فرنسا تسعى لتحييد لبنان عن صراع ترامب وإيران

الرياضة 2021/01/04
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط
 
 
يحذر المراقبون من الارتدادات التي قد تصل شظاياها الى لبنان بعد دخول أميركا، ومعها العالم في التأريخ الحرج الممتد بين 6 و20 من الشهر الجاري، والمترقب فعله من الرئيس الأميركي المنصرف دونالد ترامب، ربطاً بعدائه الحاد لإيران، ومن يعدهم وكلاءها في المنطقة، فرنسا من جهتها تسعى الى النأي بلبنان عن هذا الصراع، من خلال الضغط على مستويات عدة.  
باريس لم تنقطع اتصالاتها مع الجانب الأميركي بشأن الملف اللبناني، مصدر إعلامي قريب من الجهد الفرنسي في بيروت ذكر لـ"الصباح"، أن "الفريق الرئاسي في باريس والمعني بالشأن اللبناني، طلب وعبر عدة قنوات من واشنطن عدم الزج بالملف اللبناني، في اتون السياسة الإشكالية مع طهران، لأن الوضع في لبنان لا يحتمل التأزيم، وأن الاستقرار في هذا البلد الصغير؛ يجب أن يكون الثابت الرئيس، في ظل كل المتغيرات السياسية الأخرى، وهذا ما أبلغته باريس بشكل مباشر لوزير الخارجيّة الأميركية مايك بومبيو، إبان زيارته الأخيرة للعاصمة الفرنسية". 
أميركا من جانبها تنظر بشيء من عدم الارتياح لسياسة ماكرون تجاه ساسة لبنان، وتُشكِل عليه فتحه قنوات اتصال مع حزب الله، وقد أبدت أوساط نيابية في أميركا امتعاضها للقاء ماكرون برئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني محمد رعد، ضمن الإجتماع الشهير الذي جمع الرئيس الفرنسي بالساسة اللبنانيين، في قصر الصنوبر في شهر آب من العام الماضي.  
في هذا السياق، تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى ضغوط كثيرة، ليس من أجل قطع تواصله السياسي مع حزب الله وحسب، بل من أجل ممارسة سياسة أكثر صرامة مع ساسة لبنان عموماً، ودفعه لاتباع سياسة "العصا مع الجزرة" في تعامله معهم، وتهديدهم بعقوبات فرنسية وأوروبية، وتنفيذ تلك العقوبات فعلاً في حال إصرارهم على (سياسة الفساد والمصالح الحزبية الضيقة) بتجميد أصولهم المالية في باريس، والعواصم الأوروبية، وحظر سفرهم لفرنسا وأوروبا غير إن الرئيس الفرنسي رفض ذلك، ما عدته واشنطن وجهات أخرى من ضمنها أوساط لبنانية؛ بما فيها الحراك الشعبي، "ضعفاً ومثلبة في ملف تعامل باريس مع ساسة "لا يفقهون سوى سياسة الضغط
القصوى".
فرنسا طلبت من ساسة لبنان الإسراع في تشكيل الحكومة، والعمل على تطويق آثار الإزمة اللبنانية، لئلا تصل الى مرحلة الإنهيار التام من خلال تنفيذ بنود مبادرة الرئيس ماكرون، وبذلت جهوداً حثيثة في سبيل ذلك، غير أن التقاطعات السياسية والطائفية، أوصلت المبادرة الى مرحلة الموت السريري، وهو ما عدته واشنطن عدم جدوى وطالبت بسياسة صارمة بهذا المجال، وواضح هنا وجود تباين كبير في مقاربة الملف اللبناني، لدى كل من واشنطن وباريس فالأولى تتعامل مع بيروت كملحق في ملف صراعها المحتدم مع طهران، وهي تستخدم سلاح عقوباتها سواء بالتلويح أو بالتنفيذ الفعلي.  
وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر قد توعد اللبنانيين  بـ"هدية وداعية" من إدارة دونالد ترامب، قد تصل الى بيروت في الفترة من 6 - 20 من شهر كانون الثاني، على شكل حزمة عقوبات جديدة مبنية على قانون مكافحة الفساد، تطال مجموعة أوسع من الشخصيات السياسية النافذة، وهو ما فُسر بالتهديد الإضافي للساسة اللبنانيين المؤثرين، بمن فيهم الحريري، أو أنها لون من تصفية حساب مع قوى تعتقد واشنطن إنها لم تلتزم باشتراطات السياسة الاميركية، والى ذلك يُرجع المراقبون التردد الواضح الذي يبديه الحريري في إنجاز التشكيل الحكومي، وربما هو يعمد الى تأخير التشكيل، الى ما بعد يوم العشرين من الشهر الحاري، أي بعد مغادرة ترامب ليكون في مأمن من وطأة العقوبات الأميركية في فترة "السعار الترامبي".     
ولم تتوقف المطالبات بالوصاية الدولية أو عودة الانتداب الفرنسي على قسم من الحراك الشعبي اللبناني، فوصل الأمر أن يطالب سياسي مؤثر، بوزن زعيم حزب التوحيد وئام وهاب، بقوله: "انّني أصبحت على قناعة تامّة أنّ لبنان بحاجة لوصاية مباشرة، لا أعرف مِن مَن، ولكن انتظروا سنوات وستعودون إلى الحقيقة المرّة"، لافتًا إلى أنّ "هذا نظام لا يستطيع إدارة نفسه"، مشيراً الى أنّ "اللبنانيين سيستمرّون في انتظار الاتصالات والمشاورات لتشكيل حكومة"، مؤكداً على أنّ "كلّ ذلك تضييع للوقت".