الرئيس الشقاوة!

الصفحة الاخيرة 2021/02/02
...

حسن العاني 
لعل أهم انعطاف حاد في تاريخ أسرتي الاقتصادية والاجتماعية، حدث يوم 2/1/1965 عندما باشرت بوظيفتي معلماً في قرية (النهروان)، وهذا العنوان الوظيفي يرقى في منزلته العالية الى عنوان (رجل حماية)، وكان الراتب الذي أقبضه يعد أعظم مبلغ دخل ميزانية (أسرتي) المتعففة، ولكنني لم أفطن يومها الى هذا الانقلاب المفاجئ في حياتي، فقد كانت علاقتي بأفكار الرفيق كارل ماركس في ما يخص مفهوم الطبقة والتفاوت الطبقي شبه معدومة او معدومة بتعبير أدق، لان أفكار الرفيق جان بول سارتر كانت تلازمني بحيث قرأت (الوجود والعدم) ثلاث مرات ولم أفهم منه ثلاثة أسطر!.
تحت هذه الوقائع لبيت دعوة المشاركة في نادي نقابة المعلمين لكرة القدم، ناسياً او متناسياً ان راتبي (32) ديناراً، بينما راتب افضل لاعب في المنتخب لايزيد على (20) ديناراً، وان المجتمع والتلامذة يخاطبونني بمفردة (أستاذ) بينما يخاطب لاعب المنتخب باسمه المجرد، المهم بدأ الفريق يتدرب ويقيم مباريات ودية مع بعض الفرق الشعبية، وكان الفريق تحت إشراف شخصية ذائعة الصيت يومها، لاعلاقة لها بالتعليم ولا بكرة القدم، لانها محسوبة على (شقاوات) بغداد، وهو أمر ظل مثار دهشتني واستغرابي، ولم أسأل عن سبب اختيار رئيس للنادي من هذا النوع. 
عمد هذا الرجل الى زج فرقنا مع فرق رياضية عريقة لكي يتطور الأداء وتتبلور الخبرة، ومن هنا وجه دعوة الى احد الأندية العريقة – لا أذكر من اية محافظة – ولبى النادي الدعوة وأقيمت المباراة على نادي الكرخ الرياضي– اذا لم تخذلني الذاكرة – وادى فريقنا مباراة رائعة، واكد حضوره الجيد بالقياس الى حداثته، وإلى إمكانيات الفريق الخصم، انتهت المباراة الودية بفوز الضيوف بهدف واحد، ومثل هذه النتيجة في المعايير الفنية تعد خسارة لهم وفوزاً لنا، وقد كنا فرحين حقاً لأننا نجونا من خسارة كان يمكن ان تكون كبيرة ومذلة!
ماحصل بعد انتهاء المباراة هو ان رئيسنا الشقاوة غادر الملعب من غير أن يهنئ الضيوف بفوزهم، وكنا نسير وراءه وهو في أشد حالات الغضب ويدردم بصوت مسموع: اولاد الافاعي، ماغزر بعيونهم الاكل والشرب واجور السفر والفندق ومصروف الجيب، مع الأسف كلها ما غزرتْ، كان مفروض يخلونا نغلبهم، او نطلع متعادلين على الأقل، خسارة بيهم الفلوس! وتراجعت على الفور لكي اضحك من دون محاذير، وهو يواصل
دردمته.