تعدد الزيجات.. النساء مظلومات وظالمات

ريبورتاج 2021/02/03
...

   قاسم الحلفي
تعودنا على سماع مصطلح تعدد الزوجات، لكننا قليلا ما سمعنا بمصطلح تعدد الازواج، الذي كثر في الآونة الاخيرة في العراق بسبب كثرة حالات الطلاق، فهذه التجارب المتعددة مرت بها نساء كثيرات كانت اسبابها تعود الى الظلم الكبيرة، الذي يوقعه الاهل على البنت او التعسف، والجور الذي يمارسه الازواج على الزوجات فيلجأن الى الفرار عبر بوابة الطلاق، وسوء التصرف والأخطاء من قبل الزوجة، كلها تجارب كانت فيها النساء مظلومات مرة وظالمات مرة اخرى.


مغلوبة على أمرها
"رضعت القهر من طفولتي" بهذه الجملة اختصرت السيدة "س ص" حياتها ومظلوميتها عندما تقول "كنت كالوردة المتفتحة توا حينما ارغمني ابي القاسي بالزواج من ابن عمي، وكانت خلف هذا الزواج مكيدة دبرتها زوجة عمي، التي كانت على خلاف دائم مع أمي وطَلقت ابنتيها الاثنتين، وذهبت في يوم زواجي الى بيت عمي كأني اقاد الى مقصلة الاعدام، ولم يمضِ على زواجي ثلاثة أشهر حتى طلقني ابن عمي واتهمني زورا وبهتانا بأني لست باكرا، كل هذا من اجل ألا تطعن أمي بزوجة عمي وتتهمها بأنها "ام المطلقات"، مبينة ان "تجربتي الثانية في الزواج جاءت بعد سنوات قليلة، حيث خطبني صديق اخي الا ان حظي هذه المرة كان نوعا ما جيدا وكان وضعنا المادي صعبا وعشنا سنتين في اطمئنان وراحة، ولكن يد القدر كانت لي بالمرصاد، حيث استشهد زوجي بتفجير ارهابي بعد ان انجبت منه طفلا واحدا، وعدت بعدها الى المربع الاول.
 
تجربة أخرى فاشلة
تستذكر "س ص"  التجربة الثالثة الفاشلة التي ارتبطت بها بشخص متزوج ولديه اطفال، وكان الضغط هذه المرة من الأم ولم يسجل الزواج في دائرة الاحوال الشخصية المختصة، وبعد اشهر قليلة من الزواج كشر الزوج الثالث عن انيابه وكشف طمعه بها وباموالها، فهي أصبحت زوجة شهيد ولها راتب وتعمل موظفة ولها راتب اخر، فقام باخذ رواتبها واعطاها مصروفا يكاد لا يسد نفقاتها اليومية، واجبرها على ترك الشقة التي استأجرتها ونقلها للعيش مع امه ليسلب مبلغ الايجار، وبعد حاملها هددها بأن تكمل الحمل والولادة ويسجل المولود باسم زوجته السابقة، وهنا كانت النهاية فأسقط الجنين وحصل الطلاق.
 
قدموها هدية
الحالة الثانية غريبة نوعا ما، الا أنها موجودة في أسر متشددة منغلقة عن المجتمع تقول عنها "ح م" إن اخوتها ينتهجون فكرا متشددا ويعاملون النساء بطريقة تجعلهن مسلوبات الارادة، فأنا على سبيل المثال قدمني اخي المتشدد هدية الى "شيخه" وكان هذا لا يحمل شيئا من الرحمة او الشفقة، فقام بعد اسابيع قليلة بمحاسبتي على امور تافهة، ثم تطورت الأمور وأخذ يضربني مرات ومرات بعصا متوسطة السمك تسمى "شطب رمان" وأسقط جنيني وخنق حريتي ونفيستي، وعندما شكوت لأخي وأهلي منه أجابني أخي "شيخي على حق وانت تستحقين التربية"، موضحة انه منعها من الخروج من البيت، وكثرت المشكلات ولم تعد تتحمل فخرجت من داره الى بيت أهلها وكانت هذه الخطوة كفيلة بطلاقها.
 
نفق مظلم آخر
وتكمل حديثها بالقول " ثم اهداني اخي المتشدد مرة اخرى الى شيخ اخر له، وكان هذا ألعن من الأول ففرضت عليَّ قيود اخرى، منها عدم الذهاب الى بيت اهلي وحتى عندما توفى والدي أخذني وحدد لي ساعة واحدة للحضور في العزاء فقط، وكان عقيما واتهمني بالعقم وكان بخيلا بشكل لا يوصف، وعشت في جوع وحرمان وسجن ولولا زيارات امي المتكررة لي وجلب انواع الاطعمة لنا لكدت اموت جوعا، فشكوت لأهلي وردني أخي وبعد مشكلات عدة بيني وبينه ومواجهته بأنه عقيم طلقني واخذت حرية محدودة، لأني أعلم أن أخي سيهديني مرة اخرى.
 
الضربة الثالثة
سنة واحدة فقط  تنفست فيها "ح م " جزءا من الحرية حتى عاد اخوها ليضعها مرة اخرى في سجن التشدد، وزوجها لشخص من شاكلته  يتلبسه الشك، مبينة " فلا هاتف جوال عندي والتلفاز مختصر على قنوات فضائيات محدودة هو من اختارها ويوميا يتفحصها، خشية أن أكون قد أجريت بحثا وأضفت قنوات جديدة على قائمته، فانجبت له طفلا خفف ضغطه عني ورضيت بقسمتي ونذرت نفسي لهما.
 
السارقة
إمرأة اخرى كانت هي الظالمة في تعدد حالات طلاقها، تسرد قصتها احدى قريباتها بالقول كانت "أم المشاكل" هكذا اسمتها  تعمل في شركة أهلية براتب مجز وأعجب بها شاب فتزوجها، وعاشت مع أهل زوجها، ورغم ان لديهما راتبين يوفران لهما معيشة محترمة، الا انها تعودت منذ نعومة اظفارها على السرقة، فكانت تسرق من جيب زوجها وتنفق بإسراف على نفسها وصديقاتها  في شراء الملابس والعطور والاكسسوارات وتناول الاطعمة في المطاعم الفاخرة، ورغم شعوره بنقص الاموال، الا أنه كان يبعدها عن دائرة الشك، وبمرور الايام كانت أموال اهله أهدافا للسرقة، فكثرت حالات السرقة وزادت المشكلات واصبحت الاتهامات تطول الكثير من افراد الأهل، حتى ضبطتها ام زوجها بالجرم المشهود، فاختلقت مشكلة وتركت بيتها وذهبت الى بيت اهلها، وبعد تدخل اطراف من الاهل اعيدت الى البيت، ولم تصبر الا اسابيع معدودة حتى ضبطها والد زوجها متلبسة بسرقة مبلغ من المال من غرفة نومه، فانتهت قصتها بالطلاق.
وتستمر قريبتها بسرد تجربتها الثانية بالزواج بأنها استغلت جمالها، فتزوجت مرة أخرى من شاب موظف وانجبت منه طفلا، وانتهجت في زواجها الثاني طريقة اخرى عبر الاقتراض من المحال التجارية القريبة من سكنهم، مستغلة موقع السكن في شارع تجاري، فكانت تشتري بالآجل من محال الملابس النسائية والاطفال ومن صاغة الذهب والمواد الغذائية والفواكه والخضر، وكل محل تحتاج الى اشياء منه لتصل الديون الى الملايين، وتقوم بتسديد مبالغ قليلة من الديون المترتبة عليها، وثم تبدأ بالتذمر والشكوى من المنطقة والسكن والمضايقات التي تتعرض لها، فتجبر زوجها على الرحيل من تلك المنطقة والسكن في اخرى بعيدة عنها، وتترك الديون خلفها، واعادت الكرة مرتين، لكن في المرة الثالثة انكشف امرها وعلم الزوج بما فعلت في المنطقتين السابقتين، فما كان منه الا أن طلقها.
 
تهديد
لم تتعلم "ن ج" من تجارب الزواج الفاشلة التي كانت تفتح المجال لأهلها بالتدخل في حياتها وانتهت بالطلاق، فسقطت مرة ثالثة بتجربة فاشلة وتطلقت من جديد، ففي المرة الاولى كانت تطلع أمها يوميا على كل ما يدور في بيت اهل زوجها وحياتهم، ووصل الامر الى قدوم امها الى بيت اهل الزوج والتهديد والوعيد فمنعها زوجها أكثر من مرة، حتى اتصلت بأمها وكالت الأم الشتائم للزوج واهله، فضربها وطردها الى أهلها فحضر اخوتها وتعدوا عليه بالضرب وانتهى شوط حيتها الاول بالطلاق، وتركت طفلين انجبتهما مع زوجها الاول، وتزوجت مرة اخرى من شخص يملك محلا لبيع اكسسوارات الهواتف النقالة، كان يبحث عن فتاة موظفة ليتشاركا في تحمل اعباء الحياة، وانجبت طفلا، وبالطريقة نفسها نقلت لامها كل صغيرة عنه وعن عمله، فتدخلت الأم بحياتهما وطلبت من الزوج عدم الاعتماد على راتب بنتها، وانه ملزم بمعيشتها وطفلها وان راتبها اصبح لها وامها فقط، وكثرة المشكلات والعراك والتدخلات، وهذه المرة حاول اخوتها التعدي من جديد على زوجها في محله التجاري، لكنهم فشلوا بعدما تصدى لهم اصحاب المحال المجاورة واشبعوهم ضربا، فطلبت هي الطلاق وتنازلت عن جميع حقوقها حتى الطفل، وتطلقت من جديد.
 
ضياع
الشيخ علي الكناني يبين "ان الله  حدد في الزواج ما للزوجة من حقوق، كما اعطاها الحق في الزواج لمرات عدة بعد وقوع حالات الطلاق والوفاة للزوج، والزمها بحسن التبعل وعدم الوقوع بالمحرم وهي حالة صحية، مضيفا ان كثيرا من المتزوجين لا يفكرون جديا في تكوين أسرة، أهم أركانها الأطفال وكيفية تربيتهم والمحافظة عليهم، بل التضحية من اجلهم، لذلك نرى من تتطلق مرتين او ثلاثا تنجب عددا من الاطفال تشتتوا بين الازواج او الاهل، واصبحوا عرضة للضياع، وبين أن أسباب كثرة حالات الطلاق هو عدم معرفة الزوجين لحقوقهما، فضلا عن تدخل الاهل من الطرفين، وسوء الاختيار وعدم احترام الحياة الزوجية وسوء الخلق من احدهما، فالشرع يوجب على الزوجين الدفاع عن أسرتهما، وفي زماننا هذا هناك مؤثرات سلبية كثيرة ناتجة عن مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت.
 
تشجيع على الطلاق
يقول المحامي اسماعيل جاسم عباس إن "أهم اسباب حالات الطلاق هو تقبل الأسرة العراقية لفكرة طلاق ابنتهم، التي كانت سابقا تعده عارا أو على الأقل من الأسباب التي تسبب الاحراج للأسرة، تجعل الشباب يعزفون عن زواج اخت المطلقة أو بنتها، وهذا الأمر شجع الزوجات على طلب الطلاق عند وجود أي مشكلات في الحياة الزوجية او كان الوضع المادي للزوج سيئا"، كما ان "انتشار وسائل الإعلام والانترنت والتواصل الاجتماعي، جعل المرأة تعرف حقوقها عند الزوج واستغلت بعض الزوجات هذه الثغرة عند الرجل، فعلى سبيل المثال اذا كانت الزوجة تقيم عند أهل زوجها لعدم امكانية الزوج شراء أو ايجار دار منفردة، فأنها تفتعل المشكلات والخلافات وتذهب إلى بيت اهلها وتقيم فيه، ثم ترفع دعوى نفقة على الزوج، الذي يصبح في حيرة من امره، أما أن يطلبها للمطاوعة، وحينها يجب عليه أن يوفر لها بيتا مستقلا، واذا تركها عند اهلها يدفع لها نفقة من دون فائدة منها.