أول دعوى عراقية للمطالبة بتعويضات التلوث الإشعاعي

العراق 2021/01/04
...

 
بغداد: هدى العزاوي
 
رفع المستشار القانوني في مجلس النواب وعضو اللجنة التفاوضية مع الأمم المتحدة هاتف الركابي أمام محكمة سويدية مختصة، أول دعوى قضائية للمطالبة بتعويضات عن التلوث الاشعاعي الذي تعرض له العراق في الحروب السابقة، وأرفق بتقرير من لجنة مختصة مرسل إلى النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي تنشره «الصباح» بصفة حصرية.
وقدم الركابي دعواه بتاريخ 26 /12 /2020 أمام "المحكمة السويدية الجنائية الملكية" التي تطبق المعايير الدولية في ستوكهولم، للمطالبة بالتعويضات جراء التلوث بالأسلحة والقنابل والصواريخ الحاوية لليورانيوم المنضب وغيره، التي استهدفت العراق لعقود، وقال: "نجم عن هذه الدعوى اتصال من الاكاديميين العراقيين المغتربين في فرنسا وكندا وكوبنهاغن وبلجيكا، الذين أبدوا استعدادهم للمساعدة ضمن الفريق القانوني المختص بـ (السعي من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن تعويض جمهورية العراق عن الإضرار التي لحقت بها جراء تدمير منشآتها النووية)". وناشد الركابي من خلال "الصباح"، جميع المنظمات البيئية ومن يمتلك معلومات عن كارثة الثلوث الاشعاعي وآثار اليورانيوم المنضب للإدلاء بها أمام الفريق
القانوني. 
وفق تقرير الركابي وأعضاء لجنته، فإن الولايات المتحدة الأميركية فتكت بالعراق ثلاث مرات بضربها العراقيين باليورانيوم المنضب(1991، 1999، 2003)، فضلاً عن ضرب الكيان الإسرائيلي لمفاعل تموز النووي سنة 1981، وقد سقط مئات الآلاف من العراقيين ممن أصيبوا باليورانيوم، إذ سبب ذلك أنواعاً من الإصابات بالسرطان والجلطات الدماغية والتشوهات الخلقية، وما زالت الارض العراقية تغرق بآثار التلوث الاشعاعي.
وأضاف الركابي، أن "المصيبة الأكبر هي أن الدولة العراقية طوال كل هذه السنين لم تحرك ساكناً، فلا هي قامت بتطهير البلد من التلوث، ولا هي نادت المجتمع الدولي بالزام أميركا وحلفائها بالتطهير أو طالبت بالتعويضات" .
وتنتشر المواقع الملوثة بآثار الإشعاعات من أقصى شمال البلاد إلى أقصى جنوبها، رغم أن الأخير تحمل العبء الأكبر، ففي النهروان ببغداد حولت القوات الأميركية المنطقة الى ثكنة عسكرية وأنشأت مذخراً كبيراً لقذائف اليورانيوم، وبعد فترة حدث حريق في تلك المذاخر فانفجرت وانتشر اليورانيوم في المنطقة، وترك الأميركان المنطقة وخلفوا وراءهم مساحات شاسعة ملوثة بالاشعاع النووي وبفعل الرياح والامطار امتزجت آثار اليورانيوم مع التربة والمياه الجوفية وانتشرت أمراض السرطان، وحتى هذه اللحظة لم يتم تطهيرها وتنذر بكارثة بيئية في المستقبل.
وفي محافظة ذي قار، استخدم الاميركان في سنة 2003 قذائف اليورانيوم المنضب لتدمير واعطاب الآليات العسكرية العراقية الموجودة هناك، فخلفت ما يقارب ( 36 ) آلية ملوثة و(3) أطنان من الاتربة الملوثة بالاشعاع، وفي الموصل، دمرت قوات التحالف سنة 1991 معامل تحضير اليورانيوم الذي كلف الدولة في وقتها مئات المليارات من الدولارات، ما أدى لكارثة بيئية، وفي البصرة استهدفت قوات التحالف (23) موقعا ملوثا باليورانيوم، فضلاً عن عملية المعالجة الخاطئة في معمل الحديد والصلب التي أدت الى تلوث أكثر من (800) طن من التربة، ما زالت موجودة حتى الآن، والتي أدت الى أمراض وتشوهات خلقية كبيرة، وفي المثنى وميسان توجد أماكن عديدة مصابة بالتلوث الاشعاعي، وكذلك في المنطقة المجاورة للمنطقة الخضراء في بغداد والمجاورة لوزارة التخطيط، وجسر الجمهورية والمطعم التركي ومنطقة كسرة وعطش، 
وغيرها .
وأكد الركابي، أن "المؤسسات التنفيذية فشلت فشلاً ذريعا في تطهير المناطق الملوثة في العراق، وأخفقت وزارة البيئة ووزارة العلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي ومركز الوقاية من الاشعاع في تخليص العراق من اليورانيوم برغم صرف مليارات الدولارات، كما أن وزارة الخارجية فشلت في إثارة الرأي العام العالمي نحو هذه القضية الخطيرة"، داعيا البرلمان إلى اعتماد تقرير اللجنة التي يرأسها الخبير النووي الدكتور حامد الباهلي وإصدار قرار يلزم السلطة التنفيذية بتنفيذ ما يلزم من تطهير العراق من هذه الكارثة والمطالبة بصوت عالٍ بالتعويضات.
ويضم الفريق المختص بهذا الشأن؛ الدكتور حامد الباهلي رئيساً، وعضوية كل من (الدكتور هاتف الركابي المستشار القانوني في مجلس النواب، الدكتور عبد اللطيف المعين نائب رئيس مجلس الدولة، الدكتور محمد رمضان المستشار في مجلس الدولة، ورئيس الدائرة القانونية في وزارة الخارجية)، وقدر الفريق قيمة الاضرار الناجمة عن التلوث الإشعاعي بـ(ترليون وتسعين مليارا وخمسمائة مليون دولار) وتجري محاولات من الفريق المختص في الوقت الحاضر للمطالبة بإصدار قرار بالتعويض من مجلس الأمن الدولي.