سفير الاتحاد الأوروبي: ازدهار العراق شرط لاستقرار المنطقة

العراق 2021/01/12
...

  بغداد: حازم محمد حبيب
 
أكد سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد مارتن هوت، أن الاستقرار في العراق وازدهاره وسيادته الكاملة شرطة أساس للسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها، وبينما رحب بخطوات الحكومة في إجراء الانتخابات المبكرة ودراسة خيارات مراقبتها؛ أوضح أن البعثة تبذل أقصى جهودها من أجل شطب العراق من قائمة الدول عالية المخاطر.
وقال السفير هوت لـ «الصباح»: تعليقاً على الصراع الأميركي الإيراني وتأثيره في العراق: إنه «في كثير من الأحيان، تستخدم القوى الأجنبية العراق كساحة قتالٍ بالوكالة لتنفيذ أجنداتها الإقليمية، مما يزيد من عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي»، مشدداً بأن «على الجميع أن يدرك ان عراقاً ضعيفا وغير مستقر لا يملك إلا أن ينتهي به الأمر كدولةٍ فاشلة، مع تداعياتٍ كارثية في المنطقة وخارجها، وان من مصلحة الجميع أن يساهم في  قيام دولة عراقية مزدهرة ومستقرة وقوية وذات سيادة كشرطٍ أساس لاستقرار المنطقة، بلدٌ يزدهر على أساس العلاقات الجيدة مع جميع جيرانه على قدم المساواة وأساس السيادة، وبصفتهما جارين، يتشارك العراق وإيران بلا أدنى شك بعلاقاتٍ تاريخية عميقة على عدة أصعدة».
وأضاف، أن «الاتحاد الأوروبي يؤمن ايمانا قويا بإبقاء الدبلوماسية على قيد الحياة، وبالتحديد بالمحافظة على الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة) مع إيران وانقاذه»، مؤكداً أن «الانتقال الى إدارة أميركية جديدة تمتاز بميلها للحوار أكثر؛ يمكن أن يفسح المجال لفرصة فريدة بهذا الخصوص، لذا فإن أي تقدم من المحتمل أن يؤدي الى أجندة دبلوماسية جديدة تستطيع من خلالها أطراف الاتفاق النووي العمل على تثبيت الملف النووي، مع الاستفادة من الزخم الناتج لمعالجة قضايا أخرى مع إيران».   
العلاقات مع السعودية وتركيا
وبخصوص التقارب العراقي السعودي الحالي وأهميته في استقرار المنطقة؛ أكد هوت أن «إحدى أولويات الاتحاد الأوروبي؛ هي تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج الأوسع، لذا نحن نرحب بسياسة العراق الاستباقية للحفاظ على علاقات بناءة ومتوازنة مع جميع البلدان في المنطقة وخارجها»، مبيناً أن «ذلك سيسمح للعراق بأن يحوّل موقعه الضعيف جغرافيا واقتصاديا بين الجيران الأقوياء إلى فرصة لخلق أوضاعٍ متعددة تعود بالربح لجميع الأطراف، وتسهم بشكلٍ كبير في تحقيق الاستقرار والازدهار للعراق والمنطقة».  
وأضاف، أنه «بصفتهما دولتين عربيتين، فإن العلاقة بين العراق والسعودية هي علاقة وثيقة ومهمة لكلا البلدين، وأن الاتحاد الأوروبي متفائل لملاحظة ان هذه العلاقات تخضع لمراجعة إيجابية، وكذلك سعيا لتوطيد الأواصر الاقتصادية بين البلدين».   
وفي الملفات الخارجية أيضاً، وتحديداً في العلاقة العراقية-التركية، رأى سفير الاتحاد الأوروبي، أن «تركيا جار مهم للعراق، وتجمعها به علاقات تاريخية، كما أنهات روابط جغرافية واقتصادية مع العراق، لذا فان تطوير علاقتهما لمنفعة البلدين وتحقيق الامكانات الكاملة لهذه العلاقة هو في مصلحة كلا البلدين».  
وأكد في هذا الجانب، «أنا أؤمن بأن العراق وتركيا بحاجة لتقوية تعاونهما في مكافحة أي منظمة إرهابية تمثل تهديدا لأمنهما، وان مخرجات الاجتماع الأخير بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعثت إشاراتٍ مشجعة على أن البلدين قد انخرطا أخيرا في نقاشٍ صريح حول هذه المسألة، ولا يسع الاتحاد الأوروبي إلا أن يشجع كلا البلدين على الاستمرار بهذا النقاش».    
 
الدول عالية المخاطر
وتطرق هوت في حديثه لـ»الصباح»، إلى قرار الاتحاد الأوروبي بوضع العراق في قائمة الدول «عالية المخاطر»، مبيناً أنه «من أجل شطب العراق من هذه القائمة، يجب على السلطات العراقية أن تتصدى بفعالية لأوجه القصور المحددة في منظومته الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب AML/CTF”، وأضاف، “لقد تمت إزالة العراق من قائمة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العمل المالي OECD/FATF في 2018، لكن الاتحاد الأوروبي لديه قائمته المستقلة ولا يركز فقط على الإطار التشريعي والتنظيمي؛ وإنما ايضا على التنفيذ الفعّال”.
وأشار إلى أنه “يجري حاليا تقييم التقدم الذي أحرزه العراق أو لم يحرزه، وهناك حوار مستمر بين السلطات العراقية والأوروبية بشأن هذا الموضوع، وتقوم بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد بتيسير إجراء الحوار اللازم وتوفير المعونة التقنية لمساعدة العراق في اتخاذ الخطوات الضرورية التي نأمل أن تؤدي الى شطبه من القائمة حالما يتم استيفاء المتطلبات اللازمة”، منبهاً إلى أن “التقارير الأخيرة المتعلقة بالتحقيقات مع البنك المركزي العراقي والمصارف الأخرى لمكافحة غسيل الأموال؛ مقلقة للغاية”.
 
الانتخابات المبكرة
وبخصوص دعوة الحكومة العراقية وخطواتها لإجراء انتخابات مبكرة ومدى مساهمة الاتحاد الأوروبي في مراقبتها وتنظيمها، قال السفير هوت: إن «الاتحاد الأوروبي يرحب بإعلان الحكومة العراقية عن عزمها على إقامة انتخاباتٍ مبكرة بوصفها خطوة مهمة في الاستجابة للمطالب الشعبية»، مبيناً «أننا نعمل جنبا الى جنب مع شركاء ومنظمات دولية أخرى لدعم جهود الحكومة العراقية في تنظيم وإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة»، كاشفاً عن «قرار الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم لمشروع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) الذي يهدف الى مساعدة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الاعداد للانتخابات بمبلغ 5.5 مليون يورو، إلى جانب الدعم الثنائي المقدم من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي»، مؤكداً «نحن نقدم مساهمة كبيرة في هذه الخطوة المهمة للبلد، وبالإضافة لذلك فقد تمت دعوة الاتحاد الأوروبي للمشاركة في المراقبة الدولية للانتخابات، ونحن حاليا بصدد النظر في الخيارات المتعلقة بهذا الأمر». 
وبشأن رؤية الاتحاد لإمكانية إجراء الانتخابات بنزاهة و من دون تدخل خارجي، قال هوت: إن «الانتخابات البرلمانية النزيهة والشفافة والشاملة بالغة الأهمية لاستعادة ثقة الشعب في المنظومة السياسية وتأسيس حكومة أكثر تمثيلًا»، مشدداً  على أنه «من المهم أن يؤمن الناخبون بحرية ونزاهة العملية الانتخابية وأن يشاركوا في الانتخابات بأعداد أكبر من انتخابات 2018، فإذا صوت العراقيون بأعدادٍ كبيرة و وضعوا مصلحة البلد نصب أعينهم، فسوف يحمي هذا الانتخابات من أن يتم استغلالها أو التلاعب بها، سواء من الداخل أو من الخارج».     
 
دعم الإصلاحات
لم تغب الأوضاع التي تسببت بها أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط وتأثيرها في العراق عن حديث سفير الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن «الاتحاد هو أحد الشركاء الرئيسين للعراق في التنمية، وقد بلغت حزمة الدعم الحالية للعراق 159 مليون يورو مخصصة للاستجابة لأثر وباء( كوفيد-)19 على نطاقٍ أوسع». وأضاف، أنه «على المدى القريب، تم تخصيص 35 مليون يورو للاحتياجات الإنسانية العاجلة وتشمل الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والوقاية، مع منح الأولوية للفئات السكانية الضعيفة، وخُصصت 90 مليون يورو لتوفير دعم إضافي من أجل زيادة قدرة المواطن في الحصول على فرص العمل والحماية الاجتماعية، ومن المتوقع أن تبدأ النشاطات في بداية عام 2021».
وأكد أن «الاتحاد الأوروبي مستعد لتعزيز دعمه –لا سيما في الإصلاحات الاقتصادية المُلحّة والشاملة والتي تهدف الى تقوية الحوكمة والتنويع وتنمية القطاع الخاص والإصلاح المالي/المصرفي، فنحن نضطلع بدور رئيس في تنسيق الدعم الدولي، مع تولي السلطات العراقية زمام القيادة، لتحقيق التعافي الاقتصادي للعراق، وسوف نشارك، مع ألمانيا والنظراء العراقيين، برئاسة فريق الاتصال الاقتصادي العراقي، الذي تم إطلاقه في تشرين الأول لدعم جهود الحكومة العراقية ضمن إطار الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي».
 
مجالات الأمن
وبشأن الدعم الذي يقدمه الاتحاد الى العراق في المجالات الأمنية والعسكرية، أجاب السفير هوت، أنه «منذ العام 2017، يدعم الاتحاد الأوروبي العراق من خلال إرساله لبعثةٍ مدنية تعمل ضمن سياسة الدفاع والأمن المشتركة في بغداد، وهي البعثة الاستشارية للاتحاد الأوروبي EUAM، وهي مكلفة بمساعدة السلطات العراقية في تنفيذ الجوانب المدنية من ستراتيجية الأمن الوطنية وإصلاح القطاع الأمني”، موضحاً أن “خبراء الاتحاد الأوروبي يقدمون الاستشارة والمساعدة في مجالات العمل ذات الأولوية، كدعم الإصلاحات والجهود المؤسساتية للمساعدة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، كذلك تعمل البعثة الاستشارية على تقديم المشورة في إدارة الحدود ومحاربة الجرائم المالية مثل الفساد وغسيل الأموال وتهريب الإرث الثقافي”، وبين أن “الاتحاد الأوروبي لا يقدم المساعدات العسكرية لأي بلدٍ من البلدان”.