الدباغ والبدري ومدام لينا.. وسؤال يؤرقني!

الصفحة الاخيرة 2021/01/20
...

زيد الحلّي
في منتصف سبعينيات القرن المنصرم، أجرت مجلة " الاذاعة والتلفزيون" العراقية، استبياناً لقرائها، ظهر فيه إن حوالي 40 بالمئة من المشاهدين يتابعون برنامجي " العلم للجميع " و " الرياضة في أسبوع " ونسبة زادت على 30 بالمئة، لبرامج الموسيقى والاغاني العراقية الأصيلة، ويتذكر القراء، من هم بأعمارنا، ان التلفزيون كان يقدم أسبوعياً عروضاً للموسيقى العالمية مثل سيمفونيات بتهوفن وأغنيات لـفرانك سينترا وغيره، وتوزعت بقية النسب بين الأعمال الدرامية العراقية والعربية والأفلام العالمية عالية المستوى، اذ كان تلفزيون بغداد يعرض كل يوم أربعاء فيلماً مختاراً في برنامج يحمل اسم " السينما والناس " تسبقه استضافة لإحدى الشخصيات المهتمة بالسينما للحديث عن الفيلم المعروض، وكان الرقم الأعلى في  بقية  نسب الاستبيان من حصة برنامج " الباليه " الذي كانت تقدمه  (مدام لينا) بمعية ورود عراقية غضة!
لقد كان التلفزيون والاذاعة والسينما والمسرح والمطبوعات الرصينة، ادوات ثقافية ومجتمعية، للمتلقي، فما الذي حدث لذائقتنا 
الثقافية ؟ ولماذا فقد الشباب عنصر المتابعة الثقافية واكتفوا بالدردشة عبر ( الموبايل ) وهي تأخذ من جرف اوقاتهم، من دون أن تعطيهم زادا ومعرفة، مجرد قتل للوقت، وهو اثمن ما في 
الوجود؟ 
 لم أجد جواباً، ربما لكوني غير متخصص بعلم النفس الاجتماعي وعارف ببواطن "الباراسايكولوجي"، لكن الذي استفزني جداً هذا الانحدار في الذائقة الجمعية العراقية، من المسؤول 
عنه ؟
لا أريد أن يرميني " البعض" بحجر، لادعائهم بأنني أطلب رقصة باليه على حساب ندوة فكرية، او فيلماً حائزاً على جائزة اوسكار على حساب ندوة لرجال السياسة، وما أكثرهم اليوم،  او أتهم بمطالبتي بعودة كامل الدباغ  الى الشاشة، فالرجل مضى الى بيته الدائم حيث مثواه الأخير، او أطالب المسؤولين بالذهاب الى الاستاذ مؤيد البدري لاستئذانه باستئناف برنامجه الشهير "الرياضة في أسبوع "  وهو قعيد المرض منذ سنوات، لا ارمي لهذا او ذاك .
ان الوعي بالذات، تبنى عليه خطوط المستقبل، فاذا كان هذا الوعي هابطاً، فان الوعي الجمعي سيكون واطئا، وهنا أسأل فقط، هل نحن راضون على ثقافة الجيل الجديد الذي يمشي بمساعدة عكازة من الوهن
الثقافي ؟.