تضارب المصالح

الرياضة 2020/12/29
...

د. حســين الربيعي
ينشأ التضارب في المصالح عندما تؤثر المصالح أو الأنشطة أو العلاقات الشخصية في قدرة الفرد على أن يكون محايدًا، ولايتمكن من العمل لمصلحة المنظومة الرياضية التي يعمل فيها بسبب مصالحه الشخصية، وتضارب المصالح او تقاطعها (التقائها او افتراقها) هو مبدأ اخلاقي قبل كل شيء، ويجب وضع ضوابط عدم تحققه في القوانين والانظمة واللوائح الرياضية لأن خطورته تكمن في ازدواجية ومضاعفة الولاءات النفعية، واستدامة تأثيره السلبي، فمن يحصل على مصلحة إضافية يعني انه أخذها من غيره، بالضبط كـ (الأواني المستطرقة)، ومن اجل إرضاء المتضرر سيمنح حق غيره او رشوته. 
وعندما يلاحظ الآخرون في المنظومة هذا السلوك، سيسيرون على نفس النهج، وبمرور الوقت تتضاعف وتتسلسل وتستدام التأثيرات السلبية في ديناميكية فايروسية معدية لا تلبث ان تقتل المنظومة كلها، مخلفة وراءها دمار وخراب كالحالة التي تعيشها منظومتنا الرياضية حاليا. 
لحماية سمعة ونزاهة الرياضة والعاملين فيها، وجهت الاولمبية الدولية والفيفا والاتحادات الاخرى بالتعامل مع مبدأ تضارب المصالح على محمل الجد، لأنه في كثير من الأحيان،عاجلا او اجلا، يمهد لأمور أكثر خطورة، كالاحتيال والرشاوى والتلاعب بنتائج المسابقات والانتخابات.
فلابد من منع سوء السلوك الأخلاقي والنشاط الإجرامي المحتمل الذي يؤدي الى نشوء تضارب المصالح، وحماية أعضاء الاتحاد والافراد الاخرين من خلال بناء عملية إفصاح واعلان قوية، والعمل على القضاء كليا على المحسوبية والمنسوبية والمزايا غير العادلة، والابتعاد كليا عن تعدد المناصب، وازدواجية التمثيل.
ومن أجل اتخاذ قرارات سليمة، فالحاجة أصبحت ملحة لفهم مخاطر تضارب المصالح التنظيمية والشخصية، وما المواقف التي يجب تجنبها، ولماذا يجب تجنبها، وكيفية الإبلاغ عنها وعن الخلافات الناتجة عنها، لذا، يحث الفيفا على معرفة "ماذا" و "لماذا" و "كيف" لاتخاذ قرارات سليمة عند مواجهة تضارب في المصالح من خلال تحديد الحالة او السلوك والكشف عنه مبكرا للتخفيف من حدته بشكل مناسب.
أخيراً لابد من وضع آليات واضحة في القوانين والانظمة الرياضية كحالة استباقية لمنع حدوث تضارب المصالح، ومنها: ضمان ابتعاد الاعلاميين واعضاء الهيئات الادارية في النقابات واعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية وموظفي الدرجات الخاصة والمحترفين من اللاعبين والمدربين والاداريين عن العمل والتمثيل في الهيئات العامة والادارية للمنظومات الرياضية، والتركيز على ضرورة ان يكون موقع او منصب او عمل واحد لكل فرد في المنظومة، ولمدة معلومة ومحددة، وهكذا، وهذه الامثلة البسيطة هي من مبادئ الحوكمة الرشيدة التي يقف في مقدمتها منع (ازدواجية المناصب) لتقليل مخاطر (تضارب المصالح).