعبثت بالجانب الرياضي الى درجة لا تسمح بإقامة مباراة شعبية على مستوى الأطفال تحت ذريعة شرعية باطلة في ان الرياضة ما هي الا لهو ولعب ومعاداة للعبادة والتوحيد وتحملت محافظات الموصل وكركوك وديالى وصلاح الدين والانبار الوزر الأكبر من عنجهية داعش الارهابية حتى غابت الالعاب الرياضية عن مدنها واصبح الرياضيون مطاردين ان لم ينضموا لمقاتلة الأجهزة الامنية .
 
يقول حازم صالح مدرب كروي من محافظة ديالى: إنَّ الرياضة غابت بشكل تام عن المحافظة وتحولت الاندية والمنتديات الشبابية الى مخازن اسلحة ومعسكرات تدريب للزمر الارهابية وحرمت على الشباب ممارسة جميع الفعاليات حتى على مستوى الفرق الشعبية وغادر الكثير من الرواد والنجوم الى أماكن اكثر امنا.
واكد صالح ان الرياضة أسمى من ان تكون هدفا امنيا او عسكريا وهي واحدة من القيم الانسانية التي تبعث برسائل أمان ومحبة لكن للاسف اصبحت في ظل سياسة داعش الارهابية مصدرا للتجريم والتحريم وفي الوقت الذي كانت به كرة ديالى تحتل مساحة متميزة عراقيا تحولت في فترة المِحنة الى ركام لا يمكن ان تستعيد عافيتها الا من خلال موازنة مالية مثالية تعاد من خلالها الملاعب ويعاد بناء اللاعبين بدنياً ونفسيا وهذا صعب في الوقت الحاضر في ظل الازمة المالية التي تعاني منها الاندية ومن خلالكم اناشد وزارة الشباب والرياضة الاهتمام بشكل امثل بالحركة الرياضية في ديالى لانها عانت بشكل كبير على مدار سنوات الاحتلال .
ويشاركنا الحديث الزميل رعد شريف من جريدة الملاعب قائلا: لم تترك داعش مبنى رياضيا او منتدى شبابيا الا واستهدفته في أعمالها الاجرامية التي لم تبق ولم تذر لكن ذلك لا يعني الاستسلام بعد ان اسهم الشباب الرياضي في المحافظة في تحرير الارض وطرد العصابات من ارض مدينة البرتقال وهم اليوم يعدون العدة للمشاركة في البناء والنهوض وما تنظيم البطولات على مستوى المحافظة ومشاركة الاندية والمنتخبات الا رد رسمي على عنجهية داعش .
واعرب شريف عن امله في ان تكون هناك خطة حكومية طارئة تهدف الى بناء الملاعب والقاعات والمراكز التدريبية .
وفي الانبار لم يكن الامر مختلفا ان لم يكن اسوأ بكثير من بقية المناطق المحتلة حتى ان ملاعبها شهدت معارك ضارية بين القوات الامنية العراقية ومجاميع داعش الارهابية التي تخندقت في الملعب الاولمبي الذي كان تحت الإنشاء. يقول رئيس نادي الرمادي عصام الدخيل: ان ما فعلته داعش الإرهابية في الحقل الرياضي اكثر بكثير مما صورته وسائل الاعلام ويمكنني القول ان ما تعرضت له الرياضة في الانبار من اعمال ارهابية يندى لها الجبين ففي الوقت الذي كنّا نسعى فيه الى استعادة الق رياضتنا لا سيما فعالية كرة القدم على المستوى المحلي وجدنا أنفسنا تحت سياسة هوجاء لا تعرف القيم الرياضية، واصبح كل من يمارس الرياضة هدفا مفتوحا للقتل امام انظار المارة، موضحا ان الشباب في الانبار قادرون على استعادة وجودهم لكن ذلك يحتاج الى فترة من الزمن من اجل ازاحة التأثيرات النفسية التي فرضها الواقع انذاك كما انه بحاجة الى وقفة جادة من قبل الحكومة من خلال تقديم العون والمساعدة .
من جهته قال الزميل الصحفي الدكتور احمد الراشد: إنَّ تأثير اعمال داعش في الحقل الرياضي سيستمر عدة سنوات ما لم تكن هناك مخرجات حقيقية تعمل على بناء الشباب وفق قيم وطنية تسمح باستعادة دور المحافظة على مستوى الرياضة العراقية وهذا يتطلب تعاونا من كلا الطرفين لان عصابات داعش استهدفت تخريب العلاقة بين طرفي الوطن المواطن من جهة والحكومة من جهة اخرى، واكد نحن نعمل جاهدين على رفع الأنقاض عن رياضتنا ليس على مستوى البنى التحتية بل على مستوى تعزيز ثقة الانسان بنفسه وهذا هو المهم في المرحلة الحالية .
ويواصل الراشد حديثه مشيرا الى ضرورة ان تكون هناك مكانة خاصة لكرة الرمادي بالدوري الممتاز بقرار من اللجنة التطبيعية لان ذلك مهم جدا في استعادة التواجد الجماهيري والمتابعة الإعلامية لكرة الرمادي واعتقد ان بقاء الفريق في زاوية الانزواء سيؤثر حتما في جهود ترميم الرياضة الانبارية ونحن لا نستهدف كرة القدم فحسب بل بقية الالعاب الفردية والجماعية بعد التخلص من تاثيرات جائحة كورونا في النشاط الرياضي.
ويستذكر معنا المدرب عادل خضير الذي كان يقود كرة الشرقاط في كركوك ايام محنة داعش الإرهابية وكيف تم انقاذه من موت محقق من خلال بعض شخصيات المحافظة وقال: كنّا حينها نعد الفريق للدور التأهيلي للدوري الممتاز بجهود كبيرة كانت تبذل من قبل الادارة حتى تحولت المدينة الى سجن محصن من كل الجوانب ومنعت النشاطات الرياضية ووقع كل من يمارس الالعاب تحت طائلة الإعدام وهاجر الكثير من اللاعبين الملاعب نحو مدينة كركوك مما دفعنا الى العودة وترك المهمة الى ان حان وقت التحرير من قبل القوات الامنية فتمكنا ولله الحمد من استعادة اتصالاتنا وعلاقاتنا مع الرياضيين الذين عرضوا علينا مرة اخرى قيادة الفريق لكن الظروف لم تكن مؤاتية للنجاح بعد غياب الملاعب والدعم المادي .
وفي الموصل مدينة الحدباء التي كان لها الدور الكبير في تطوير الكرة العراقية كان للأعمال الاجرامية التي استهدفت الرياضة الحصة الأكبر، اذ اصبح جميع الرياضيين هدفا يوميا للعصابات الاجرامية واصيب عدد منهم واستشهد البعض الاخر جراء الاوضاع النفسية 
والمادية .
يقول لاعب كرة الموصل السابق محمد فتحي: ان وقوع محافظة الموصل تحت طائلة داعش الإرهابية لم يكن حدثا يمر مرور الكرام بل لا بد من توثيقه كي يكون شاهد اثبات للأجيال المقبلة على ان ما تعرضت له رياضة الموصل من اعمال جبانة يندى لها كل جبين ويقف عندها كل الأحرار من اجل التوثيق واستذكار جميع الاعمال التي عبثت بالحركة الرياضية، واكد ان مدينة الموصل التي سجلت حضورها اللافت في مختلف الرياضات ومنها كرة القدم والعاب القوى وكرة اليد من خلال نادي الفتوة الرياضي تحتاج اليوم الى مشاركة فاعلة من مختلف المنظمات الانسانية والرياضية على المستوى الحكومي والأهلي من اجل بناء الملاعب وتأهيل البنى التحتية من اجل ان تسهم رياضتنا مرة اخرى في بناء المنتخبات
 الوطنية. 
كما أعرب رئيس نادي صلاح الدين السابق محمد خليل عن مخاوفه من بقاء رياضة المحافظة من دون حلول وبعيدا عن المشاريع العمرانية حيث غيبت المحافظة لعدة سنوات بسبب سياسة داعش وهي الان تنتظر ان تستعيد مجدها كواحدة من روافد الكرة العراقية بعد ان نالت بطولة الدوري على حساب الكبار وهي الان بحاجة ماسة الى وقفة جادة من قبل المسؤولين .
وقال: لا يمكن ان ننسى افعال داعش في الحقل الرياضي لكننا بالمقابل لا يمكن ان ننسى بطولة ووطنية الابطال من الرياضيين الذين قاتلوا داعش على مدار اشهر وأسابيع وكانوا خير عون للقوات المحررة .
ونحن نطوي صفحة داعش بجهود كل الوطنيين الأحرار نعلن بأعلى صوتنا ان الرياضة هي احدى قنوات بناء الانسان واستعادة وضعه النفسي من خلال اعطاء اهتمام حكومي بالشباب والبنى التحتية وما تجارب العالم من حولنا عربيا وعالميا  الا تأكيد على تلك 
التوجهات.