مختصون: الموسيقى التصويريَّة جزءٌ مهمٌ من ثيمة العمل

الصفحة الاخيرة 2021/01/18
...

بغداد: نورا خالد 
أنتجت السينما العراقيَّة خلال مسيرتها التاريخيَّة عشرات الأفلام أغلبها قبل العام 2003، كانت موسيقاها التصويريَّة عبارة عن مقتطفات من مقطوعات موسيقيَّة وأغانٍ محليَّة أو عربيَّة شائعة قدمها وألفَ بعضها موسيقيون ورواد أمثال صالح الكويتي وناظم نعيم وصلحي الوادي وسلمان شكر وغيرهم، وكان معظمها بسيطاً لا تزيد من قيمة الفيلم أو تنقصه، عدا محاولات هنا وهناك ألَّفَ فيها الموسيقيون موسيقى خاصة للأفلام، وتضاعفت أعدادهم بعد العام 2003 .
 إذ شهدنا أفلاماً موقعة موسيقاها باسم فنانين كتبوها لهذا الغرض منهم د. دريد الخفاجي وعلي خصاف وقبلهم عبد الأمير الصراف ومنير بشير وخليل إبراهيم وحميد البصري.
توجهت الـ»صباح» بتساؤلات الى أصحاب الاختصاص بشأن تأليف الموسيقى التصويريَّة في العراق وماهيتها وهل تبلورت هويتها المحليَّة؟. 
وكان أول المجيبين الموسيقار علي خصاف، إذ أشار الى أنَّ «الموسيقى التصويريَّة جزءٌ من واقع وبيئة وبنية العمل، فمن غير الممكن أنْ يختار المؤلف الموسيقي غير ذلك».
وأوضح أنَّ «الموسيقى التصويريَّة مرتبطة بحدث الفيلم نفسه؛ أي بالسيناريو أو القصة إنْ كانت حزينة أو مفرحة أو قصة تاريخيَّة أو اجتماعيَّة أو معركة، فلكلٍ من هذه السيناريوهات موسيقى خاصة يختارها المؤلف بما يناسب طبيعة المشهد، فلا يستطيع الخروج من ثيمة العمل الذي يضعه المخرج والسيناريو، لذلك تكون ملاصقة بشكلٍ كبيرٍ معه، فمثلاً العمل الذي يناقش موضوعاً في الجنوب تكون له موسيقى خاصة تناسب البيئة الجنوبيَّة، أما إذا كان العمل في بغداد فأكيد ستكون الموسيقى التصويريَّة أكثر مدنيَّة، فضلاً عن الغربيَّة وأطوارها الخاصة والمناطق الشماليَّة».
وتابع خصاف: «دخلت الموسيقى التصويريَّة منذ سنوات سباق الجوائز العالميَّة مثل الأوسكار وغيرها من المنافسات الكبرى، لتصبح جزءاً مهماً جداً من قصة الفيلم، ويشارك فيها مؤلفون موسيقيون كبار على مستوى العالم».
كانت الموسيقى التصويريَّة للأفلام العراقيَّة القديمة مزيجاً من توليفة عالميَّة ومحليَّة، لكن ومنذ ستينيات القرن الماضي كان للمؤلفين العراقيين دورٌ كبيرٌ في وضع موسيقى الأفلام وكذلك المسلسلات وحتى
 المسرحيات.
وبين خصاف أنَّ «الموسيقى التصويريَّة لفيلم (المسألة الكبرى) كانت للبريطاني رون كودون، وفيلم (الضامئون) لجميل بشير، (العاشق) لصلحي الوادي، (بديعة) لعبد الأمير الصراف، (نعيمة وفتنة وحسن، وعروس الفرات والبصرة، ساعة 11، وفيلم تسواهن) جميعهم وضع لها الموسيقى التصويريَّة والألحان الفنان خزعل مهدي. لذلك نراها قريبة جداً الى واقعنا وطبيعتنا العراقيَّة ونراها مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالبيئة العراقيَّة وهي متنوعة ومختلفة باختلاف المناطق».
تلعب الموسيقى التصويريَّة دوراً أساسياً في فهم أحداث الفيلم التي لا يمكن كتابتها، وإيصال أحاسيس لا يمكن للممثل تأديتها. يقول الموسيقار سامي نسيم: إنَّ «الموسيقى التصويريَّة عِلمٌ يُدرسُ في المعاهد والكليات الموسيقيَّة، لكنَّ ما يحدث هو أنْ يتم الاختيار حسب الذائقة في بعض المرات ومن دون دراية؛ كون هذه الموسيقى مناسبة لأحداث العرض أو غير مناسبة، وهو أمرٌ حساسٌ وليس بالسهل، ما يؤثر في قيمة العرض الفني ويحدثُ ذلك كثيراً في العراق ومنها اختيار بعض موسيقاي التي هي أصلاً لم توضع لفيلمٍ محددٍ بل موسيقى لغرض آخر».
واستدرك نسيم: «هناك أفلامٌ وضعت لها موسيقى خاصَّة بها في مرحلة الثمانينيات، ومنها أفلامٌ للمخرج محمد شكري جميل الذي لم يتهاون في اختيار موسيقى أفلامه من متخصصين، أما منذ التسعينيات فقد قلَّ الاهتمامُ بالتخصص الموسيقي؛ لذلك تراجعت قيمة الأفلام والدراما ما عدا العدد القليل منها، ولكنَّ هذا لم يمنع ظهور موسيقيين تخصصوا بموسيقى الأفلام والدراما أمثال د. دريد الخفاجي والمايسترو محمد أمين عزت.. وهي خطوات طيبة في هذا المجال الموسيقي الحيوي المهم».وأوضح الملحن علي سرحان أنَّ «الموسيقى التصويريَّة يجب أنْ تكون ملاصقة لفكرة النص وقريبة من سيناريو الفيلم، فهي تمثل نصف صورة العمل، رغم أنَّ الكثير من المشاهدين لا يهتمون بالموسيقى التي تصاحب المشاهد، بل يكون تركيزهم في الغالب على أداء الممثل والأحداث المصاحبة له، لكن يبقى لهذه الموسيقى، في النهاية، حضورها وأهميتها وانعكاساتها على النفس».